* د. إسماعيل النجار ||
كانت درعا البلد وبعض القرى المحيطة بدرعا المدينة يعانون الأَمَرَّين مِن مَن تَبقَّىَ من فلول الإرهابيين في الجنوب السوري المحاذي للأردُن بعد المصالحات التي جَرَت في المحافظة وأبقَت على سلاحهم معهم بتعهُدٍ روسي وتَحَفُظ رسمي سوري صَبَرَت عليه دمَشق لتمرير مَرحلَة وتقديم الأولويات الأمنية والعسكرية،
ولكن كما يُقال في عالم السياسة لا يوجد صُلح دائِم ولا عداوَة دائمَة، إنما مصالح قائمة.
من هذا المبدأ نستطيع القَول أنه عندما دَنَت ساعة الحسم مع هؤلاء وحسمت القيادة العسكرية السورية أمرها إبتعَد الدُب الروسي صاغراََ عن درب الأسد السوري ليقوم بما يمليه عليه واجبه إتجاه شعبه بدخول ما تَبَقَّىَ من المناطق الغير خاضعه لسلطة الدولة في درعا البَلَد وتنظيفها من الجراثيم الإرهابية،
[ الولايات المتحدة الأميركية التي كانت تقدم العَون والدعم لهؤلاء المسلحين، تَخَلَّت عنهم عند أول إستحقاق كان لها فيه مصلحة فكانوا الدُفعَة الأولى من الثمَن الذي يجب عليها دفعه لسوريا لكي تمُر الأمور معها بهدوء،
ولم تقلق واشنطن على قلق إسرائيل من دخول الجيش العربي السوري الى كامل المحافظة، الذي سيجر خلفه دخول مئات المقاتلين من الفصائل المقاتلة المساندة للجيش العربي السوري وعلى رأسها قوات حزب الله.
[ إنَّ سَبَب تخلي واشنطن عن المسلحين واضح وضوح الشَمس وجَلي،
وبالتحديد هُوَ إنجاز تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سوريا ومن مدينة درعا بالذات إلى الأراضي اللبنانية ضمن صفقة شاملة تَمَّت بين سوريا والاردن ومصر ولبنان فرضتها سفينة الخير القادمة من إيران الى لبنان بضوءٍ أخضر أميركي وعيونهم تدمَع لأن واشنطن إضطَرَّت للقبول بهذا الأمر رغماََ عنها بقوَة القوة وكسرت قانون قيصر بهدَف ألإلتفاف على قرار حزب الله القاضي بإستيراد النفط والفيول الإيراني لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية والمولدات وتزويد المستشفيات والمؤسسات الإجتماعية في لبنان،
[ كان الأمر مُعقَّد جداََ ويحتاج الى تنظيف الطريق التي سيمر بها الغاز المصري تحت الأرض والكهرباء ألأردنية فوق الأرض لضمان عدم تعرضها لخطر الإعتداءآت الإرهابية في المستقبل،
فكانَت رِقاب إرهابيي درعا أول دَفعَة أميركية لسوريا على الحساب الطويل العريض تزامنت وبالصدفة مع القرار السوري بالحسم العسكري هناك، وافقت روسيا على إخراج المسلحين الإرهابيين من المنطقة ضمن إطار التنسيق المشترك بينها وبين الجيش السوري وعدم ممانعة الولايات المتحدة،
سوريا بدورها إستفادت من كمية الغاز الذي ستمُر عبر الأنابيب لتشغيل محطات توليد الطاقة وزيادة ساعات التغذية في محافظة درعا وريف دمشق والعاصمة دمشق،
[ وتعتبر الكمية التي ستحصل عليها سوريا حقاََ مكتسباََ لها بَدَل رسوم مرور هذا الغاز وهذه الكهرباء.
*للحكاية تَتِمَّة
سفينة الخير التي وَصَلَت إلى ميناء بانياس بقرار من قائد المقاومَة فَعَلَت فعلها بواشنطن وقانون قيصر،
[ لقد مَرَغَت أنف الإدارة الأميركية في التراب، ودفَنَت قيصر وقانونهُ قبل أن تدور محركاتها في موانئ الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
[ هيَ كَسَرَت الحصار عن لبنان وسوريا وكسابقاتها من السُفن الفنزولية عن إيران،
ودَفَنَت قانون قيصر لتستفاد سوريا ولبنان،
واستفادَ الأردن ومصر.
كَم هيَ عظيمة هذه السفينة، وكَم تشبَه عبائة الرسول الأكرَم عليه وعلى آلِهِ افضل الصلاة والسلام،
التي عَتَقَت رَقَبَة، وأغنَت فقير، وَوَفَت دَين، وعادت إلى مكانها الأصلي.
**النقاش الروسي الأميركي لَم يقف عند حدود درعا بَل تجاوزهُ نحو مدينة إدلب وريفها التي يتحَصَّن فيها أكثر من ثلاثين ألف إرهابي مُدَجَجين بالسلاح الثقيل والخفيف وخطوط إمدادهم مفتوحه بإتجاه تركيا.
[ بعض التسريبات تحدثت قبل زيارة الرئيس الأسد إلى موسكو ولقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن الأميركيين سيرفعون يدهم عن إدلب ومحيطها كونها أصبَحَت تشكل عبئاََ مادياََ وأمنياََ من دون الإستفادة منها بأي جديد حيث أصبَحَت مأوَىَ للمستسلمين والهاربين من جميع أنحاء سوريا،
ولو كانَ هؤلاء بإستطاعتهم فعل أي شيء للإستفادة منه، ما كانوا قد فَرُّوا إليها من الأماكن التي كانوا يقاتلون فيها في كل مكان؟
إذاََ أصبحوا كالعجول التي إذا سَمِنَت أصبحَ إطعامها خسارة وأصبحت مهَيَّئَة للذبح.
لذلك من الطبيعي أن زيارة الرئيس السوري الى موسكو التي حصلَت بالأول من أمس كانت لسببين (إدلب) واحداََ منهما والثاني التنسيق المشترك في كافة القضايا التي تهم البلدين وحاجة سوريا المُلِحَة للعتاد والسلاح،
[ اليوم مآ علينا إلَّا أن ننتظر قليلاََ ونراقب فسنرَى أن عيون مدينة إدلب قد أصبَحَت خضراء ومهيئَة للإنضمام إلى باقي أجزاء الوطن السوري الحبيب.
*ثالثاََ وأخيراََ
تَتَسرَّب بعض الأخبار أن واشنطن تسعى لتقسيم سوريا!
من دون أن يشرحَ لنا هؤلاء المنظرون كيف ستتمَكَّن أميركا من تقسيم سوريا وهيَ مأزومة ومحاصرة بقوَى المقاومة من كل إتجاه، وتقوم بسحب معداتها الثقيلة والمتطورة من الشرق الأوسط بإتجاه أراضيها وأهمها بطاريات الصواريخ المضادة نوع باتريوت من المملكة العبرية السعودية التي تعتبر أن واشنطن تَخَلَّت عنها وتركت رأسها مكشوف للعصا اليمنية وتتَحَضَّر أميركا بشكل جَدِّي للإنسحاب من العراق!؟
[ بالمختصَر المفيد أميركا ضاقت بها السُبُل في منطقتنا، وسترحَل قريباََ من دون الإلتفات إلى الوراء، وسوف لا تهتم لصُراخ تل أبيب أو غيرها الذي بدأ يبحث عن بديل قوي يحميه؟.
* د. إسماعيل النجار/ لبنان ـ بيروت
16/9/2021