د. إسماعيل النجار ||
ذاهبون إلى التقسيم ربما أو بكل تأكيد أن ما أقولهُ اليوم لن يُرضي الصديق والخصم على حَدٍ سَوَاء، لأن الحقيقة دائماً ما تكون كنصل الخنجَر جارحَة وقاتلة،
من خقبة الطائفية الأولى قبل ال ٧٥ إلى المذهبية إستدار لبنان خلال حقبَة التغيير الثانية التي بدأَت تبآنُ معالمها بعد 13 نيسان 1975 وتكرَّسَت في عهد الترويكا سنَة 1992،
بعد مرور أكثر من ثلاثين سنة على تكريس الدائرة الأصغر من الطائفية أي "المذهبية" عام 92 والتي توطدت لغاية سنة 2019 أي نهاية الحقبة الثانية دخلنا إفتراضياً في الحقبة الثالثة التي يُفتَرَض أنها تُعَد بداية حقبة جديدة في تاريخ لبنان المُعاصر، ويُفتَرَض أن وجوه وأبطال الحقبة الثانية قد تُوفِيَ بعضهم والآخرين هَرِموا ويستحيل إستمرارهم طويلاً في إدارة النظام المذهبي، لكنهم بادروا جميعهم إلى نقل سلطاتهم ومناصبهم وزعاماتهم ومُلكياتهم لإدارة الحقبة الثالثة مَن نقلوا لأبناؤهم هم وليد جنبلاط، بطرس حرب، أحمد فتفت، عمر كرامي، آل الجمَيِّل، آل المر، آل مراد، وباقي أصحاب الإمتيازات اللاحقين، بهدف الإستمرار في حكم لبنان على أساس قانون المزرعه والأغاوية والبيكوية والمشيخات،
وبدَل مُحاربة كل ما هو إرث طائفي ومذهبي وتحاصصي في لبنان، بدأنا نرىَ فوران ظاهرة حُكم المرجعيات الروحية تكبَر وتتصدَّر الواجهة السياسية في البلاد وتتزعم في ظِل تدخلها وتحكمها بقرارات الحكومة والإنتخابات الرئاسية والبلدية وغيرها من الإستحقاقات المهمة،
أما الإعلام الذي عليه تقع مسؤوليات جِسام من خلال نقل الواقع ورسم صورة مستقبلية مشرقَة عن لبنان في مرحلته الإنتقالية هذه، للأسف هوَ يلعب الدور النقيض من خلال التحريض المذهبي والمناطقي وتكريس منطق الإنقسام الوطني بِلا حسيبٍ أو رقيب، وأصبحَ إعلاماً مأجور، حتى وصلنا في كثير من الأحيان أن هذه القنوات أصبحَ نجوم شاشاتها جُلَّهُم من رجال الدين المسلمين والمسيحيين وإعطاء مساحة واسعه للمتحدثين بلغة طائفية ومذهبية،
في لبنان عندما يتحدث راعي الكنيسة المارونية ومفتي الجمهورية أو مفتي الشيعه أو اي طائفة أخرىَ بلغه طائفية كما حصل مع رئيس الحكومة في قرار تمديد التوقيت الشتوي على حاله لمدة شهر رأينا ما الذي حصل وكيف انتقل الغليان الى الشارع واشتعلت وسائل التواصل الإجتماعي بالمهاترات بينما كانت الصفقات تمر خلف ستارة هذه المحدلَة التي رموها بين أرجُل الناس الأغبياء،
جميع المذهبيين والبيوتات الإقطاعيه السياسية في وطن الأرز مُساهم في تكريس الطائفية والمذهبية لأنهم من دونها جميعهم يصبحون زبَّالة في نيويورك، نعم زبَّالة كل البيوتات السياسية من دون إستثناء وإن بقيوا في لبنان بعد تغيير النظام الطائفي سيُحاكمون على ما اقترفت أيديهم فيه، لذلك سنرى منهم إستشراساً في الدفاع عن إمتيازاتهم عبر رفضهم جميعاً إقتراح سماحة السيد حسن نصرالله أن يكون لبنان دائرة إنتخابية واحدة خارج القيد الطائفي على أساس النسبية،
سبحان الله الإسلاميين الأصوليين في لبنان المتهمين بأنهم يريدون إنشاء دولة إسلامية يطالبون اليوم بوطن علماني يجمع كل أطياف المجتمع تحت سقف الهوية اللبنانية بطيب خاطر، لكن مَن يَدَّعون بأنهم علمانيين الحاكمين يقاتلون من أجل إبقاء مركب المذهبية عائم ليبقوا على قيد الحياة السياسية،
من هنا نؤكد أنه على المواطن اللبناني العادي أن يُجَرِّد نفسه من طائفته ومذهبه لساعة واحدة يتأمل فيها مَن الذي سرق لبنان ومَن الذي جاءَ بإسرائيل ومَن الذي يريد تكريس المذهبية فيه؟
ومَن الذي دافع عنه وعن ثروته وحرر أرضه وهوَ اليوم يطالب بوطن علماني يضم الجميع،
المطلوب أنك تفَتِّح دماغك شوي وتحَكِّم ضميرَك شوي وتعرف مصلحتك وين وتعرف شو بدَّك حتى يا لبناني ما تعود توقف ذليل على باب الزعيم وحتى ما يتحكم فيك أبو فلان وفلان وصاحب الغبطَة والسماحة.
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha