عدنان علامه ||
يبدو أن شينكر قد أصيب أيضاً بفقدان التوازن وفقدان الذاكرة. فلم يتحمل خبر إنطلاق باخرة العز التي أعلن عنها سماحة الأمين العام السيد حسن؛ فأطلق سيلًا من الأكاذيب متناسيًا بأنه إعترف شخصيًا في شهر آذار الماضي بإعترافات وتفاصيل خطيرة جدًا عن مسؤولية بلاده عن الازمة الخانقة التي يعاني منها الشعب اللبناني؛ وقد اثّر قرار الإستغناء عن خدماته حالة ضياع إضافية فانفلت عقال لسانه عن جادة الحقيقة.
فإن لجنة العلاقات الخارجيّة في مجلس الشّيوخ الأميركي ستُصادق خلال الأيّام المُقبلة على تعيين السّفيرة السّابقة لدى دولة الإمارات باربارا ليف في منصب مُساعد وزير الخارجيّة لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر. وفي حال تمّت المُصادقة على تعيين السّفيرة ليف، فإنّ من المُتوقّع أن تزور لبنان بين شهريْ أيلول وتشرين الأوّل المُقبلين.
يُذكَر أن السّفيرة باربارا ليف تعمل حاليّاً ضمن فريق عمل الرّئيس بايدن للشّرق الأوسط في مجلس الأمن القوميّ الأميركيّ.
فقبل مناقشةسيل أكاذيب شينكر اليوم لا بد من الإشارة بأنها جاءت لإنقاذ سفير الوصاية شيا بعد أن أفقدها سيد المقاومة مع الكثيرين في الخارج والداخل توازنهم. فكثيرون هللوا وشكروا أمريكا وسفيرة الوصاية شيا على إستجرار الغاز المصري والكهرباء من الاردن بضغطها على صندوق النقد الدولي؛ وتناسوا بأنها تخرق معاهدة فيينا بتدخلها بشكل وقح وسافر في تفاصيل الشأن الداخلي اللبناني . فصادرت صلاحية رئيس الجمهورية في التفاوض والبت في المعاهدات الدولية كجر الغاز من مصر عبر الاردن وكتوليد الطاقة في الأردن. وصادرت صلاحيات عدة وزراء كالطاقة والأشغال وغيرهم. ولكنها لم تخبرنا من هي الجهة التي ستتولى التفاوض مع سوريا لتمرير الكهرباء من الأردن عبر أعمدة التوتر غير الموجودة والأسلاك المفقودة؟
وهل سفيرة الوصاية الامريكية مخوّلة بدفع التعويضات لسوريا نتيجة لفرض الحصار الجائر وغير القانوني عليها( قانون قيصر) وهو من حقها الشرعي؟
وقد إعترف شينكر بتاريخ 10 مارس/ آذار 2021 بالعناوين التالية : الوضع سيزداد سوءًا في لبنان - منعنا انقاذ الدولة - واشنطن لا تريد ان ينجح لبنان اكثر من نخبه السياسية - عطلنا المبادرة الفرنسية وابقيناهم في حالة تحفظ - منعنا النظام في سوريا من الاستفادة من موارده -
وإليكم تفاصيل آلية تنفيذ الازمة اللبنانية على لسان شينكر؛ فهو كغيره من المسؤوليين الامريكيين عندما يخرجون من الادارة تبدأ اعترافاتهم؛ لذلك لا تعتمدوا على تصريح أي مسؤول أمريكي في الشأن العربي والاقليمي عند تعيينه وعمله ، بل تابعوا جيدا إعترافاتهم خلال جلسات الاستماع في الكونغرس، واعترافاتهم بعد توقفهم عن العمل.
فماذا قال "شينكر" لمعهد واشنطن في العاشر من اذار الماضي في الشأن اللبناني؟
لقد قضيت أيضًا الكثير من الوقت في التنافس مع إيران على لبنان. وأعتقد أننا توصلنا إلى السياسة هناك أيضًا. بينما كان لبنان يتجه نحو الانهيار المالي ، لم نركز على الشخصيات ، بل على مبادئ الشفافية. ومحاربة الفساد والإصلاح وكل المفاهيم التي إذا تم تطبيقها ستقوض حزب الله وتمكنا من إبقاء الفرنسيين في حالة تحفظ. ومنعنا إنقاذ الدولة قبل تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الحاسمة. بالإضافة إلى ذلك ، فرضنا سلسلة من العقوبات على حزب الله وحلفائه اللبنانيين من غير الشيعة. وبلغت ذروتها في تصنيف Global Magnitsky لجبران باسيل بسبب الفساد. كما أقنعنا حملة القلم الفرنسيين بإجراء بعض التغييرات الصغيرة. ولكن المهمة ، تحت التهديد باستخدام حق النقض ، على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).
وللأسف ، من المرجح أن يزداد الوضع في لبنان سوءًا قبل أن يتحسن. لكن واشنطن لا تريد أن ينجح لبنان أكثر من النخب السياسية اللبنانية. وبدرجة قليلة من التفاؤل ، أطلقت في خريف 2020 محادثات ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان. أقول قدرًا من التفاؤل لأنه بناءً على محادثاتي مع القادة اللبنانيين ، كنت آمل أن تتفاوض بيروت بحسن نية مع نظرائهم الإسرائيليين للتوصل إلى حل وسط ضمن الخطوط التي قدمتها الدول في الأمم المتحدة للأسف ...
بعد ان أخبرنا شينكر بتفاصيل تنفيذ مؤامرة الأزمة، وكيفية تحكم امريكا بكافة تفاصيلها، وبأساليبها الوضيعة النتنة، والضغط حتى على أصدقائها وابتزازهم؛ وصولًا إلى التفاوص المباشر بين بعض السياسيين اللبنانيين( الذين لا يرون في العدو الغاصب عدوًا) والعدو للتنازل عن حدود لبنان البحرية لصالح العدو ؛ ننتقل سويًا إلى سيل الأكاذيب والتي حاول شينكر فيها من التقليل من عظمة وأهمية خطوة إحضار باخرة المازوت من إيران إلى لبنان والتي وضعت أمريكا وحلفائها واتباعها في لبنان في متاهة مترامية الأطراف ولا منفذ منها:-
1- إعلان نصرالله استقدام النّفط الإيراني بأنّه "قصّة لا يُصدّقها عاقل".
2- "مناورة سياسيّة" يقوم بها حزب الله وأمينه العامّ لتفادي غضب الرّأي العام الذي يعرف أنّ الحزب مسؤولٌ عن تهريب المحروقات لمُساعدة النّظام السّوري على مدى سنوات وعلى حساب الشّعب اللبنانيّ.
3- "كلّ ما في الأمر أنّ حزب الله يريد كسب بعض المال من جيوب اللبنانيين، وأن يُسجّل نقاطاً شعبويّة في السّياسة، عدا عن محاولته تحويل أنظار بيئته التي بدأت تتململ من فساده وأعماله".
فهذه الأكاذيب لا تستحق التعليق عليها، ولكن شينكر لم يستطيع أن ينكر الحقيقة الإستراتيجية الساطعة وراء إستقدام أول سفينة مازوت من قافلة سفن ستنقل المشتقات النفطية تباعًا فقال رغمًا عن أنفه: أنّها "خرقٌ واضحٌ للعقوبات المفروضة على إيران، لكنّ ردّة الفعل الأميركيّة تبقى بيد إدارة الرّئيس جو بايدن، وهذا الأمر بحدّ ذاته تحدٍّ للإدارة الجديدة".
وحاول شينكر تمرير الأوامر الامريكية إلى الرئيس المكلف والتحريض على حزب الله فقال : أنّ "التحدّي الأبرز أمام الرّئيس المُكلّف نجيب ميقاتي يكمن في مواجهة حزب الله بموقف واضح من خلال رفضه استقبال النّفط الإيراني في لبنان، وهذا ما يُمكن أن يدفع حزب الله إلى نسف الجهود الحكوميّة".
إن تحرك سفيرة الوصاية الأمريكية على لبنان بسرعة قياسية في خرق معاهدة فيينا وقانون قيصر وخرق السيادة اللبنانية لتأمين الكهرباء إلى لبنان في مشروع أوهام لا يمكن تنفيذه على ارض الواقع لعدم وجود اعمدة توتر وأسلاك لنقل الطاقة إلى لبنان، ولأن ذلك يتوقف أيضًا على إرضاء سوريا وهو أمر شبه مستحيل.
فقد تيقنا من أن أمريكا هي سبب الازمة وهي وزاء إذلال اللبنانيين في طوابير لا حد لها لتأمين البنزين والمازوت والغاز والرغيف والدواء وهي من تديرها بإعتراف شينكر ولكن الباخرة انطلقت من السواحل الإيرانية غير آبهة بالتهديدات الجوفاء لتلبي إحتياجات المستشفيات، مصانع الأدوية والأمصال، الأفران والمولدات؛ وقد تكفل سيد المقاومة بحمايتها. وسيتطرق غداً في خطابه إلى تفاصيل جديدة حول سفينة المازوت الأولى وقافلة السفن الأخرى فلنترقب ذلك.
وإن غدًا لناظره قريب
21/08/2021