د. إسماعيل النجار ||
في خِضَم الخوض في الماضي القريب إستذكرتُ حكايات أحزابٍ وقِوَىً شعبيه إنطلقت بزخمٍ تحت عناوينٍ لافتة سحَرَت قلوب الثوريين المتحمسين،
أخافت هذه الأحزاب أو الجموع الشعبية السلطات والسلاطين فعَمَلَت عليها أو اصطدمَت بها حتى أنتهَت إما بالتدجين وإما بالموت اليقين،
والأمثلة كثيرة في لبنان تحديداً وليسَ من الضرورة أن نذهب إلى خارج أسوار هذا الوطن لأننا نملُكُ الدليل،
تعالو لنتحدث عن أحزاب أرعبت السلطات فاستعانت بالخارج لتنقذها من فوران بركانها كالحزب السوري القومي الإجتماعي بزعامة "أنطون سعادة"وحزب النجَّادة بزعامة "عدنان الحكيم" كأكبر حزبين لمعت أسمائهم قبل الشيوعي والبعثي وغيرهم على الساحة اللبنانية، بالإضافة إلى حزب الكتائب اللبنانية الإنعزالية، جميعهم إنتهى بهم المطاف بين حزب لم يبقى منه إلَّا إسمه، وبين آخر كانَ سيداً فأصبَح عبداً لسيدهِ، وأحزابٌ أُخرىَ إنقسَمَت وأصبحت تتلطى خلف أحزابٍ بعمر أولادها لكي تبقى وتسمر ويُكتَب لهم الحياة،
هنا بعد المقدمة نتوجهُ إلى حزب الله بالتحديد لنقول له خرجَت إلينا من بين مبعثرات الحياة الصعبة في الزمن الغابر حيث الموت والدمار والإحتلال والخَونَة يسطون على يومياتنا بلا رحمة وكأننا الصُدفَة التي لا تُعَوَّض لهم،
حَمَلت يا حزب الله لواء المقاومة ولواء فلسطين وسِرت بهم على طريق الجلجلة إلى الحياة واثقاً متمسكاً بعقيدة ما أستطاع أحداً دفنها ووأدها على مدى مئات السنين شعارها هيهات منا الذِلَّة، وشعارها إذا لم يستَقِم دين مُحَمَّدٍ إَلَّا بقتلي فيآ سيوف خذيني،
مشينا وإيَّاك وسِرنا خلفكَ مؤمنينَ بالنهج الذي إنتهجت وقلنا أن لألفَ ضربةٍ بالسيف أفضل من ميتَةٍ على فراش،
إزدادت الجموع خلفك وكَبُرَت الساحات، وتوسعت دائرة المسؤوليات، حتى أصبحت هموم الأمَّة تقفُ إلى جانب همِّ فلسطين في ساحة الجهاد التي إتخذتها نقطة إنطلاقك نحو مرضاة الله،
يا حزبُ الله....
نحنُ عندما طلبت أُعطيت،، وعندما ناديت تلقيت تلبية النداء،
زرعنا أجساد أبنائنا في الأرض فأنبتت كرامة وأزهرت نصراً وأثمرت تحرير،
يا حزب الله نحنُ أهلك وناسك وأُمَّتك التي يجب أن لا تشيخ ولا تموت،
إنَّ مَن يدفع بأبنائه بين صفوفك للشهادة في سبيل الله دفاعاً عن الأرض والعُرض وعن قضايا الأمة لا يريد جزاءً ولا شكورآ، إنما يريدُ مرضاة وجه الله العزيز الجبار،
نعرفك، جربناك، تعرفنا إليك، إستشهدنا بين صفوفك، أُصِبنا ووعكتنا الجِراح، كل هذا ما أثنانآ عن إستمرار جَد السير في طريقك الحسيني القويم،
لذلك بحُكم حبنا لك وولائنا ووفائنا معك وكرمنا وصبرنا عليك، لنا الحق أن نطلب وأن تستجيب،
يا حزب الله.....
إن الظروف السياسية التي تمر بها البلاد قاسية جداً ولا تحتملُ العجلة والتسرُع والتهوُر والمحاسبة، ونحنُ نعرف حجم صبرَك، وسِعَةَ صدرَك، وتحَمُلكَ الضغط على المِعصَم؟ ولكن أرسم لكل شيء نهاية وقَصِّر من حبل الصبر قليلاً، كما وضعت نقطة أول السطر على خط البداية.
يا حزبُ الله.....
إنتَ تعرفُ جيداً بأنك تحتاجُ شتاءً عاصف في موسمٍ بارد لكي تَتَنقَّىَ سمائُكَ من غبار الزمن الغابر ومن الفايروسات اللصيقة التي ثقبَت روايانا منذ سنين ولم يَعُد بإمكاننا تَحَمُل ألمها،
يا حزب الله...
إبني سجناً للرحمَة وأسجنها فيه، واطلق عنان الغضب المصحوب بالحق لكي يتأدب السفهاء، والمتطاولين واللصوص حين يؤون الأوان مهما طال الزمان،
فوالله إننا ننتظرُ ساعة مثل هذه كما ننتظرُ زمن الأمن والعدل مع ظهور المنتظر،
لقد سئمنا المسايرة والعفو عند المقدرة وتَحمُل الإتهامات بالصمت عن الآفات،
وظهورنا إنحَنَت من ثقل أقدام مَن تسلقوا عليها وتجاوزوا علينا وأنتم من أجل لُبنانا صابرين.
بيروت في....
14/10/2022
https://telegram.me/buratha