منذ أواخر عام 2015 تحولت قرية الزنبقي التابعة لمدينة دركوش بريف جسر الشغور غربي إدلب إلى مستوطنة تحوي أكثر من 5000 آلاف مسلح من الإيغور الصينيين (التركستان) الذين قدموا عبر الحدود التركية.
وتم تخصيص القرية كإحدى مستوطنات الإيغور بعد طرد أهاليها، والاستيلاء على منازلهم وأراضيهم، وتوزيعها على "المهاجرين" الذين وفدوا من الصين إلى سوريا عبر تركيا وحولوا القرية إلى مقر قيادة رئيسي يتبع له عدد من المستوطنات والمعسكرات الأخرى ويهيمن على جبهة تمتد من ريف اللاذقية الشمالي الشرقي مرورا بريف إدلب الجنوبي وصولا إلى ريف حماة الشمالي، على مساحة تضم عشرات الآلاف من المسلحين الصينيين وبعض التتار من آسيا الوسطى.
وأوضحت مصادر محلية في جسر الشغور لوكالة "سبوتنيك" أن القرية تشهد حاليا أكبر تجمع للمسلحين الأجانب التركستان والصينيين والإيغور في محافظة إدلب، حيث يقدر عددهم في القرية بحوالي 18000 مع عوائلهم، حيث تحولت القرية لمستوطنة يحظر على أي كان الدخول إليها، سواء من المسلحين الآخرين أو من أهالي المنطقة من المدنيين، حيث تخضع القرية لحراسة مشددة من قبل الصينيين الذين بنوا بمحيطها سورا حصينا قوامه معسكرات تدريب ومقرات عسكرية وأبنية لوجستية.
وأكدت المصادر أن المقاتلين التركستان يلقون في محافظة إدلب اهتماما ورعاية تركية خاصة، بسبب انتمائهم للقومية التركية، وتمتعهم بقدرات وخبرات قتالية عالية، إضافة إلى أنهم يدينون بالولاء المطلق لتركيا التي نقلت إلى معسكراتهم شحنات عديدة من الأسلحة التي تدخل للقرية ليلا عبر الحدود، حيث لا يخفى على أحد أن الأتراك زاروا القرية عدة مرات، وأن برج المراقبة التركي الحدودي لا يبعد سوى 200 متر عن القرية.
وقالت المصادر: منذ بدء الجيش التركي بنشر نقاط مراقبته بريف إدلب، وخاصة بجسر الشغور كثرت الزيارات التركية إلى القرية وتحديدا إلى معسكرات التدريب التابعة للتركستان بشكل علني، كما قامت تركيا في الآونة الأخيرة بنقل خزانات وبراميل على أنها تحوي " الكلور السائل لأغراض تعقيم مياه الشرب" من معمل أطمة عند الحدود التركية والمتخصص بإعادة تصنيع مادة الكلور، وسلمتها إلى معسكرات تابعة للتركستان، مرجحة أن يكون المقاتلون التركستان يحضرون لمجزرة كيماوية في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي المتاخم لجسر الشغور أو في ريف إدلب الجنوبي الغربي، لافتين إلى أن هذه المناطق هي ذات أهمية إستراتيجية قصوى بالنسبة لتركيا، الأمر الذي يزيد من احتمالية استخدام الإرهابيين التركستان للكيماوي بهدف خلق الظروف الدولية للوقوف في وجه العملية العسكرية التي يحضر الجيش السوري لشنها في المنطقة.
ويدين التركستان بالولاء لتركيا وهم يعتبرون أنفسهم بقايا الدولة التركية في آسيا الوسطى وشرق الصين قبل انحسارها مطلع القرن الماضي، وتتنازعهم مشاعر قومية عميقة بالانتماء إلى تركيا التي تعتبر ذاتها مرجعيتهم، وتستغل ولائهم القومي المجبول بـ "الديني" لاستخدامهم في تحقيق مآرب سياسية، ويساعد في ذلك عدم فهمهم للغة العربية، الأمر الذي يسهل تصويبهم نحو أهداف قد لا تتفق مع مخزونهم الأيديولوجي إلا أن أحدا منهم لا يعرف ذلك باستثناء بعض قادتهم المنخرطين في المؤسسة الأمنية التركية.
وأصرت تركيا فيما يبدو على تخصيص مستوطنات التركستان بالقرب مناطق التواجد التقليدي لشركاء لهم في الانتماء للقومية التركية وهم (التركمان) السوريون الذين يشكلون فصائل مسلحة تحت مسميات عدة أبرزها (الفرقتان التركمانية الساحلية الأولى والثانية)، وهؤلاء، بالإضافة إلى التركستان وجماعات تركية اخرى كـ"الذئاب الرمادية" كانوا رأس الحربة في احتلال شمال اللاذقية في مارس/آذار 2014، وفي ذلك الشهر، تم تأكيد أول معطى حول الاستعمال الممنهج للقومية التركية في الحرب على سوريا، حين قال أحمد الجربا متزعم الائتلاف السوري آنذاك، وهو يقف إلى جوار مجموعة من المقاتلين التركستان و(التركمان) على إحدى مرتفعات مدينة كسب على البحر المتوسط: "الآن.. سيعرف النظام السوري دور التركمان في الثورة السورية".
ولكن الشهر الفائت، وعندما حدث انفجار بالقرب من نقطة المراقبة التركية بريف جسر الشغور والذي كان سببه انفجار مستودع ذخيرة تابع للحزب التركستاني في المنطقة، انكشفت نقاط الترابط بين القوات التركية وبين الفصائل التركستانية حيث بات الأترك يستخدمون مستودعات التركستان لتخزين الأسلحة والذخيرة بعدة مناطق بريف جسر الشغور.
https://telegram.me/buratha