صحيفة "نيويورك تايمز" تكشف عن تمويل الرياض بمبالغ مالية كبيرة العملية السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لتدريب المقاتلين المعارضين للنظام السوري والتي أعطى أوباما الضوء الأخضر لها في 2013.
الدعم المالي السعودي وفق مسؤولين أميركيين سابقين مشروط بدور أساسي للرياض على طاولة المفاوضات السورية.
حين أعطى الرئيس الأميركي باراك أوباما موافقته على بدء تسليح وكالة الاستخبارات المركزية مقاتلي المعارضة في سوريا عام 2013 كانت الـ"سي آي أي" تدرك أن لديها شريكاً مستعداً لتمويل عمليتها السرية. ذلك الشريك ليس سوى السعودية التي موّلت بمليارات الدولارات خطة واشنطن لدعم المقاتلين المعارضين للنظام السوري والتي أطلق عليها الأميركيون تسمية "خشب الدلب" “Timber Sycamor”.
الاتفاق الذي لا يزال معمولاً به منذ ذلك الحين بمعزل عن الخلاف الأميركي السعودي حول الاتفاق النووي الإيراني، كشفت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" في سياق تحقيق عن آخر فصول علاقة التعاون الممتدة لعقود بين أجهزة الاستخبارات في واشنطن والرياض.
التحقيق الذي كشف عن مدى الشراكة السعودية في حرب الاستخبارات السرية ودعمها المالي المباشر استند إلى شهادات ومقابلات مع عدد من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين ومصادر في عدد من دول الخليج الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن اسمهم لأنهم ممنوعون من الإدلاء بأي تصريح حول البرنامج المذكور.
بحسب مسؤولين حاليين وسابقين في الإدارة الأميركية فإن الاتفاق يقضي بتوفير السعودية للسلاح ومبالغ كبيرة من الأموال مقابل قيام السي آي اي بتدريب المقاتلين وبالرغم من عدم الكشف عن حجم مساهمة السعودية، إلى جانب كل من قطر وتركيا والأردن، في البرنامج إلا أن التقديرات أشارت إلى بضعة مليارات الدولارات.
"نيويورك تايمز" عادت إلى ما قبل الاتفاق بعام حين ساعدت الاستخبارات المركزية الأميركية نظيرتها السعودية بقيادة الأمير بندر بن سلطان آنذاك على إتمام صفقة لشراء مئات أسلحة الكلاشينكوف من طراز "اي كي 47" روسية الصنع وملايين الطلقات من الذخائر من أوروبا الشرقية لصالح المقاتلين في سوريا.
لكن رغم ذلك ظلت "سي آي اي" في أغلب الأحيان على هامش ما كان يجري عند الحدود التركية السورية التي شهدت تدفقاً للسلاح والأموال من قبل دول خليجية باتجاه مسلحين عبر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من وجود ارتباطات لبعضهم بالجماعات المتطرفة كالقاعدة.
هنا تنقل الصحيفة عن مسؤولَين أميركيين سابقين أن الجنرال ديفيد بترايوس التقى في أواخر عام 2012 بمسؤولين استخباراتيين في عدد من دول الخليج في الأردن، وخلال اللقاء وجه بترايوس انتقاداً لهؤلاء لإرسالهم السلاح إلى سوريا دون تنسيق في ما بينهم أو مع ضباط السي آي اي في الأردن وتركيا.
بعد مرور أشهر على ذلك اللقاء أعطى أوباما الضوء الأخضر لبدء عملية "خشب الدلب" لتسليح وتدريب المقاتلين في قاعدة في الأردن بشكل مباشر. فكان الاتفاق على أن تقود السي آي اي عملية التدريب فيما الاستخبارات السعودية تقدم المال والأسلحة بما فيها صواريخ "تاو" المضادة للدروع.
وعلى الرغم من اعتبار أوباما الأمر بمثابة نقطة لصالحه في الكونغرس إلا أن الاتفاق أثار تساؤلات في أوساط بعض أعضائه حول الأسباب التي تجعل وكالة الاستخبارات بحاجة للمال السعودي في هذه العملية. وفق الصحيفة فإن السيناتور الديمقراطي رون ويدن كان من بين هؤلاء، والذي جاء في بيان صادر عن مكتبه "أن المسؤولين الأميركيين أعلنوا عن محاولة الولايات المتحدة من أجل بناء قدرات قتالية لدى القوى المعارضة للرئيس السوري لكنهم لم يكشفوا بالتفاصيل عن كيفية حصول ذلك والوكالات الأميركية المعنية أو الشركاء الذين تعمل معهم هذه الوكالات".
صحيح أن الاتفاق يأتي في سياق تعاون استخباراتي قديم لكن الجديد وفق "نيويورك تايمز" نقلاً عن بروس ريدل المحلل السابق في "سي آي اي" والباحث في معهد بروكينغز أن الدعم المالي السعودي هذه المرة، وبخلاف السابق، مشروط بأن يكون للسعودية "مقعد على طاولة المفاوضات وكلمة في جدول أعمالها".
.............
https://telegram.me/buratha