سوريا - لبنان - فلسطين

لبنان و ألارادة والاستقلال و السيادة : يربحُ عسكرياً و يخسر سياسياً .


 

                  د.جواد الهنداوي ||

 

       سفير سابق /رئيس المركز العربي الاوربي

       للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل .

                       في ٢٠٢١/٦/٢٢.

          أمرّان مترابطان و اساسيان  يمّيزان لبنان و دول المنطقة . و اقصد في دول المنطقة ، الدول العربية ، وخاصة الواقعة في غرب اسيا وكذلك تركيا و ايران . الامر الاول هو أنَّ هذه الدول حاضنة للملفات الساخنة او الشائكة اقليمياً و دولياً و أممياً ، والامر الثاني هو انها في تناقض فيما بينها تجاه تعريف و تطبيق مفاهيم الارادة والاستقلال و السيادة  ، وكذلك هي تختلف عن دول العالم ازاء تعريف وتطبيق هذه المفاهيم .

      هذان الأمران يكفيّان بجعل دول المنطقة هدفاً استراتيجاً للعُبة الأمم والقوى الكبرى ، من اجل ان تكون هذه الدولة او تلك الدولة مساعداً و معيناً لهيمنة او لسيطرة او لنفوذ قوة او دولة عظمى . وهذا الواقع او المشهد السياسي الذي تعيشه دول المنطقة هو سبب بجعل بعضها فاقداً للامن والاستقرار والتنمية .

     لنترجمْ ما كتبناه اعلاه الى افكار و استنتاجات ، و مستعينين بوقائع و بشواهد نعيشها في بعض دول المنطقة . لنأخذ حالة جمهورية لبنان و ما يعانيه من واقع سياسي و اقتصادي و اجتماعي خطير ، و دالٌ ،في ذات الوقت على غياب ايّ تطبيق و اعتبار لمفاهيم الارادة و الاستقلال و السيادة .

    يبدوا أنَّ السلطات السياسية في لبنان ، والمتمثلة في مجلس النواب و الحكومة و غيرهما ، مهتمة بأرضاء الارادة الامريكية اكثر من اهتمامها بارادة الشعب اللبناني ،الذي تمثّله . ازاء معاناة الشعب اليومية وحاجاته الاساسية ، تهملُ السلطات كل الاقتراحات و الحلول القادرة على انهاء او تخفيف معاناة الشعب ،  لأنَّ هذه الحلول لا تحضى بالموافقة الامريكية  .  لو كان مجلس النواب في لبنان يمثلُ حقاً ارادة الشعب اللبناني و حريص على انهاء معاناة الشعب اللبناني ، كان بأمكانه الانعقاد و اتخاذ قرار بمطالبة الحكومة بالتعاقد ،وبالشروط التي في مقدور الحكومة اللبنانية الالتزام بها ،مع الدول المستعدة في مساعدة لبنان بالخروج من الازمة ( روسيا ،ايران ،الصين ) .

    التحديات التي تواجهها لبنان تكشفُ لنا بأنَّ بعض اعضاء المجلس النيابي اللبناني رهينة لاحزابهم السياسية ، وللارادة الخارجية ، ولا يمثلوا الشعب ، ويدركون تماماً بأنَّ الارادة الخارجية هي التي تحول دون حلول الازمة ، وهي التي تمارس الحصار وتفرض العقوبات .

    التحديات تكشف لنا ايضاً بأنَّ ما يحققه لبنان من انتصارات عسكرية وقوة ردع تعزّز استقلاله وسيادته ، تتبدّدْ بمواقف التخاذل و الانبطاح السياسي . اي ، ما يربحهُ لبنان عسكرياً يفقدهُ سياسياً : يربح لبنان ،بفضل المقاومة ، العزّة والكرامة والاستقلال والسيادة ، ويخسرُ هذه المقومات بسبب سياسة الانصياع و الارتهان للارادة الامريكية ، المُصرّة على تجويع و اذلال الشعب و حرمانه .

      المشهد اللبناني ،وبهذا الحال ( الانتصار  عسكرياً  و التخاذل سياسياً ) يُقّدم نموذجاً يسّرُ العدو ويُغيض الصديق ؛ ما لا يحققّه العدو بالسلاح وبالدم ، ينجزهُ بالسياسة ،من خلال تفعيل الحصار و العقوبات والتهديد و الابتزاز ، والاعتماد على قوى سياسية تتبنى ،ليس ارادة الشعب ، وانما ارادة الصديق الامريكي و الاسرائيلي .

     ما يكابده الشعب اللبناني ليس صبراً ، يؤجرْ عليه ، وانما انتظاراً يُلامْ عليه ؛ انتظار يقوده ليس الى نصر ، وانما الى احتضار ، بدايته خسارة ارادة الشعب و الارتهان الى الارادة الصهيونية ، وخسارة الاستقلال و السيادة .

      ما الفرق بين قطاع غزّة ،المحروم من الوقود والكهرباء ، والمحاصر بموانع ( وليس بمعابر حدود ) ، وبمنافذ مُوصدة ،  و شعب جمهورية لبنان المحروم هو الآخر من الوقود والكهرباء ؟ 

     الفرق هو ان القطاع يملك ارادة سياسية قادرة على جلب الوقود والممنوعات عن طريق الانفاق ،ان تعذّر تمريرها عبر المنافذ و المعابر ، ولبنان يملك المعابر و المنافذ ، و تُقّدمْ له عروض مُغريّة ، ولكنه لا يمتلك القرار السياسي لتمرير الوقود وما يحتاجه لشعبه من خدمات و مستلزمات اساسيّة .

  أصابَ الشاعر صفي الدين الحلي حين قال : 

    لايمتطي المجد مَنْ لم يركبْ الخطرا 

    و لا ينال العُلا مَنْ قدّمَ  الحذرا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك