السفير الدكتور جواد الهنداوي ||
رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل /
أرادة المقاومة و ارادة التطبيع و ارادة الاحتلال و التطرف : المقاومة بشقيّها السياسي ، والذي تقوده السلطة الفلسطينية ،و العسكري بقيادة فصائل المقاومة الفلسطينية العلنية و السرّية المعروفة و غير المعروفة .
ارادة التطبيع ، والتي ستبقى على مستوى حكومات ولن تخترق ضمائر الشعوب العربية ، التي تشهدُ وتستنكر احتلال وجرائم وظلم اسرائيل لارض ولشعب فلسطين . ومع الحكومة الجديدة لاسرائيل ،برئاسة نتنياهو و بن غفير ، لن يواجه الفلسطينيون و العرب الاحتلال ، وانما مأسسة يهودية الكيان مصحوبة بالعنصرية وبالتطرف و بالدعوات لقتل الفلسطينين و العرب .
يُعّلمنا تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي ، والذي سيبقى ، رغم اتفاقيات السلام واتفاقيات التطبيع ، صراع عربي اسرائيلي ،دّرساً استراتيجياً هو توظيف اسرائيل لعنصر الزمن والتنازلات العربية : كلمّا مّدَ العرب و الفلسطينيين يدهم للسلام ،كلماّ امعنت اسرائيل في جرائمها ، وامتدت و توسّعت جغرافياً في ارض فلسطين .
كَبُرتْ مساحة اسرائيل و كَثُرت مستوطناتها في الضفة وفي القدس بعدما وافقت السلطة الفلسطينية على اتفاقيات اوسلو عام ١٩٩٣ ؛ لن تُبقِ اسرائيل ارضاً لتقوم عليها الدولة الفلسطينة ! واليوم ،وبعد التطبيع مع بعض الدول العربية ، نشهدُ توجهاً حكومياً وشعبياً اسرائيلياً اكثر عداءاً للشعب الفلسطيني و اكثر تطرفاً و اقصاءاً لحقوق الشعب الفلسطيني ! هكذا للاسف تعاملت اسرائيل مع السلطة الفلسطينية التي قبلت بشروط اوسلو و بخارطة فلسطين وفقاً لاتفاقيات اوسلوا ، وهكذا تتعامل اسرائيل مع القضية الفلسطينية والعرب بعد ان فتحوا ابواب ديارهم لها ، و عقدوا اتفاقيات وصفقات سياسية وعسكرية ومالية وسياحية .
ولكن ، يخطأ من يعتقد ،بأنَّ امن و وجود اسرائيل مرهون باتفاقيات السلام والتطبيع الاسرائيلي العربي ، لن تنعمْ اسرائيل بسلام دون ان يكون للفلسطينين دولة وسلام .
يخطأ قادة الاحتلال حين يتمسكون بالسلام العربي ويهملون السلام الفلسطيني ، التطبيع لن يحمِ اسرائيل ، والتعاون الامني بين السلطة الفلسطينية وسلطة الاحتلال ، ومنذ عقديّن من الزمن ، لم يمنعْ الفصائل الفلسطينية من تنفيذ عمليات ضد جيش الاحتلال في ارجاء فلسطين ، و أصبحَ الفلسطينيون اكثر ايماناً بخيار المقاومة وطريق الاستشهاد ، و عمليات المقاومة اليوميّة و المتنوعة والمتطورة هي الشاهد على ذلك .
أصبحَ للمقاومة الفلسطينية و للقضية الفلسطينية حاضنتيّن؛ الاولى قومية عربية قوامها ارادة الشعوب العربية ، والدول العربية الداعمة والرافضة للتطبيع ،والحاضنة الثانية اقليمية اسلامية داعمة بالسلاح وبالتكنولوجيا . كذلك أصبحَ للقضية الفلسطينية شريانيّن للبقاء و الصمود ؛ احدهما سياسي يرتكز على جهود السلطة الفلسطينية في تفعيل ادوات القانون الدولي ومحكمة العدل الدولية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير ، وقد تُوجّت هذه الجهود بقرارات الجمعية العامة للامم المتحدة ،و احدها احال ملف القضية الفلسطينية امام محكمة العدل الدولية لابداء رأيها بالاحتلال والاستيطان و مسؤولية اسرائيل ،والقرار الثاني ، والذي صدر في ٢٠٢٢/١١/١٨ ،وبموجبه وافقت الجمعية العامة للامم المتحدة على وضع آليات قانونية لتمكين ألشعب الفلسطيني من ممارسة حق تقرير المصير ، وقد حضي القرار بتصويت ١٦٧ دولة لصالحه .
و الشريان الاخر ،والذي يكرّس ديمومة القضية الفلسطينية ،هو شريان المقاومة المستمرّة داخل الاراضي المحتلة . كلاهما ( السياسي و المقاومة ) كفيلان بضمان تفوّق الارادة الفلسطينية ازاء ارادة التطبيع و ازاء ارادة الاحتلال وحكومة التطرف والعنصرية والصهيونية .