أ.د علي حكمت شعيب *||
لقد أنتج الفكر الاجتماعي والسياسي في العصر الحديث مفهوم الثورة الملونة التي تنبع إجراءاتها من خطة الحرب الناعمة وتهدف الى:
الإمساك بزمام القيادة في بلدٍ ما وتطويعه للسياسات الأمريكية عبر خطوات غير عسكرية مستفيدة من الدعاية والحرب النفسية وما تقتضيه من تجييش للمشاعر والانفعالات وتزييف للحقائق والبيانات.
وهي ترتكز في مسعاها على الترويج للنموذج الأمريكي الاجتماعي والاقتصادي والسياسي حتى إذا ما رغب الناس به قامت أدواته من منظمات المجتمع المدني باستغلال فرص محددة كالانتخابات النيابية والرئاسية أو الأزمات أو الحروب العسكرية في بلدٍ ما لإيصال أتباعها الى مواقع المسؤولية الرئيسية في الدولة.
وبذلك يتمّ إلحاق البلد بركب أمريكا ومحورها الشيطاني.
وما نحن بصدده هو ما ستكون عليه إجراءات الثورة الملونة التي تحاول الاستفادة من انفجار المرفأ الذي تصادف بعد ثلاثة أيام ذكراه السنوية من أجل النيل من الأكثرية النيابية في لبنان وتقليل عديدها في الانتخابات النيابية القادمة تمهيداً للإمساك بمواقع المسؤولية الأساسية فيه.
ما هو متوقع خلال الأيام القادمة:
التركيز على هدف إسقاط الأكثرية النيابية التي تتمتع بها الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان وذلك عبر:
١-حشد كبير لمئات وسائل الإعلام العالمية والمحلية التي سيكون لديها أجندة واضحة في اتهام وتوهين الطبقة السياسية الحاكمة وتظهير فشلها في إدارة البلد.
٢-إطلاق شعارات توجه الاتهام المباشر للمقاومة وحلفائها في انفجار المرفأ قبل أي محاكمة كمثال:
مقاومة أو حزب أو نواب النيترات مع رموز خاصة بذلك (لوغو).
٣-إقامة مراسم دفن وحمل توابيت رمزية لأركان السلطة في لبنان لا سيما رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي ورئاسة مجلس الوزراء وإفلات الألسن من قيودها لتوجيه الشتائم والسباب إمعاناً في إهانتها وتحقير النواب والوزراء.
٤-اعتماد التعميم على الطبقة السياسية الحاكمة بسلطاتها كافة ورفع شعار:
"كلن يعني كلن"
٥-دعوة لأركان الطبقة السياسية للانصياع الى استدعاءات المحقق العدلي في انفجار المرفأ الذي يعتمد معايير مزدوجة استنسابية غير منصفة في الدعوة الى التحقيق.
ويُخاف أن يلعب هذا الرجل دور القاضي الذي يبيت النية لتوجيه الإتهام للفريق المناوئ لأمريكا التي قد تكون أغرته بجنسية ورواتب عائلية ومنح تعليمية وإقامة رغيدة في ربوعها ومراسم جنائزية مهيبة بعد حرق جثته ووضع رمادها في صندوق أسود لأن ذلك أسلم بيئياً عندما يموت.
٦-استغلال آلام ومصاب أهالي الضحايا أسوأ استغلال عبر تحريك مشاعرهم وتثوير غضبهم وتوجيه ذلك كله الى الطبقة السياسية الحاكمة لأنها لا تريد محاكمة قد روّج الإعلام الفتنوي السفاراتي لعدالتها المزعومة مع القاضي بيطار.
٧-إعداد تقارير عن بعض شهداء وجرحى انفجار المرفأ واستصراح اهالي الشهداء والجرحى وإظهار عمق معاناتهم مع الطلب منهم الدعوة الى الاقتصاص من القتلة الذين قد تم الحكم عليهم مسبقاً والإشارة اليهم وتصنيفهم على أنهم ينتمون إلى الأكثرية النيابية الحالية.
٨-تحميل أعباء ملف الفساد الذي تلوث به لبنان منذ نشأته لفريق الطبقة السياسية الحاكمة دون الفريق المعارض والموالي لأمريكا الذي حكم البلد منذ التسعينات وكان مسؤولاً عما وصلت اليه الأمور من نهب وهدر وفساد وأزمات.
٩-قطع للطرقات وتضييق على الناس قد يستمر لأيام مع تخلّ واضح للقوى الأمنية عن دورها استجابة من قادتها للإملاءات السفاراتية.
هذا كلّه يتطلّب من كل حريص على البلد وأهله أن يتصرف بحكمة وبصيرة من أجل إفشال خطة العدو للثورة الملونة الثانية في لبنان بعد الثورة الأولى التي أدت الى استلام الحكم من قبل فريق ١٤ آذار البائد على أثر استقالة رئيس الحكومة عمر كرامي في شباط ٢٠٠٥م. جراء الضغط الملون المتواصل الذي اتهمه وفريقه السياسي المؤيد لسوريا باغتيال الرئيس رفيق الحريري.
* أستاذ جامعي/ الجامعة اللبنانية ـ بيروت
https://telegram.me/buratha