ناجي امهز ||
من السذاجة، ان يفكر أحد بالعالم ان امريكا وأوروبا يريدان تدمير الحزب ونزع سلاحه، فالعالم لا يدار على طريقة القابعين في الشرق الأوسط وتحديدا بالمنطقة العربية.
العالم يدار بواسطة الية معقدة للغاية يوجد بها تفاصيل تاريخية دقيقة مبنية على عوامل جغرافية وعددية اقتصادية وسياسية، إضافة الى استشراق مستقبلي يحاكي خوارزميات الذكاء الصناعي.
في العالم يوجد ثلاثة مدارس هي الأساس وعلى أساسها تحدد الية الصراع، ومنها المدرسة الدينية التي سأحدثكم عنها، اما المدرستان المتبقيتان وهما المدرسة المعرفية والمدرسة الإنتاجية الصناعية فلا دخل لنا بهما في العالم العربي، اقله بالمدى المنظور، فنحن وان ركبنا السيارات والطائرات وحملنا الموبايل، الا ان غالبيتنا يعيش في القرن السابع ميلادي.
لذلك عندما يجلس الذي يدير العالم ليقرر ماذا يفعل او كيف يتعامل مع العالم العربي، ويجد امامه نصوصا واضحة لا لبس فيها وهي منزلة من السماء، وخرائط جغرافية تؤكد ان مساحة العالم العربي 13 مليون كيلو متر مربع، إضافة الى إحصاءات بالغة الدقة ومقسمة ترتيبا حسب الأديان والطوائف داخل الاديان، وان عدد مواطنيه من العرب هو ما يقارب ال 380 مليون انسان، منهم 30 مليون من الأقليات، والبقية المتبقية هم ينتسبون الى ملة واحدة، حتما سيفكر 30 مليون مرة كيف سيخلق التوازن بهذا الكم العددي المركب وكيف يحافظ على الأقليات من الموت او الهجرة، وكيف يحمي العالم من هذه الكتلة البشرية التي بغالبيتها تؤمن ايمانا سماويا ان المسيحي والبوذي واليهودي يجب قتلهم، بل حتى المسلم الذي يختلف معهم ببعض الطقوس والشعائر، مثل الشيعي والدرزي والعلوي وحتى الصوفي يجب اما توبته او يقتل.
وامام هذا المشهد قامت أمريكا بخلق محاكاة واقعية، لتفهم العالم ماذا سيحصل بحال حكم شخص مثل أسامة بن لادن او الظواهري وابن البغدادي، وكيف سيدمرون المدن كما حصل بأحداث 11 أيلول، وينحرون الأطفال ويغتصبون النساء ويحرقون الاحياء ويفجرون الكنائس والاضرحة والمساجد وينسف التاريخ كما حصل بالعراق وسوريا ولبنان عندما نحروا جنود الجيش اللبناني، لذلك عندما أعلنت أمريكا انها هي التي صنعت داعش كانت تقصد لقد خلقنا داعش لنجعلكم تشاهدون بأم اعينكم كيف سيكون العالم بحال سيطرت الحركة السلفية الوهابية الإسلامية على العالم العربي، وأيضا لتشرح للشعب الأمريكي وللغرب ان دفاع الحزب الديمقراطي عن ايران ليس حبا بإيران، بل لان ايران ضرورة عالمية وقد كتبت مقالا اشرح فيه هذه الأسباب تحت عنوان: هل تهزم ايران وينتهي دور حلفائها بالمنطقة.
وقال ترامب 11 اب 2016 أمام حشد من أنصاره في فلوريدا: "إنهم يقدرون الرئيس أوباما، لإنه مؤسس تنظيم داعش"،
اذا الذي يدير العالم او له الباع الأكبر بصناعة القرار العالمي، فهم من التاريخ انه يوجد في الإسلام مدرستان، مدرسة تؤمن ان الذين هم غير مسلمين هم كافرين، ويجب عليهم اما اعتناق الإسلام او يكونوا اهل ذمة ويدفعون الجزية او يغادروا، كما انهم لا يتمتعون بحقوق مدنية او سياسية كما يحصل الان بغالبية الدول العربية.
وهناك المدرسة الإسلامية الثانية وهي مدرسة خليفة المسلمين الامام علي بن ابي طالب "صاحب مقولة: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق "، والذي يؤمن بالعدالة الإنسانية ونبذ التطرف والعنف، وبان الناس متساويين في الحقوق والواجبات.
اذا العالم الغربي والعربي محكوم بالمعادلتين، وبما انه لا يوجد قوة بالعلم قادرة ان تلغي أي دين اذا يجب البحث عن الاعتدال ودعمه من اجل خير الإنسانية جمعاء، وخاصة ان العقل السلفي الديني الرافض لكل اشكال التطور والتغيير الذي يحصل بالعالم، فالمدرسة الإسلامية السلفية تمنع المرأة من التعليم والعمل، وترفض الكثير من المفاهيم القائمة اليوم وتعمل على تقويض النقاش وتلغي البحث وتحارب التجديد بالفكر الإسلامي، وتلغي الديمقراطية، وحتى ان حاولت اليوم بعض القيادات التي عملت على نشر السلفية والوهابية، اظهار انها تسعى للتغيير فان الامر يتطلب عقودا طويلة، وبالختام لن تعطي نتائج حقيقية وملموسة لان تغيير العادات هو من المحال.
اذا بقي امام العالم والنخبة من مثقفي العالم العربي والأقليات الدينية الاخرى المدرسة الثانية وهي مدرسة الامام علي بن ابي طالب، واتباعه اليوم يعرفون بالشيعة، وهم أصحاب اعتدال كبير، يؤمنون بالحوار، والتجدد الديني، وهم منفتحون على التعايش بصورة كاملة وان حصل بعض الخلافات مع الأديان والمذاهب الاخرى ضمن بقع جغرافية معينة فهذه الخلافات ليست ذات طابع وابعاد دينية، بل خلافات اجتماعية وسياسية، تنتهي بانتهاء السبب الاجتماعي او السياسي، وهذا الامر يحصل بكل دول العالم حتى بأكثرها ديمقراطية وتقدما.
وأول من تنبه الى هذا الامر هي الكنيسة المسيحية والمارونية تحديدا بسبب معاناتها مع التمدد الإسلامي، حيث سعت الى طبع كتب عن الامام علي بن ابي طالب وتوزيعها بالمجان، وحثت النخبة المسيحية للكتابة عنه، ونشرت كيف الراهب استقبل راس الامام الحسين بأحد الكنائس بمحاولة لاحتضان الطائفة الشيعية التي كانت تعاني ما يعانيه المسيحيون من ظلم واضطهاد، مع العلم ان حال المسيحيين كان أفضل لأنهم كانوا قادرين على دفع الجزية، بينما الشيعة بسبب الفقر كانوا يعانون مما يصعب وصفه او ان يتحمله قلب.
وبالفعل مع اول فرصة سنحت للشيعة ظهر انهم اهل علم ومعرفة فإيران الشيعية وصلت الى تقنية النانو وأطلقت أكثر من قمر صناعي، وانتجت الطاقة النووية وكل هذا التطور هو بجهود إيرانية، وأيضا كرست مفهوم الديمقراطية بإدارة شؤون البلاد، واعطت الأقليات حقوقهم السياسية والمدنية كاملة، دون ان تعدل بنصوص المذهب الشيعي لان المذهب الشيعي يؤمن ويقوم على هذه المبادئ بعكس المذهب السلفي الوهابي الذي يسبب المشاكل حتى ضمن المجتمعات السنية التي تسعى الى التحرر، والتطور.
وأيضا اظهر النمط الشيعي التزاما تاما بما يصدر عن القيادة، وتفاني وصلابة وشجاعة بالدفاع عن معتقداته مع احترام كافة الجوانب الإنسانية حتى اثناء الحروب.
ولكن هناك مشكلة تعترض صناع القرار عالميا، وهي ان الشيعة يعادون الصهيونية ومصرين على تحرير فلسطين، بينما غالبية زعماء الأكثرية الإسلامية هي تسعى لحماية إسرائيل والتطبيع معها، مما خلق هذا الصراع والانقسام الذي نشاهده، فالعالم بحاجة الى المذهب الشيعي من اجل خلق توازن طويل الأمد، ولا يوجد بديل له، وأيضا بحاجة الى تغيير السلوك الشيعي اتجاه إسرائيل.
وما اكتبه ليس خافيا على احد فغالبية الزعماء أصحاب السلطة في العالم العربي سمعوا هذا الكلام من مراكز القرار العالمي، لذلك قامت السعودية باعتقال دعاة الوهابية، ولكن الأمور جاءت عكس ما يراد، فقام بعض دعاة الوهابية ولأول مرة منذ الف واربعمائة عام باستخدام مصطلح الامام علي عليه السلام، مما اعتبر انه ردا على انقلاب السلطة السياسية الوهابية السلفية على دعاة الدين الوهابي السلفي، لكن بالختام تبين انه حتى الوهابية ليس امامها الا العودة لفكر الامام علي بن ابي طالب، وبحال عودة السلفية الى الامام علي فان أبناء الامام علي والذين يقال لهم السادة سيكونون أولى بالحكم من غيرهم.
لذلك من يعول على تدخل دولي لضرب الحزب او اضعاف الشيعة، فعليه ان يتوقف عن هذه السذاجة، وان يحلم وهو مستيقظ، فالعالم اكبر من زعيم غير متزن او مجنون طامح، يعتقد ان العالم على قياسه او سيحقق رغباته.
الامر مرتبط بتوازن عالمي ليس ببقعة جغرافية، وصاحب الفكر والبصيرة يعرف اين يقف ومع من يتعاضد من اجل الخروج من عصر الظلمات في الوطن العربي.
اترككم مع رابط الفيديو لاحد دعاة الوهابية:
https://twitter.com/i/status/1368500347287859204
عذرا على الاطالة، اخوكم ناجي امهز