عدنان علامه ||
أثارت تصريحات البطرك الراعي في الآونة الأخيرة الكثير مَن الجدل وخاصة في مواقفه حول الحياد، السيادة، سلاح حزب الله وآخرها المازوت الإيراني. وهذه ليست المرة الأولى التي يتدخل البطرك في الأمور الخلافية ويزيد من حدتها ليفاقمها؛ فلا يوجد لديه وحدة معيار في الحكم على الأمور. وهو بتصريحاته يلغي كل الأطراف الأخرى وكانه يعيش وحده في لبنان. لذا فتصريحاته تمثله هو شخصيّا فقط لأن معظم تصريحاته تتماهى مع المطالب الأمريكية التي تصب في مصلحة العدو.
فالحكم على تصريح أي شخص لا يتعلق فقط بالمناسبة بل بالظروف المحيطة بها وبماضيه. ويبدو ان البطرك يطبق المثل اللبناني "القصة مش قصة رمانة، القصة قصة قلوب مليانة". فليس خافياً على أحد مواقف البطرك الراعي الحادة ضد سوريا وايران وضد سلاح حزب الله. وسبق ان اتهم سوريا بالسعي للعودة الى لبنان واستمرار التدخل في شؤونه وهو حسب مواقفه يعتبر حزب الله "حزبا ايرانيا في لبنان". فكيف إذا إجتمع هذا المحور في تأمين المازوت الإيراني إلى لبنان بعد ان ارتفعت الأصوات من كل حدب وصوب وعجزت الدولة عن تأمين هذه المادة للمستشفيات،الافران، دور الأيتام ورعاية المسنين، مضخات المياه والمولدات. كما عجزت عن إدارة عدالة توزيع مادة البنزين على المحطات في كل لبنان بسبب العقوبات الأمريكية غير القانونية المفروضة على لبنان وسوريا؛وبسبب تحكم مافيات كارتيل المشتقات النفطية بكميات ومناطق التوزيع. لذا كان تصريحه خارج السرب الذي يضمن المصلحة العامة للبنان واللبنانيين متماهيًا مع تصريحات سفيرة الوصاية شيا فقال :" من غير المسموح إدخال صهاريج مازوت تحت سلطة أمنية هي الجيش السوري والحزب وهذا يعتبر انتقاصًا للسيادة اللبنانية ولا أستطيع قبوله".
لقد كشف توزيع المازوت الإيراني على دور الأيتام والمستشفيات الحكومية والبلديات على إمتداد الأراضي اللبنانية دون أي تمييز ومجانًا عجز البطرك وعجز الدولة عن تأمين أبسط مقومات العيش الكريم لدور الأيتام التابعة لمطرانيته والبلديات التي تتبع إذاريًا لسلطة. وزارة الداخلية. وبكل فخر فقد كسر إحضار المازوت الإيراني الحصار الأمريكي المفروض على لبنان سوريا وإيران وهي الدول التي لا تطيق ذكرها.
ويبدو أن غبطته يتناسى الحديث عن السيادة عندما تخرق طائرات وسفن العدو السيادة اللبنانية، وتستعمل الأجواء اللبنانية للعدوان على الشقيقة سوريا مهددة سلامة الطيران المدني اللبناني.
وبالحديث عن السيادة تناسى غبطته بأنه وضع الجميع أمام الأمر الواقع، عندما قرَّر زيارة الاراضي المقدّسة مستغلًا زيارة قداسة البابا فرنسيس، الذي يزور الأردن والأراضي المقدسة من 24 الى 26 أيار 2014. وأدعى بأنها زيارة رعوية وقد أطلق على العملاء الذين هربوا مع العدو الصهيوني عام 2000 بالمبعدين، مستبقًا حكم القضاء عليهم. ووعدهم بلم الشمل بنزع صفة العمالة عنهم وحل أمورهم.
ولا بد من الإشارة بأنه خلال الحرب الأهلية، حين مدت الأحزاب اليمينية يدها للعدو الصهيوني طالبة التعاون العسكري معها، وقفت البطريركية المارونية ضد هذه العلاقات. وذلك على الرغم من وجود عدد من الرهبانيات المارونية في تلك الاراضي، وأبرشية مارونية كان على رأسها المطران بولس صياح فترة 16 عاما، مستخدمًا معبر الناقورة ليعبر ذهابًا وايابًا. كانت هذه الزيارات تحصل بعلم الدولة اللبنانية وبإذن منها. ولكن لم يسبق أن وطأت قدما رأس كنيسة لبنانية تلك الأراضي، حتى لا تُحسب عليه إعترافًا بذاك الكيان، أو نوعًا من التطبيع معه".
وعند عودة البطرك الراعي من فلسطين المحتلة إلى لبنان، كثف جهوده وبذل الضغوطات الهائلة لتبييض سجلات العملاء فاستغل نفوذ المارونية السياسية والدولة العميقة على المسؤولين لإلغاء البرقية رقم 303 التي لا تسقط التعامل مع العدو بمرور الزمن. وقد نجحت ضغوطاته. فاتخذت حكومة رئيس الوزراء السابق تمام سلام في الجلسة المؤرخة في 24 تموز 2014 قرارًا يتضمّن موافقة المجلس على إلغاء وثائق الاتصال ولوائح الإخضاع الصادرة حتى تاريخه عن الأجهزة العسكرية والأمنية، اي تلك غير الخاضعة للسقوط بمرور الزمن، والتي ترفد البرقية 303 بالأسماء التي تتعامل مع العدو. ولهذا السبب تحدى العميل القاتل عامر فاخوري شريحة واسعة من مكونات المجتمع اللبناني واستفزهم بحضوره إلي مطار بيروت. وقد خرقت السفيرة شيا الأجواء اللبنانية باستحضار مروحية عسكرية وأخرجت العميل فاخوري من لبنان َمتحدية الدولة اللبنانية وشعبها لوجود مذكرة منع سفر صادرة بإسم الشعب اللبناني. ولم نسمع أي كلمة. من غبطتكم؛ لأن ذلك. كان نتاج سعيكم الحيث والدؤوب.
وبناءً عليه يا غبطة البطريرك؛ إسمح لنا أن نقول لكم لا يحق لأمثالكم بالحديث عن السيادة في الوقت الذي تصمتون حين تتدخل أمريكا وفرنسا في كل شاردة وواردة في الشؤون الداخلية اللبنانية. والمقام لا يتسع لتعداد مجلدات تلك التدخلات السافرة.
وإن غدًا لناظره قريب
25/09/2021
https://telegram.me/buratha