د. اسماعيل النجّار ||
✍️ لا شَك أنها خطوَة سعودية خاطئة، لم يأخذ ولي العهد مُحمد بن سلمان تبعاتها السياسية في الحسبان، حيث كان التسرُع سيد المَواقف في اتخاذ القرارات الغير مدروسة والغير متوازنة تجاه لبنان، وكأنه مصيدَة نصبها له ساكبو الزيت على النار والمحرضون، فوضعَ نفسه في وسطها، في مواجهة المجتمع الدولي الرافض لتعريض الحكومة اللبنانية لخطر التَفَكُك والإستقالة، والتي يعتبرها هذا المجتمع حاجة غاية في الضرورة، من أجل وقف الانهيار والنهوض في الإقتصاد ومفاوضة البنك الدولي،
لكنّ كبرياءهُ يمنعه من التنازل للبنان، لِاعتباراتٍ معنويَة أكثر منها سياسية، في ظل انقسام لبناني داخلي حول تنفيذ الشروط التي وضعتها المملكة، لعودة الأمور إلى سابق عهدها، ورفض بعض الأفرقاء الشركاء في هذه الحكومة استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، بِاعتبار الطلب السعودي يمس السيادة الوطنية، ولا يتوائم مع حجم العلاقات الأخوية بين البلدين ولا مع العُرف الدبلوماسي المتعارف عليه بين الدُوَل كافَة، ولا يتكافأ مع الأزمة المفتعلة.
إن التحاق بعض دُوَل مجلس التعاون الخليجي بالرَّكْبِ السعودي جاء على خلفية تهديدات المملكة لهم، في حال لَمْ يلتحقوا، لذلك فإنّ تراجعهم عن خطوات سحب السفراء من بيروت سيتمُّ فور تراجع المملكة السعودية عنها. ولن يتمّ ما لم تتراجع السعودية عن خطئها.
رئيس الحكومة العتيدة نجيب ميقاتي يتصرف بالموضوع، وكأنه طرف سعودي وليسَ رئيساََ لحكومة لبنان،
فهوَ يسعى لمحاباة المملكة على حساب كرامةِ وطنه وسيادته!
من ناحية هوَ سَمِعَ كلاماََ أمريكياََ وفرنسياََ، بضرورة الحفاظ على وحدة الحكومةوتماسكها، وعدم الِاستقالة لضرورات المرحلة،
ومن ناحية أخرَى، أقلقته الرسالة الأمريكية المُعقَدة التشفير، التي تدعو لبنان للتفاهم مع جيرانه العرب،وعدم إيصال الأمور حَدَّ القطيعة الدبلوماسية، من دون أن تحاول واشنطن أو باريس التدخل الجادّ لدى الرياض، لرأب الصَدع، وإعادة اللُّحْمَة بين البلدين!
بل اتّخذت الولايات المتحدةالأميركية، كعادتها دائماََ عندما كانت تحصل أي مشكلة بين دولتين عربيتين شقيقتين، يبرُز إلى الواجهة دور واشنطن المشبوه الذي تلعب من خلاله دور الشيطان، لإذكاء نار الفتنة والتحريض، لمآربٍ سياسية خاصة تستفيد منها على حساب الآخرين.
الأمور بين البلدين لا زالت ممسوكة من طَرَف، ولا زال هناك أمل بإيجاد حلول وسط يلتقي حولها الطرفان، على قاعدة"لا يموت الذئب، ولا يفنى الغنم"، فلا يستقيل الوزير، ولا تطير الحكومة.
هذا طبعاً، إذا توفرت نوايا صادقة لدى قيادة المملكة، لأنّ الحَل بيدها، كونها تعلم تمام العِلم أن ما اتّخذته من قرارات كانَت خاطئة ومتسرعة، ولا ترتكز إلى أسباب وجيهة تدعو إلى إتخاذ هكذا موقف، بسحب السفراء ورفع سقف شروطها إلى درجةالتهديد!
الفريق الموالي للسعودية في لبنان عاجز عن فعل أي شيء، سوىَ الثرثرة من خلف الشاشات وعلى منصات التواصل الِاجتماعي، وحزب الله يرفض رفضاََ قاطعاََ استقالة القرداحي، لأنها
"تمَسُّ" الكرامة الوطنية.
الحكومة بحُكم المُعطَلَة، والأزمة الِاقتصادية تتفاقم، في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة الوطنية، ونُشوبِ نزاع قضائيّ، حول إقالة القاضي بيطار من منصبهِ، بعد اتِّهامه بالِاستنسابية والإنحياز لطرف ضد آخر، وتنازع الصلاحيات في التحقيق في انفجار المرفأ، وتحميل حزب القوات اللبنانية ورئيسهِ سمير جعجع، مسؤوليّة جريمة الطيونة البشعَة،
والتوتر الحاصل على خلفية صدور القرار الظني في قضية مجزرة خلدة، التي ارتكبتها عناصر من ما أسمو أنفسهم عشائر عَرَب خلدة.
كل هذه القضايا تُعتَبَر ألغاماََ خطِرَةً في طريق استمرارية الشراكة الوطنية،التي هي بالأصل مُختَلَفٌ عليها بين اللبنانيين.
وفي ظل استمرار الوضع على ما هو عليه، فإن الأمور ذاهبة نحو التصعيد الذي سيجُرُّ لبنان نحو الِانفجار، وسيكون اللبنانيون فيه، هم الخاسر الأكبر، وإسرائيل هيَ المستفيد الأوَّل والأخير.
فهل سيُعِيدُ المسؤولون السعوديون، والإماراتيون النظر، في قراراتهم تجاه لبنان بشكل إيجابي، أم إنَّ الأمور ستذهب نحو تعقيد أكثر، وعداء أكبر يدفع بحزب الله للنزول إلى الشارع، وقلب المعادلات رأساََ على عقب، فَتُخرِج أميركا وحلفاؤها خارج البلَد ولا يعُود بعدها ينفع الندم؟!.
7/11/2021
https://telegram.me/buratha