أ.د علي حكمت شعيب *||
تشتد الأزمة الاقتصادية على الناس في لبنان، وتتعثر المبادرات الحكومية للعلاج بين مسؤول يستقيل من واجباته متمسكاً بسند تصريف الأعمال وهو لا يصرّفها، وآخر مسوّفاً غير مبالٍ متكئاً على تفويضه تأليف الحكومة وهو لا يشكّلها.
ويسود بين هذا وذاك جو من الارتباك والضبابية وانعدام الشعور بالمسؤولية عند من يستمسك، أثناء التفاوض على التأليف، بكامل الصلاحيات الممنوحة لطائفته في ظل منظومة متهالكة أوصلتنا طائفيتها السياسية الى الدرك الأسفل من الانحدار الاقتصادي.
كأن هؤلاء يعيشون في واقع غير الواقع وينأون عن معاناة الناس جراء تداعيات الأزمة في أمنهم الغذائي والصحي ولاحقاً في أمنهم العام.
وسط هذه الظلمات يخرج نور من المخلصين الأحرار ليستنقذ الناس مقترحاً بدائل واقعية قابلة للتنفيذ.
تحتاج الى قادة يتحلون بالحكمة والشجاعة والعزيمة وقوة البصيرة والإرادة من أجل السير في طريق تنفيذها.
فيسكت عنها المسؤولون الرسميون وينبري آخرون من المتربصين من تحالف ١٤ آذار البائد للتحذير منها، ليعدوا اللبنانيين بالمزيد من العقوبات إن هم ساروا بها، في خطوة تعكس تنسيقاً مع السفيرة الأمريكية التي تزورهم بشكل مستمر موزعة عليهم مهامهم في خطة إطباق الحصار الاقتصادي على لبنان.
إنه لمن المخجل والمعيب حقاً أن يخوّف أحدهم من استيراد البنزين والمحروقات من إيران وبالليرة اللبنانية لتخفيف الضغط على دولار المودعين، ورفع قيمة العملة الوطنية، وتعزيز سبل المقايضة مع إيران وتشجيع الصادرات اليها.
وذلك بحجة أن الأمريكي لن يعطينا حبة دواء إن تم تخزينه في مستودعات الدولة أو سيكيل العقوبات على الشركات التي ستشتريه.
من دون أن يقدّم أي بديل آخر جدير بالدراسة في سبيل علاج تداعيات الأزمة.
وكأنه وأمثاله الذين يحذرون من ذلك أوصياء على حسن تنفيذ الحصار أكثر من الأمريكي نفسه.
لهؤلاء نقول إن لم تسمح امريكا بالدواء، فالطريق الى الشرق مفتوح.
وإن لم يكن هناك مستودعات لتخزين المحروقات فمن يأت بها يبنِ لها مستودعاتها.
وإن كنتم بذلك تريدون توسعة قواعدكم الانتخابية فإنكم واهمون لأنكم ستضطرون الى التوسط لدى من تأتمرون به من السفراء لتأخذوا تأشيرات للهجرة لأتباعكم المنهكين.
فقليل من التعقل أفضل من كثير من الانفعال.
وإن ظننتم بذلك أنكم تخدمون مصالح أمريكا فإن رائحتها النتنة جراء حصارها لبنان قد أزكمت أنوف اللبنانيين وقززت نفوسهم ولن تغسلها مساعدات وكالات تنميتها وسياسات دبلوماسيتها.
وإن نأيتم بأنفسكم عن الشرف ورضيتم بالذل فتلك طريقة العبيد الأقزام التي لن يرضاها أي لبناني عزيز كريم النفس.
* أستاذ جامعي ـ الجامعة اللبنانية ـ بيروت
https://telegram.me/buratha