سوريا - لبنان - فلسطين

استفحال الثأر الباطل مؤشر لفوضى مجتمعية قادمة


 

د.علي حكمت شعيب* ||

 

لقد ازدادت في السنوات القليلة الماضية عمليات القتل والخطف والسرقة ...

وقد تصاعدت وتيرتها في الفترة الأخيرة مستفيدة من التربة الخصبة للأزمة الاقتصادية والسياسية التي يمر فيها البلد، لا سيما منها تلك العمليات الثأرية الخطرة المنطلقة من العصبوية العشائرية والعائلية، والمقتصة في الغالب من غير القاتل، أو ممن تظنه قاتلاً دونما إطار من قانون أو شرع يثبت القاتل وينظم عملية القصاص.

وهي إذا أردنا توصيفاً لها، فإنها دونما شك جرائم ترتكب بحق مجتمعنا ووطننا تعيدنا الى الجاهلية الأولى، متجاوزة كل التضحيات والجهود والدماء الزاكية التي بذلت لإخراجنا من ظلماتها، وهي إذ تنمي فينا النزاعات والأحقاد تبعدنا عن مواجهة الأزمات والتهديدات الوجودية الكبرى وتنشر الفوضى المجتمعية بإباحتها سفك الدماء بغير حق.

إن القاتل للنفس المحترمة هو قاتل للناس جميعاً.

"مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً"

 وعلى الناس أن تنكر فعله الفاحش هذا، وعلى الدولة التي ترعى حقوق الناس أن تقوم بواجبها لردعه.

وكأننا قد نسينا خطبة النبي الأكرم (ص) في حجة الوداع التي أودعها أهم الوصايا من مبادئ وسياسات يجب أن تسير وفقها الأمة:

"أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم عليكم حرام، الى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا"

إن هؤلاء الجهلة والسفهاء الذين يسعون لإحياء تلك التقاليد الجاهلية البائدة مستثمرين قصور وفي الأغلب تقصير الدولة ومؤسساتها الأمنية والقضائية عن محاسبتهم.

إنما هم فاسدون ومفسدون في مجتمعنا يجب عزلهم وإخراجهم منه، لأنهم قلة ضئيلة حتى في عشائرهم وعائلاتهم الكريمة التي ينكر أصحاب الرأي والرشد فيها، والذين يشكلون الأغلبية من رجالاتها، أفعالهم الشنيعة هذه، ويتأذون من تلك الاتجاهات السلبية التي يبنيها هؤلاء السفهاء تجاه بيئتهم العشائرية والتي تساهم في عزل عشائرهم الشريفة وفك عرى اندماجها المجتمعي مع سائر العائلات.

وفي هذا تفكيك لمجتمع المقاومة وضرب لأسس تماسكه وهو هدف لكل عدو للمقاومة وأهلها الشرفاء يندرج في إطار الحرب الناعمة التي تشن عليهم.

إن السبب الرئيس الذي يغري السفهاء من الناس بارتكاب هذه القبائح والفواحش هو الفساد في المنظومة الأمنية والقضائية للدولة الذي يعيق حركتها فيجعلها قاصرة ومقصّرة.

على كل حرّ وشريف وحريص أن ينكر هذا المنكر، وعلينا جميعاً دعوة الدولة للقيام بواجبها وأن نساعد النزيهين من مسؤوليها على محاربة الفاسدين والمقصرين، لا سيما أولئك الذين يعملون في الميدان الأمني والقضائي، ومعاقبتهم لكي يستقيم أمر الناس، وإلا فنحن ذاهبون بشكل تدريجي الى فوضى مجتمعية ذات تداعيات شديدة وثقيلة على بيئتنا ومجتمعنا.

 

   *أستاذ جامعي ـ الجامعة اللبنانية / لبنان ـ بيروت

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك