أ.د علي حكمت شعيب ||
من يقرأ ويتتبع نشوء الحريرية السياسية في لبنان وسلوكها في الساحة المحلية والإقليمية يخلص الى أنها قد استمدت سبل بقائها من سببين رئيسيين:
أولهما- راعيها الإقليمي المتمثل بالسعودية بما لديه من عمق عربي ودولي.
ثانيهما- استثمارها للتعاطف الشعبي إثر مقتل الرئيس رفيق الحريري ووعدِها قواعدها الشعبية بمحاسبة مرتكبي هذه الجريمة.
فكانت المحكمة الدولية التي أنشأها المحور الامريكي عام ٢٠٠٩ م، بما لديه من نفود كبير في مجلس الأمن الدولي، ليستخدمها كأداة في وجه محور المقاومة محيياً بها الحريرية السياسية بشكل مستمر.
اليوم تبقى المحكمة من دون تمويل، وما يثير الانتباه عدم صدور بيانات تتعهد تمويلها من دول المحور الأمريكي الراعية لها، في خطوة لها دلالتها التي تفيد أن الاستثمار بها قد أشرف على نهايته.
الأمر الذي سيؤثر سلباً على الحريرية السياسية لفقدانها أيضاً داعمها الإقليمي جراء تورطها في قضايا داخلية سعودية مرتبطة بالتنافس على الحكم بين الأمراء، ويدخلها الى مرحلة من الوهن الشديد تليها مرحلة الولوج الى الموت السريري.
السؤال الذي يطرح نفسه على أي أساس متين يستند الرئيس المكلف سعد الحريري لتعطيل البلد وزيادة حدّة أزمته الاقتصادية عبر تأخير التأليف.
إنه لأمر يدعو الى العجب أن يناور المرء في حركته التفاوضية وهو غير مدرك لنقاط قوته التي تضاءلت.
والأعجب منه من يصرّح من السياسيين إما الحريري لرئاسة الحكومة أو الانهيار، وكأن البلد يُختصر في نظره برجل يترأس تياراً سياسياً لبنانياً قد أبدع فساداً في إرهاق بلده وخزينته.
إن العاقل البصير لا يرى أنه من المجدي استمرار الرهان على الحريرية السياسية لإنقاذ البلد والنهوض به، بعد أن خسرت دعائمها القوية وباتت كلمتها متفرقة بين الرئيس سعد الحريري واخيه بهاء وحليفه السابق الوزير المشنوق.
يجب على المسؤولين السياسيين الرسميين المبادرة فوراً الى بدائل أخرى ذات فعالية وكفاءة.
فالناس لن ترحمهم بعد اليوم إن هم تأخروا في استنقاذهم عبر حكومة مقتدرة تعالج أزماتهم وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية.
أستاذ جامعي ـ الجامعة اللبنانية ـ بيروت
https://telegram.me/buratha