قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن المملكة العربية السعودية اتهمت لبنان بإعلان الحرب عليها، وربما احتجزت رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري رغما عن إرادته. ولكن أمام هذا الاستعراض للقوة، فإن المملكة ينحسر نفوذها، عندما يتعلق الأمر في التعامل مع الهدف الحقيقي الذي يغضبها من وراء كل ذلك، وهو حزب الله اللبناني.
يحظى الحزب بدعم إيران، وهو يهيمن على لبنان، وقوته تتصاعد في المنطقة يوما بعد يوم. في المقابل تستخدم السعودية نفوذها في لبنان، وتؤثر في الحياة السياسية لهذا البلد، بدءا من الاستثمار في المشاريع العقارية، وصولا إلى مساندة الكتلة السنية بقيادة سعد الحريري، الذي صدم لبنان بإعلانه الاستقالة من منصبه وهو في الرياض، وليس في بيروت.
ولكن ذلك الدور السعودي تضاءل، وانتقل إلى صراعات إقليمية، كما أن العلاقات الاقتصادية بين المملكة ولبنان تضاءلت. وأمام مواجهة الرياض انتقادات دولية فيما تعلق بمقاربتها المتشددة مع لبنان، فإن المملكة ستحاول جاهدة أن تضغط على بيروت، حتى تكبح جماح حزب اللهه.
ربما تتراجع السعودية مجبرة عن تهديداتها، وربما قد تلجأ إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية لتركيع لبنان، مثلما فعلت مع قطر لمحاولة إخضاعها، عندما فرضت عليها حصارا إقليميا منذ شهر حزيران/يونيو الماضي، إذ منعت الرحلات الجوية من وإلى الدوحة، وقطعت الطرق التجارية على ذلك البلد.
لكن مثل هذه الوسائل الخشنة قد يصعب تطبيقها، في ظل تراجع الحكومات الغربية عن دعم الرياض، فالغرب لا يريد مزيدا من الفوضى في المنطقة الممزقة، وهو يخشى من التطرف وعودة تدفق المهاجرين. إذن “زعزعة استقرار لبنان ليس من مصلحة أي كان وفق مسؤول غربي، قال إنه يعتقد أن السعوديين يلاحظون أنهم لا يستطيعون ملاحقة لبنان بأقسى مما هو عليه الأمر الآن، وإلا فإنهم سيكونون كمن يطلق النار على قدميه.
ويسود اعتقاد بأن الحريري أجبرته السعودية على الاستقالة. فالرياض فشلت على مدى ثلاث سنوات في حملتها العسكرية ضد الحوثيين في اليمن، حيث يعتقد أنهم يتلقون التدريب على اطلاق الصواريخ على أيدي عناصر حزب الله، وما اطلاق الحوثيين صاروخا بالستيا على الرياض إلا رسالة من طهران، التي نفت أي دور لها في ذلك. وقد أضحت لبنان مرة أخرى مركز مواجهة بين الخصمين المتنافسين السعودية وإيران. ومع الضغط الغربي المتصاعد والرفض الشعبي اللبناني، قد لا تكون السعودية قادرة على الدفع بسنة لبنان لمواجهة مسلحة ضد حزب الله.
في المقابل هناك دعوات من سياسيين لبنانيين بأن يلتزم حزب الله بدوره السياسي ويكون حزبا سياسيا لبنانيا، وإلا تعرض لبنان إلى عقوبات اقتصادية كما قال أحدهم، وذلك يمكن أن يكون مدمرا للبلاد، ولكن ليس لحزب الله، خاصة وأن لبنان ليست له ثروات طبيعية مثل قطر، يمكن أن يواجه بها العقوبات الاقتصادية.
ويرى محللون أن مصالح حزب الله المالية تتحرك خارج إطار النظام البنكي للبلاد، لذلك فهو لن يتأثر، مقترحين بأن أفضل شيء يمكن للسعودية أن تحصل عليه من الحزب يكون عبر المفاوضات، وذلك بإيجاد اتفاق يخفض عبره الحزب من حدة المواجهة في العلن، أما إذا أراد السعوديون إيلام لبنان اقتصاديا، وهو ما يستطيعون فعله، فلا يعرف كيف سيساعدهم ذلك على تحقيق هدفهم.
https://telegram.me/buratha