عدنان علامه ||
يتشدق بعض السياسيين بالسيادة اللبنانية؛ بل ويعلنون بناء على التعليمات الأمريكية أن لبنان تحت وصاية إيران والحكومة في لبنان هي حكومة حزب الله. وجاءت الأحداث لتثبت بأن لبنان هو تحت الوصاية الأمريكية، الفرنسية والسعودية وهم من يقررون الحكومة وشكلها وكل شيء في لبنان.
هذا ليس بتحليل وإنما إعتراف صريح بالتدخل في الشأن الداخلي اللبناني وعلى لسان سفارتي الوصاية الجديدة على لبنان:-
تتوجّه السفيرة فرنسا في لبنان، آن غريو، إلى جانب سفيرة الولايات المتحدة في لبنان، دروثي شيا، يوم الخميس الواقع في 8 تموز 2021، إلى المملكة العربية السعودية، للقاء عددٍ من المسؤولين في المملكة، وفق ما صدر في بيانين لكل من السفارة الأميركية والفرنسية في لبنان.
فجاء في بيان السفارة الأميركية إن:" السفيرة شيا ستشرح خطورة الوضع في لبنان وسوف تؤكد على أهمية المساعدة الإنسانية للشعب اللبناني، فضلاً عن زيادة الدعم للجيش وقوى الأمن الداخلي." ويركز البيان على التنسيق بين السفيرة الأميركية والسفيرة الفرنسية والسفير السعودي لمواصلة العمل على تطوير الاستراتيجية الدبلوماسية للدول الثلاث التي تركز على تشكيل الحكومة وحتمية إجراء الإصلاحات العاجلة والأساسية التي يحتاجها لبنان بشدة.
وقال بيان السفارة الفرنسية:" ستشرح السفيرة الفرنسية خلال لقاءاتها بالسعودية بأنه من الملحّ أن يشكلّ المسؤولون اللبنانيون حكومةً فعالة وذات مصداقية تعمل بهدف تحقيق الإصلاحات الضرورية لمصلحة لبنان، وفقاً لتطلّعات الشعب اللبناني. وستعرب مع نظيرتها الأميركية عن رغبة فرنسا والولايات المتحدة في العمل مع شركائهما الإقليميين والدوليين للضغط على المسؤولين عن التعطيل. وستشدّد السفيرة الفرنسية أيضاً على تعزيز المساعدات الإنسانية الفرنسية المقدّمة مباشرة للشعب اللبناني وللقوات المسلحة اللبنانية ولقوى الأمن الداخلي التي ستستمر فرنسا والولايات المتحدة بدعمها.
ووفق ما جاء في بيان السفارة الفرنسية فإن الزيارة تأتي استكمالاً للقاء المشترك الذي عقد بين وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان ونظيره الأميركي أنطوني بلينكن مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الذي انعقد في إيطاليا في 29 حزيران الفائت، على هامش قمة مجموعة العشرين. وسبق لجان ـ إيف لودريان وأنتوني بلينكن أن أشارا معاً في باريس في 25 حزيران إلى عجز القادة السياسيين اللبنانيين، حتى الآن، عن تغليب المصلحة العامة للبنان على مصالحهم الخاصة. كما واتفقا على ضرورة أن تعمل فرنسا والولايات المتحدة معاً لإخراج لبنان من الأزمة.
وأخيراً اعترفت كل من أمريكا وفرنسا بأنه من المستحيل تغييب دور السعودية في تشكيل الحكومة في لبنان؛ ولهذا السبب تأخر فرض تشكيل الحكومة بالشروط الأمريكية الفرنسية مع تغييب كلي لدور السعودية، والتي بدورها تعلم يقيناً مدى التدخل الأمريكي والفرنسي بفرض حكومة على الشعب اللبناني وخلافاً لإرادة معظم الشعب اللبناني.
ولا بد من الإشارة بأن هناك خرق فاضح لسيادة لبنان والتدخل العلني في شؤونه الداخلية؛ ولمعاهدة فيينا التي تنظم علاقة عمل السفراء في أي بلد. فسفر سفيرتي أمريكا وفرنسا في لبنان يعتبر سابقة لا مثيل لها في تاريخ العمل الديبلوماسي. إذا لا يحملان أي صفة رسمية في السعودية لمعالجة شؤون لبنان الداخلية وليتفقوا على فرض حكومة على الشعب اللبناني خارج الأعراف والتقاليد المعمول بها منذ إعلان إستقلال لبنان.فامريكا وفرنسا أهانتا السعودية وقللتا من قدرها بإرسالهما موظفتين في وزارة خارجية كل من البلدين. وهذه المهمة يتولاها عادة وزير خارجية كل من أمريكا وفرنسا. وكان من الأجدر بالسعودية للحفاظ على هيبتها ومكانتها أن تعيد السفيرتين من حيث أتيا دون ان تطأ اقدامها المطار. ولكن يبدو أن السعودية تتعرض أيضاً للإبتزاز الأمريكي الفرنسي ولا تستطيع معارضتهما.
إن هذا التدخل الأمريكي الفرنسي السافر في الشؤون اللبنانية مرفوض رفضاً كلياً وعلى أمريكا وفرنسا ان تفهما بأن عهد الوصاية والإستعمار قد ولى إلى غير رجعة. ومحاولة تنفيذ العقاب الجماعي على الشعب اللبناني قد إرتد سلباً على أمريكا وفرنسا. فبومبيو بوقاحة لا مثيل لها هدد لبنان حكومة وشعباً خلال تواجده في لبنان في شهر آذار بالفقر الدائم، وأتحفنا السفير السابق في لبنان جيفري فيلتمان بمقولته :" بأن على لبنان ان يختار بين الفقر الدائم أو الإزدهار المحتمل إذا لم يتم تلبية الشروط الأمريكية".
بعد أن أصبح واضحاً أن الإنتداب الأمريكي الفرنسي السعودي هو من يتحكم بتشكيل الحكومة اللبنانية؛ وبذلك يصبح رئيس الحكومة مكبلاً بشروط سلطات الإنتداب والتي لن تلبي طموحات اللبنانيين.
فوضع الرئيس الحريري صعب وحرج جداً. فهل سيتحرر من القيود ويقلب الطاولة على سلطات الإنتداب ويقول لهم "لبنان أولاً" ويحافظ على الوحدة الداخلية؛ أو يقبل بشروط سلطات الإنتداب ويكون أداة طيعة في يدها للقضاء على العيش المشترك وإدخال لبنان في المصير المجهول.
وإن غداً لناظره قريب
09/07/2021
https://telegram.me/buratha