د. علي حكمت شعيب *||
أما وقد دخلت الأزمة الاقتصادية مسارها الأخير منحدرة عن نقطة الذروة فيها.
فإن السيناريو الذي نحن فيه الآن قد تمّ توقعه من قبل الكثيرين وهو الوصول بلبنان إلى وقت تضعف فيه مناعته الاقتصادية للضغط على خياراته السياسية.
وقد تشكلت أدوات الضغط لتحفيز الأزمة من جماعات الحراك الممولة غربياً وأمريكياً وكان منها القليل الصادق في رغبته للتغيير.
وآزرها في ذلك كل الدولة العميقة من حاكمية مصرف لبنان وأصحاب مصارف وسياسيين فاسدين ورؤساء أحزاب وقادة في الأجهزة الأمنية والعسكرية... حتى استفحلت الأزمة الاقتصادية وامتدت إلى الساحة الصحية والتربوية والاجتماعية... ففقد جزء وازن من الشباب اللبناني الأمل في بناء مستقبل لهم في هذا الوطن وبدأوا بالهجرة.
نعم كل أولئك كان مسؤولاً عما وصلت إليه الأمور لأنهم كانوا عبيداً للسفيرة الامريكية ينفذون إملاءاتها.
وهي التي تتقن فن الإدارة بالأزمات للدول المارقة عن خط الطاعة لأمريكا حتى إذا ما شارفت القوى الأمنية على الانهيار بسبب تسرّب أفرادها ضباطاً وجنوداً وهجرتهم إلى الخارج وبدأت المقاومة بأخذ زمام المبادرة في الداخل بعد أن اجتازت بيئتها الحاضنة التحدّي بأقل قدر من الخسائر وأفشلت بحكمتها محاولات الفتنة من قبل أحزاب أمريكا.
أعطيت الأوامر بتخفيف القيود تمهيداً لانتخابات نيابية يعوّلون عليها من ضمن النظام نفسه عسى أن تتشكل أكثرية لأمريكا تؤثر نسبياً على قرارات البلد السيادية بالنسبة لسلاح المقاومة والحدود البحرية وثروات لبنان فيها النفطية والغازية.
ويتحرك كثير من الحالمين من أصحاب التاريخ القذر في العمالة والجريمة ليطرحوا خططهم حول مستقبل لبنان من أجل أن يتموضعوا فيما يتوقعونه من سيناريوهات واهمة بعد الانتخابات النيابية المقبلة.
أولئك المتسرعون كانوا قد بشّروا أتباعهم بفجر جديد في حرب تموز ٢٠٠٦م. ورفضوا وقف إطلاق النار ليستمر القتل والدمار على المقاومة وأهلها وحلفائها تراهم اليوم تشرئب أعناقهم إلى مواقع رئاسية في واقع سياسي يتصورونه يتحقق نتيجةً لهذه الأزمة الاقتصادية والدعاية النفسية الكاذبة المرافقة التي تقضي بتحميل أوزارها للطبقة السياسية الحاكمة الحالية مع أن الجميع يعلم أنها وليدة الحريرية السياسية صنيعة أمريكا والسعودية التي شارك أتباع أمريكا كلهم فيها واستفادوا من خيراتها حتى حان وقت مماتها.
بكلمة مختصرة ليس من العقل التصور أن عبيد أمريكا الأقزام في لبنان سيأخذون بالحرب الاقتصادية والدعاية والحرب النفسية ما لم تأخذه أمريكا وإسرائيل من المقاومة بالحروب العسكرية حرب تموز ٢٠٠٦ والحروب التكفيرية التي تلتها.
نعم جلّ ما سيحصلون عليه هو إيجاد إرباك في الساحة الداخلية عبر المقامرة بما تبقى لهم من أزلام قد يخسرونهم جميعاً.
لكن ذلك لن يغيّر المعادلة أو يعدّل مسار البلد نحو المحور الأمريكي السعودي.
*أستاذ جامعي/ الجامعة اللبنانية ـ بيروت