عدنان علامه ||
7- غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي
قبل تناول المواضيع السياسية المثيرة للجدل التي يتناولها غبطته بحماسة شديدة في نفس الوقت الذي يتجاهل الوضع الإقتصادي الكارثي على معظم اللبنانيين ونقص الدواء والمحروقات؛ لا بد من إلقاء النظرة على الكنيستين الشرقية والغربية والتاثير السياسي الدولي عليهما.
بات البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أهمّ من أي رئيس جمهورية في العالم، من حيث الإسناد الفاتيكاني والغربي الذي يحظى به على مستوى الملف اللّبناني، والذي يُنتظَر أن يزداد كثيراً بعد مدّة بحسب عدد من المراقبين، برزت زيارة مهمّة أمس قام بها ممثّل البطريرك كيريل (بطريرك موسكو وسائر روسيا) الى بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، في دمشق.
فبموازاة توسّع الدّور الفاتيكاني على السّاحة اللّبنانية، ومن خلالها في الشرق، بمعيّة الجدل القائم في لبنان حول التوجّه شرقاً، يكون من الطبيعي أن تسعى روسيا الى دخول المشهد اللبناني، لا سيّما أن الأرثوذكس عموماً، وحتى أولئك الذين ينتمون الى المنظومة الأميركية والغربية في لبنان، على مستويات مختلفة، يحبّذون الشرق الروسي تحديداً، لا الصيني أو الإيراني.
وقد وجدت موسكو أمامها نفوذاً فاتيكانياً تاريخياً قوياً في لبنان، يدعو اللّبنانيين الى التحاور مع الولايات المتحدة الأميركية، ومع “صندوق النّقد الدولي”، ومع المجتمع الدولي، لإيجاد مخارج للأزمة اللّبنانية، وهو ما سمعه وزير الخارجية ناصيف حتي من وزير الخارجية في حاضرة الفاتيكان، الكاردينال بول ريتشارد غالاغر.
ويبقى التصارُع السياسي بين الأميركيين والغرب من جهة، والروس من جهة أخرى، على محاولة الحصول على وجود أكبر في المنطقة، ولا سيّما في لبنان وسوريا، كحرب وجودية على المستوى الإقتصادي تحديداً، وهو ما سيكون له تأثيره بالتأكيد على حركة الكنيستَيْن المارونية والأرثوذكسية، وعلى عمل الفاتيكان، ولكن في شكل لا يمسّ بالعلاقات بين الكنائس في شكل مباشر”.
وعن بقاء تأثير الفاتيكان في حلّ الأزمة اللّبنانية أكبر من تأثير الكنيسة الروسية، لأسباب تاريخية، وهو ما يعني أن لا منافس فعلياً للبطريرك الراعي في العمل على الملف اللّبناني، أجاب الراعي:”بالطبع، وهذا يعود الى أن البطريرك الماروني هو المسؤول الرسمي من قِبَل الفاتيكان، عن دور الكنيسة الكاثوليكية الجامعة في لبنان، وهو ما يعطيه الهامش الأوسع في العمل على الملف اللّبناني”.
وبناءً على هذه المقدمة فقد تبنى غبطة البطريرك الراعي أجندة عمل الإدارة الأمريكية كما هي، وعرضها كلها في موعظة واحدة يوم الأحد بتاريخ 21 آذار/مارس 2021 وظل يرددها في المواعظ اللاحقة وساذكر أهم العناوين :-
1- الغمز باتجاه سلاح حزب الله
وأكد البطريرك أن لبنان قدم الكثير للعرب وللعالم، فلا يجوز أنْ تجافوه وتقاطعوه وتقاصوه وتربطوا مساعدة الشعب بمصيرِ الحكومة أو الرئاسة أو السلاح غير الشرعي أو أي قضية أخرى، مطالبا بفصل السياسة عن الإنسانية.
2- تبني تشكيل حكومة تكنوقراط
كما شجع البطريرك جميع المبادرات والمساعي على خط تأليف الحكومة وأمل أن يسفر اللقاء غدا بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف عن نتيجة إيجابية، فتتشكل حكومة إنقاذ تضم اختصاصيين مستقلين ووطنيين.
3- إنهام بعض الأطرف دون تسميتهم بتغيير النظام والسيطرة على السلطة والبلاد
وأكد أن تأليف حكومة للبنان فقط، وللبنانيين فقط، لا يستغرق أكثر من أربع وعشرين ساعة، مشددا على أن إذا كان البعض يريد تحميل الحكومة العتيدة صراعات المنطقة ولعبة الأمم والسباق إلى رئاسة الجمهورية وتغيير النظام والسيطرة على السلطة والبلاد، فإنها ستزيد الشرخ بين الشعب والسلطة، وستؤدي إلى الفوضى، والفوضى لا ترحم أحدا بدءا بمفتعليها.
4-الحياد
كما شدد أن الحياد هو الحل الوحيد لمنع جميع أشكال التقسيم والانفصال والحكم الذاتي، ولتحقيق سيادة الدولة داخليا وخارجيا.
5-الدعوة لمؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة
أما في ما يخص المؤتمر الدولي الخاص بلبنان، فاعتبر أن الغاية منه شفاء لبنان من معاناته الناتجة عن نقص وتحوير في تطبيق وثيقة الوفاق الوطني، والدستور.
6- الدعوة لتشكيل حكومة أقطاب إنقاذية تنتشل لبنان بدلاً من حكومة تكنوقراط
دعا غبطة البطريرك الراعي بتاريخ 02 حزيران/يونيو 2021 إلى تشكيل حكومة أقطاب إنقاذية تنتشل البلد؛ وجاء هذا الموقف عقب زيارته لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأدان الجهات التي توجه الاهانات إلى فخامة رئيس الجمهورية.
هذه من أهم المواقف السياسية التي تبناها غبطته والتي بمعظمها يحتاج إلى إجماع وطني للمضي فيه. ولا أدري كيف يثق غبطته بالأمم المتحدة ان تكون حكماً في لبنان وآخر فضائحها كان بتصنيف الشعب اليمني وأنصار الله ضمن اللائحة السوداء لمنتهكي حقوق الطفولة في الوقت الذي تتماهي فيه الأمم المتحدة مع تحالف العدوان منذ أكثر من ست سنوات. وقد شهدت قتل وانتهاك حقوق الأطفال في تجاوز لكل الأعراف والمواثيق والمعاهدات وقيم الإنسانية. بينما تناست الأمم المتحدة حصار الشعب اليمني براً،بحراً وجواً؛ كما تجاهلت حجز سفن المشتقات النفطية والدواء والغذاء إلى ميناء الحديدة والتي تحمل تصريح الأمم المتحدة.
ولا ننسى فضيحة تيري رود لارسن الذي اخترع الخط الأزرق كخط إنسحاب للعدو الصهيوني بدلاً من الحدود الدولية المعترف بها؛ ليحتفظ العدوان بمساحات كبيرة من المناطق الإستراتيجية اللبنانية.
ويبدو أن غبطته لا يتذكر كيف طلب مندوب الأمم المتحدة في سوريا ستيفان دي ميستورا وبكل وقاحة من وزير الخارجية السوري المرحوم وليد المعلم ان تتخلى سوريا عن سيادتها على حلب وتمنح الإدارة الذاتية للمسلحين فيها.
فأي عدل يتوخى غبطته من الأمم المتحدة وهي ليست بجهة ذات مصداقية وعدالة؛ ففاقد الشيء لا يعطيه.
وإن غداً لناظره قريب
https://telegram.me/buratha