عدنان علامه ||
كادت الأمور أمس أن تفلت من عقالها بعدما وصل سعر صرف الدولار إلى عتبة ال 10.000 ليرة لبنانية. وهذا الإرتفاع الجنوني كان متوقعاً بعد تصعيد الرئيس الحريري من موقفه السياسي في ذكرى إستشهاد والده؛ حيث تراوح سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق الموازية بتاريخ 15 شباط الماضي8850 و 8900 مقارنة مع سعره يوم السبت 13 شباط 8830 و8870.
إلى جانب التصعيد السياسي للرئيس سعد الحريري هناك عدةَ عوامل ساهمت في رفع سعر الدولار :-
1- الطلب المتزايد للبنوك على الدولار في ظل عرض قليل جداً وصلدإلى درجة الشح في توافر العملة الخضراء وذلك بسبب تعليمات مصرف لبنان بضرورة تأمين سيولة بنسبة %20 من السوق المحلية بعدما رفضت المصارف إحضار الأموال التي هربتها إلى الخارج.
2- الضغوطات الخارجية في فرض الشروط لتأليف الحكومة إستجابة لأوامر البنك الدولي والدول المانحة.
3- تفرد البطرك الراعي بطرح آراء خلافية مع معظم المسيحيين قبل باقي مكونات المجتمع اللبناني ويحتوي طرحه على عدة مغالطات وتخدم التوجهات الخارجية لتخلق حالة من الفرقة الطائفية.
4- الأزمة السياسية الحادة في تأليف الحكومة ومحاولة تجاوز البروتكولات والأعراف التي تقضي بتمثيل الكتل الفائزة في الإنتخابات بحسب نسبة فوزها.
5- الدولة العميقة في لبنان هي السبب في كل المشاكل الرئيسية بسبب التدخل في كل صغيرة وكبيرة في الحياة السياسية اللبنانية فعلى سبيل المثال لا الحصر:-
1-5 استدعاء القاضي محمد مازح بعد منعه وسائل الإعلام اللبنانية من نشر تصريحات السفيرة الإمريكية التحريضية المهددة للسلم الأهلي في لبنان.
2-5 منع محاكمة المصارف اللبنانية لتمنعها من دفع مستحقات المودعين. وأصدر المدعي العام المالي إبراهيم قراراً بمصادرة كافة أموال المصارف المنقولة وغير المنقولة حفاظاً على حقوق المودعين. ولم تدم فرحة المودعين لحظات حتى جاء قرار التمييز مانعاً من تنفيذ الحكم.
3-5 منع تنفيذ قرار الدولار الطالبي في تحد.ٍ واضح لسلطة مجلس النواب.
4-5 المزاجية في إستدعاء تفجيرات المرفأ كإستدعاء رئيس حكومة تصريف الإعمال ربعض الوزراء وغيره علماً بأن المستندات تشير بوضوح لا لبس فيه حول من أمر بإفراغ الباخرةُ والظروف التي سمحت ببقاء المواد المتفجرة. والأهم هو من سمح بتخزين عشرات الأطنان من المفرقعات في نفس العنبر رقم 12 والتي كان إنفجارها هو السبب الرئيسي للكارثة التي أصابت كل اللبنانيين. فقد عمل إنفجار هذه المفرقعات كصواعق فجرت الأطنان المتبقية من نيترات الأمونيوم.
5-5 تغطية عدم تسليم هاتف المغدور لقمان سليم للمساهمة في كشف الحقائق لإبقاء الإتهام في دائرة ضيقة وإستغلالها.
6-5 عرقلة تقديم شكاوى ضد إعتداءات العدو الصهيوني شبه اليومية على سيادة لبنان. وآخرها مسؤولية تلويث المياه اللبنانية في الجنوب لمساحات شاسعة والتي تهدد الحياة البحرية والبيئية لعشرات السنين.
هذا غيض من فيض الدولة العميقة في لبنان والتي تتحمل كل ما يجري في لبنان لإرتباطاتها الخارجية.
ويبدو أن ذاكرة اللبنانيين أصبحت كذاكرة السمك. فقد كان التهديد الأمريكي بإفقار لبنان واضحاً وضوح الشمس على لسان الكاذب بومبيو وشهادة فيلتمان الشهيرة :" لبنان أمام الفقر الدائم أو الإزدهار المحتمل" حتى الإذعان للشروط الأمريكية.
هذا من ناحية؛ ومن ناحية أخرى فقد بشرتنا أواخر الشهر الماضي جريدة الاندبندنت البريطانية: "لبنان على حافة الانهيار الكبير".
فقد نشرت صحيفة بريطانية بتاريخ 27-02-2021 تقريراً بعنوان "إنفجرت بيروت قبل ستة أشهر، ولبنان الآن على حافة الانهيار" مشيرة إلى أن البلاد ذاهبة إلى الانهيار الشامل والتام.
وذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن "البلاد تتجه نحو الانهيار التام، بينما ترزح تحت وطأة أزمة ثلاثية الأطراف: في أعقاب الانفجار الذي ترك مساحات شاسعة من العاصمة تحت الأنقاض، وزيادة غير مسبوقة في حالات الإصابة بفيروس "كورونا" التي طغت على نظام الرعاية الصحية، وانهيار مالي دفع أكثر من نصف البلاد الّتي يبلغ عدد سكانها 7 ملايين نسمة إلى ما دون خط الفقر".
فقد جاء الإنهيار سريعاً جداً وفق قراءة الإندبنت. والمطلوب حالياً لإنقاذ لبنان:-
1- تدوير الزوايا لتأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن.
2- وقف طرح المشاريع المشبوهة.
3-إصلاح القضاء والبدء بمحاكمات ملفات الفساد لإستراداد المال المنهوب والموهوب دون وجه حق.
4-إعادة النظر بصلاحيات حاكم لبنان المطلقة والإستثناىة التي حصل عليها بموجب القوانين المرعية الإجراء.
الوضع في لبنان خطير جداً ،فقد فشلت أمريكا في سرقة حراك 17 تشرين وإنكشف دورها الخبيث في تمويل سارقي الحراك بعشرات مليارات الدولارات؛ ولكن هذا لم يمنعها من اللعب على المكشوف مجدداً بلقمة الناس لتحقيق ما بدأته الإدارة الأمريكية وبشرتنا به كوندي في العام 2006 "بالفوضى الخلاقة“.
فالحذر من اللعب بالنار والنفخ بها
وإن غداً لناظره قريب
03/03/2021
https://telegram.me/buratha