د. إسماعيل النجار ||
هي الزيارة الأولى من نوعها للرئيس بشار الأسد إلى بلدٍ عربي بعد إندلاع شرارة الأزمة السورية في شباط ٢٠١١،شكَّلَت صدمة كبيرة في دُوَل الخليج الأخرىَ على الصعيد السياسي، فهي أخرجت سوريا من العُزلَة العربية وحاصرت بن سلمان في الرياض، فبعد إعتزال سلطَنَة عُمان الحرب إلى جانب المملكة ضد اليمَن، جاءَ الخلاف السعودي القطري ليزيد السعودية عُزلَة في منطقة الخليج، ومن ثم تبعتها عملياً الكويت التي نَئَت بنفسها عن حرب اليَمَن وكوارثها أيضاَ،
وبقيت الأمور كذلك حتى وقع المحظور بين أبو ظبي والرياض في مناطق الجنوب اليمني وطفت الخلافات على السطح، وبلغَت الأمور مبلغها بين الطرفين فتُرجِمَت بإشكالات وإشتباكات بين أتباع هادي وأتباع الإمارات، ووصلَ الأمر بولي العهد السعودي إلى حَد تهديد الشركات الكبرىَ العاملة في دولة الإمارات إذا لم تقفل مكاتبها وتنتقل إلى الرياض وجزيرة ميون،
محمد بن زايد الذي يعيش أزمة داخلية بسبب سيطرته على زمام السلطه بشكلٍ غير قانوني وإخفاء حقيقة وفاة رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد وعدم الإعلان عنه، يلقى معارضة من خمسة أمراء في البلاد تطالبه بالتنحي عن السلطة حتى أن بعضهم هدَّدَ بالإنفصال عن إتحاد الدولة،
فهوَ يحاول تثبيت دعائم حكمه تمهيداً لتسلم السلطة بشكلٍ رسمي من دون أن يستطيع معارضته أي أحد من أركان الدولة وحُكام الإمارات، أو أن يصبح وضعه شبيهاً بوضع محمد بن سلمان في السعودية وتتعقد الأمور أكثر،
من وُجهَة نظر بن زايد أن تخفيف حدة التوتر مع إيران والإنفتاح على سوريا ومهادنة روسيا يؤمنان له مخرجاً للهروب من أي أزمة داخلية قد تنشب في المستقبل القريب،
من وُجهَة نظرهِ إيران دولة لها تأثيرها الكبير داخل الإمارات والرئيس الأسد يستطيع لعب دور كبير من خلال علاقتة القديمة والتي لم تنقطع مع حاكم إمارة الفُجيرَةالشيخ حمد بن محمد الشرقي وإمارة رأس الخيمةالشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، من هذا المنطلق كانَ تفكير بن زايد أن السير في طريق التهدئة مع طهران والتقارب مع دمشق بهدف تحقيق ما أسلفنا ذكره أعلاه، يهدف إلى تأمين دعائم إنتقال سلطاته بسلاسة ومحاصرة محمد بن سلمان وتركه وحيداً عالقاً على أعلى شجرة اليمن،
فتم تكليف شقيقه طحنون بن زايد آل نهيان مدير الإستخبارات بإجراء إتصالات مع سوريا وتم ترتيب لقاء مع اللواء علي مملوك في القاهرة مهَّدَ لزيارة وزير الخارجية عبدالله بن زايد لدمشق ولقاء الرئيس الأسد، الذي حَمَل له دعوة رسمية من ولي العهد في دولة الإمارات لزيارة أبو ظبي تمت الموافقة عليها،
حيث جاءت بتاريخ 18/3/2022 على وقع أصداء تدمير مقر الموساد في أربيل بهجومٍ صاروخي إيراني، والهجوم السيبيري الواسع على المنشئات الصهيونية،
وفي الوقت الذي تستعد فيه الرياض لترتيب جولة خامسة مع طهران،
كانت الدهشة الأميركية المصطنعه من زيارة الأسد تتردد على شاشات وسائل الإعلام العالمي، بينما بَدَت الصدمة كبيرة على وجه بن سلمان الذي أيقَن بأن الطوق الذي كان يلتف حول عنق الأسد أصبح يلتف حول عنقه بينما تحرَر الرئيس السوري منه وخصوصاً أن سوريا إنتصرت على أكثر من مائة دولة خلال إحدى عشرة عام من الحرب عليها، والمملكة السعودية إنهزمت مع أكثر من سبعة عشرة دولة معها على أيدي رجالٌ حُفاة قاتلوها بالصدر العاري وما تيسرَ من أسلحة خفيفة ومتوسطة.
الإمارات اليوم تُحَضِر نفسها لتكون البديل الشرعي عن زعامة السعودية في مجلس التعاون الخليجي بعدما أيقَن محمد بن زايد أن أيام حكم بن سلمان أصبحت معدودة وخصوصاً بعد المتغيرات الكبيرة التي حصلت وتحصل من أوكرانيا الى طهران الى دمشق،
سوريا كسرت الطوق العربي من حولها،وخَرَقَت العُزلَة العربية،وأصبَحت قِبلَة الزعماء العرب، ومهفىَ القلوب بينما يتصارع الشر مع الشيطان في المملكة والمنتصر بينهما خاسر والمنتصر الوحيد هو اليمن سوريا العراق ولبنان.
بيروت في...
20/3/2022