ناجي امهز ||
منذ خمسة أيام تلقيت اتصالا من احد القيادات الكبيرة في الحزب وأخبرتني بالتفصيل الممل عن وصول النفط الإيراني والية توزيعه ونشرت فحوى الاتصال بمقال، وجميعكم سمعتم كلام السيد الذي جاء مصدقا لما نشرت.
ولكن بعد خطاب السيد بالعاشر من محرم، وهو خطاب مغاير كليا لما كنا نسمعه بالفترات السابقة، بدأت الأسئلة تتسرب إلى عقلي اولها، لماذا الحزب خصني بهذا الخبر وهو خبر يعادل تحرير عام ٢٠٠٠ من الاحتلال، فالحزب اليوم اعلن حربا على الحرب الاقتصادية وتحرير الشعب اللبناني من الاحتكار، مهما كانت التبعات والنتائج.
وصدقا لا املك الجواب لهذا الاتصال، وخاصة اني لست سوبر ستار فضائيات محور المقاومة، لكن كل شيء يتغير بالعالم ومن حولنا ومن الطبيعي ان يتغير اسلوب الحزب وهو قوة مؤثرة فاعلة في لبنان والمنطقة، ويبدو من خطاب السيد ان الحزب ولأول مرة قرر أن يكشف عن قوته الحقيقية في الداخل اللبناني، فدول العالم تعرف وتعلم من هو الحزب استخباراتيا وامنيا وعسكريا لذلك تتجنب الصراع معه، وتورط البعض بالداخل بحروب دونكيشوتية ، ان كانوا أحزاب او مجموعات يقال عنها مدنية، بمعركة اعلن السيد سلفا بانها ستكون خاسرة حيث قال جربتمونا خلال عقود أمنيا وعسكريا وفشلتم.
وايضا، لا يخفى على الجنرالات العسكريين بأس الحزب عسكريا، والذي ظهر في القتال ضد الإسرائيليين والتكفيريين، وقد ذكر السيد بهذه النقطة، تمهيدا وتحذيرا وحماية، لإعلانه المعادلة الجديدة عن قدراته الاقتصادية، ويبدو من خلال حركة الدبلوماسيين والاصوات المعارضة التي ارتفعت بالداخل بعد خطاب السيد، ان المعادلة الاقتصادية التي قرر الحزب خوضها هي معادلة لا تقل اهمية عن معادلة السلاح، وخاصة عندما اعلن ان ناقلة النفط هي ارض لبنانية، بمعنى اوضح ان اليد التي ستمد على السلاح ستقطع، واليد التي تمتد على الامن الاقتصادي للشعب اللبناني ستقطع، وبحال قررت اي دولة ان تعتدي على ناقلة النفط التي هي ارض لبنانية فان الحزب سيرد، وحتى لو اشتعلت المنطقة بأكملها.
وهنا نستذكر كلمة السيد التي بقيت لغزا بلا تفسير حتى يومنا هذا، عندما قال نحن مش رح نجوع نحنا رح نقتلك، وبالفعل الحزب مستعد ان يقتل كل من يحاول أن يجوع ويذل شعب لبنان، وسيكون كل الشعب اللبناني هذه المرة مع الحزب.
وبالرغم من وضوح خطاب السيد، الا ان الدول الكبرى لها حسابات مختلفة كليا، فهي كانت تتوقع من خلال العقوبات والحرب الاقتصادية على الحزب والشعب اللبناني، ان تقلب بيئة الحزب والشعب عليه، ولكن هذه الدول وجدت نفسها بمأزق كبير للغاية، فهي قدمت للحزب فرصة ذهبية، فان كان الحزب يمثل قبل الازمة الاقتصادية ٦٠ بالمائة من الشيعة، فإنه بعد وصول النفط الايراني، سيصبح يمثل ٩٠ بالمائة من الشيعة، اضافة الى عدد لا يستهان به من مختلف الطوائف، يعني أنه سيكتسح انتخابيا كل خصومه ويكرس نفسه الحزب الأكثر تمثيلا في لبنان، ومن مختلف الطوائف، ولا احد يستبعد ان تراجع الشركات النفطية الكبرى عن اغلاق مؤسساتها في لبنان، والمسارعة بصرف الاعتمادات على اساس 3900 ليرة مقابل الدولار، والتصريح الاردني عن استعداده لمساعدة لبنان بالغاز والكهرباء، هو بطلب امريكي مباشر لقطع الطريق على الحزب ومنعه من تحقيق هذا الانتصار الخدماتي.
وايضا لا يخفى على احد كل تلك الاسئلة التي طرحها الشعب اللبناني، فان كانت فرنسا وخلفها امريكا ومعهما السعودية، فرحين بمشاهدة طوابير الذل على المحطات والافران وانقطاع الكهرباء وتهديد حياة المرضى بالمستشفيات، فان ما قامت به ايران بطلب من الحزب هو انقاذ حقيقي وفعلي للشعب اللبناني، ولاقتصاده..
وهذه الاسئلة وضعت خصوم الحزب من احزاب وسياسيين امام اسئلة لا يمتلكون لها اجوبة، اقله انه من حق الحزب بعد هذه المشاهد القاسية وحالة الفوضى وسقوط العشرات بين قتيل وجريح بسبب ازمة المحروقات، أن يمارس دوره الخدماتي كاملا دون نقصان، بعيدا عن ما سيثار ويقال، ومن يقبل او يرفض، وكما هتف الشعب بروح السيد عندما حرر الجنوب بعد ان تخلت الدولة عنه، فان كل الشعب اللبناني سيهتف له وهو يحرره من كارتلات النفط وجشع التجار.
ومن الطبيعي بعد ان قزمت هذه القيادات السياسية نفسها وتخلت عن دورها في مدنها وبيئتها وحاضنتها الشعبية لمنافع شخصية، أن تتحول الضاحية الجنوبية، إلى قلب وعاصمة لبنان، فكل الطوائف ستتوجه إلى الحزب للاستفادة من النفط الايراني، وخاصة انه شبه مجاني، فالناس تريد ان تعيش.
الحزب الذي نعرفه تغير، لقد قتلته تلك القسوة التي مارستها بعض الدول بالخارج وبعض الساسة بالداخل على الشعب اللبناني الطيب المسكين طيلة عاميين، وطالما ناشد السيد الدول الكبرى التي تفرض عقوبات على الحزب أن تستثني الشعب من العقوبات، لكن هذه الدول أخطأت عندما استهدفت الشعب اللبناني، والحزب مستعد ان يتحمل كل شيء الا ان تؤذي الشعب، وهنا تحرك الحزب ولأول مرة باتجاه الداخل، والجميع يعلم أن مقدرات الحزب اكبر من دول، لكنه كان يعمل جاهدا أن لا يلغي أحد، واحيانا كثيرة كان يقدم مساعدات لقوى سياسية داخلية كي يزيد من شعبيتها حتى لو على حسابه، ولكن بعد الذي حصل من جشع وفساد غالبية الطبقة السياسية، لم يعد امامه لإنقاذ الوطن الا ان يتحرك هو بنفسه.
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha