نبيل صافية ||
كنت في الجزء الثّامن عشر مع دور الجبهة الوطنية التّقدّمية في تطوير وزارات الدّولة وفلسفتها والنّهوض بها أيضاً بعد الإشارة لوزارات الاقتصاد والصّناعة والإدارة المحلّيّة ومجال الطّرق والنّقل والمواصلات والدّاخليّة والإسعاف والصّحّة العامة ، وبعض الأفكار التّطويريّة في مجال العمل بها لتطوير عمل الجبهة الوطنيّة التّقدميّة كونها على درجة من الأهمّيّة لما تحتويه من نظرة مستقبليّة لتطوير الدّولة عموماً ، علماً أنّ ما تضمّنه البحث عموماً تمّ تقديمه لمقام سيادة اللواء محمّد الشّعّار نائب رئيس الجبهة الوطنيّة التّقدميّة ظهر يوم الإثنين الواقع في 7/2/2022م وسأكون في الجزء التّاسع عشر لمتابعة دور الجبهة الوطنية التّقدّمية في تطوير وزارات الدّولة للنّهوض بها أيضاً على أن نستعرض في الجزء الحالي وزارة التّجارة الدّاخليّة وحماية المستهلك .
فهذه الوزارة كانت لحماية المستهلك _ وفق التّسمية _ ليأتي السّؤال :
هل حقّاً تقوم بحماية المستهلك ، وأين التّدخّل الإيجابي منها عبر مختلف الحكومات المتعاقبة ؟!، وكيف تتمّ عمليّات تحديد الأسعار ؟! وأين الرّقابة التّموينيّة الحقيقيّة في سورية ؟! وهل هناك رقابة حقّاً ؟! لأنّنا نسمع بها ولا نراها ولذلك لا نصدّق وجودها .. ولو تحدّثت بدايةً عن الموضوع الأبرز في الوزارة وهو :
موضوع البطاقة الذّكيّة الذي تناولته قبلاً في مقالات ودراسات سابقة ، وتوزيع المواد التي لا تكفي حاجة المواطنين فتارة يتمّ إلغاء بعضها وتارةً أخرى يصعب على المواطنين الحصول عليها ، وخصوصاً في مجال رغيف الخبز بحيث تمّ تخصيص عشر ربطات للشّخص الواحد شهرياً ، فهل يكفي رغيفان ونصف يومياً لكلّ شخصٍ بما يسدّ رمق حياته أو الهدف تجويعه ؟! إضافة لإدراجها قبلاً المحروقات وكميّات محدودة في البطاقة الذّكيّة من السّكر والشّاي والرّز ، وهي لا تكفي لسدّ رمق الشّعب الجائع.. وربّما تطالعنا الأيّام القادمة بأزمات داخليّة إضافيّة سببها اختلاق أزمات من أجل إدراج مواد أخرى مختلفة ضمن عمل شركة تكامل ( البطاقة الذّكيّة ) ، ومن غير المستبعَد أن يتمّ الزّواج وما يجري فيه بين الزّوجين واستنشاق الهواء لاحتساب عمليات الشّهيق والزّفير أو التّنفّس لتركيب عدّادات لذلك التّنفّس وفق عملية إحصائيّة تقوم بها الحكومة لتأمين التّنفّس للمواطنين أو غير ذلك ضمن إطار عمل البطاقة والشّركة أو حتى دخول الحمّامات ، ذلك أنّ مَن يحسب للشّعب ما يتوجّب الحصول عليه من عدد الأرغفة وما يمكن أكله من ذلك العدد في كلّ وجبة غذائيّة ، لا بدّ له لاحقاً من إجراء حساب لعملية إخراج ذلك الطّعام من أمعاء المواطنين ، وبالتّالي يمكننا أن نتساءل الآن :
هل الحكومة سهّلت أعمال المواطنين وقامت بخدمتهم أو أنّها سهّلت عليهم في تلك الخدمات ؟ وما غاياتها من جرّاء تلك الأزمات ؟ .
واللّافت في موضوع البطاقة الذّكيّة أنّها أتاحت استحواذ مختلف البيانات الخاصة بالسّوريين ، وضمناً مكان الإقامة والبصمة والرّقم الوطنيّ وما إلى ذلك من بيانات تمّ كشفها لتلك الشّركة ، والنّاس يقدّمونها ، وهم ملزمون من الحكومة بفعل ذلك ، وقد فُرِضَت عليهم من أجل قضاء احتياجاتهم وتأمين مستلزماتهم ومتطلّبات حياتهم دون معرفتهم بخلفيّات تلك الشّركة وجهلهم بأسماء مالكيها وارتباطاتها داخليّاً أو خارجيّاً كون تلك البطاقة كشفت أسماء المواطنين جميعهم دون استثناء ، وأدق تفاصيل وضعهم للشّركة ، وهذا له خطورته الأمنيّة لحصولها على بيانات وبصمة كلّ السّوريين بحجّة التّعامل مع شركة يجهل معظم السّوريين أصحابها تَبَعاً لحالة إخفاء أسماء أصحابها والتّعامل بالتّالي أصبح مع جهة مجهولة ، ويمكن تقديم تلك البيانات لجهات خارجيّة ( ربّما أجنبية ) بكلّ بساطة ودون العودة لإعلام أحد ، ولم تُظهِر الدّولة إذا كانت تلك الشّركة تابعة أو منفصلة عن شركة تكامل القابضة لدى السّعوديّة.
وأين الخطط الاستراتيجيّة من الحكومات المتعاقبة في سورية ، وهي تمكّنه ليفيد منها وتسهم في حياته بصورة إيجابيّة أو أنّ تلك الحكومات أسهمت في اختناق الشّعب العربيّ السّوريّ والتّأثير في حياته بصورة سلبيّة ، لأنّه وقف إلى جانب وطنه وصمد في وجه الإرهاب والفاسدين بمختلف المناصب التي يعملون فيها ويسعون لتخريب سورية من خلالها والضّغط على الشّعب ليقوم بحركة شعبيّة تحت عنوان " ثورة الجياع "؟!، وما معالم تلك الخطط في ضوء مناقشتها أمام مجلس الشّعب وتحت قبّته بما أنّه من منظور شكليّ يمثّل سلطة الشّعب في السّعي لتحقيق النّمو والازدهار الاقتصاديّ للدّولة ، أو أنّ سلطة مجلس الوزراء أقوى من سلطة مجلس الشّعب في سورية ؟!.
وهل تسعى الحكومة لإذلال الشّعب وتجويعه ؟ ، وهل ستدخل الحكومات العربيّة السّوريّة سجلّ غينس للأرقام القياسيّة لأنّها أسهمت في خنق الشّعب وتجويعه لتكون أسرع من وباء الكورونا في تحقيق ما عجز عنه الوباء في دخوله سورية ، أو أنّ الله تعالى لم يُرسِل الوباء لسورية ، ولم يأذن له دخولها لأنّ الحكومات حقّقت الأهداف التي سعى لها ذلك الوباء ؟!،
وبيّنتُ سابقاً في أجزاء من البحث علاقة الحكومات المتعاقبة بالتّجار وما تقوم به تلك الحكومات لأجل ترتيبات ضمان استمرار تلك العلاقة .
ومن الملاحظ أنّ تصريحاً تمّ تناقله جاء علة لسان السّيّد وزير التّجارة الدّاخليّة وحماية المستهلك في الشّهر السّابع الماضي يبيّن أنّ " الليرة السّوريّة كانت قيمتها أفضل بوجود المسلّحين ، وأنّ القضاء على الإرهابيين أدّى لانهيار الليرة " ، وبالتّالي فهل كانت وزارة التّجارة الدّاخليّة تأمل استمرار وجود الإرهابيين من أجل تحسّن واقع الليرة ؟! ، وهنا نتساءل : لمصلحة مَن جاء ذلك التّصريح ؟، وهل جاء دعماً للإرهابيين أو دعماً للاقتصاد ؟!، ولماذا تمّ ذلك التّصريح ؟، وهل كان يرغب السّيّد الوزير بقاء الإرهابيين في سورية ؟!.
ولعلّ معظم ما أشرت إليه في الجزء الحالي قد تمّت الإشارة إليه في مقالات ودراسات سابقة منشورة ،
وخصوصاً منها بتاريخ 7/ 7/2021 م في الجزء الثّالث من بحث بعنوان : " ماذا يأمل الشّعب العربيّ السّوريّ من السّيّد الرّئيس بعد أداء القسم ؟!" ، المنشور في معهد أبرار طهران للدّراسات والأبحاث الاستراتيجيّة الدّوليّة وأيضاً في بحث بعنوان : " شركة تكامل في سورية ( 1 ، 2 ) " ، المنشور بتاريخ 19/ 3/ 2020 و 17/ 4/ 2020 في الوكالة العربية للأخبار ، كما تحدّثت عن عمل الوزارة وغيرها عموماً في دراسات عدّة كثيرة منها :
" هل عجزت سورية عن تأمين مستلزمات المعيشة للمواطنين ؟!" في أكثر من جزء وخصوصاً في الجزء الثّالث والجزء السّادس المنشورين في الوكالة العربية للأخبار بتاريخ 5/2/2021 و17/ 2/ 2021 ، وفي مقالة بعنوان : " حكومة افتعال الأزمات ( كورونا الحكومة ) " ، المنشور في الوكالة العربية للأخبار بتاريخ 12/ 4/ 2020م ، و بحث بعنوان : " هل في سورية فساد أو أنّ الفساد في سورية ؟ وما الأسباب التي تحدّ من مكافحته ؟!"، الجزء السّادس ، المنشور في معهد أبرار طهران للدّراسات والأبحاث الاستراتيجيّة الدّوليّة بتاريخ 27/7/2021م ، وذكرته في الإعلام الرّسميّ السّوريّ في أكثر من مقابلة تلفزيونيّة ، وقدّمته للجهات المختصّة ذات الصّلة .
وسأكون في الجزء القادم مع تفعيل المادة السّادسة والثّلاثين من قانون الأحزاب التي تنهي العمل بالأحكام المخالفة للقانون ، وملاحظة عامة ضمن إطار الجبهة والمحكمة الدّستوريّة في سورية ، فأرجو المتابعة .
إعداد الباحث والمحلّل السّيّاسيّ : نبيل أحمد صافية
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha