في 2-12 – 2022 نشرت مقالا حمل عنوانا: “السيناريو الشبه كامل للانتخابات الرئاسية وموعد حصولها ومن هو الأكثر حظا فيها“ وفي هذا المقال ستجدون تفصيلا لما يجري اليوم من خلال التنافس ومحاولة التغيير بالمواقف والمواقع والانقلابات والاصطفافات الداخلية والدولية وأسبابها.
وبعد نشر هذا المقال، هاجمني غالبية إعلاميي محور المقاومة، بأنني أخطأت وكيف أكتب هكذا مقالا، وان باسيل لن يكون إلا مع الحزب، وكل ما يحصل هو مناورة، وهناك من وصل إلى حد القول بأن الحزب هو الذي طلب من جبران التمايز كي يستعيد شعبيته المسيحية، وأصبح عند كل إعلان عن تواصل أو لقاء بين التيار والحزب، أو حتى رن الهاتف بين التيار والحزب، تنهمر علي الرسائل كالمطر، بأنني أخطأت بكتابة المقال، وهناك من اتهمني بأنني أزعزع علاقة المقاومة مع قوى شقيقة، وخاصة عندما أعلن أن الجنرال عون أرسل تحياته إلى السيد، يعني وصلني من الرسائل والنقاشات والأفكار والتحليلات ما هو أكبر وأكثر واعظم من المكتبة الوطنية البريطانية، وبقيت تحت هذا الضغط النفسي طيلة ثلاثة اشهر حتى 20 – 2 – 2023 عندما اعلن السيد نصرالله، ان العلاقة بين “حزب الله” و “التيار الوطني الحر” تمر بمرحلة “حرجة”، حينها فقط خف الضغط عني قليلا، لكن قلت في نفسي “التوبة اذا بعد بكتب مقال بهيدا الخصوص”، وخاصة انه لا غاية شخصية لدي، انا همي هو صناعة رأي عام، وإنتاج توازن لتوضيح الاحداث السياسية فقط.
وبالفعل رغم ما جرى من متغيرات بالتحالفات وأحداث ، لكنني لم أكتب أي شيء عن الوزير باسيل، أنا أصلا منذ أن تركت التيار عام 2009 بعد 21 سنة من الانتماء لم أذكر الوزير باسيل إلا ما ندر وربما أقل من عدد أصابع اليدين.
وفي 18 – 5 – 2023 وصلني فيديوهات وتغريدات ورسائل لعدد من الإعلاميين الشيعة الذين يتحدثون عن حكمة وحنكة وذكاء ونباغت ونباهة الوزير جبران باسيل حول مقابلة حصلت مع الشرق الأوسط، فاعتقدت بان الوزير قرر انتخاب الوزير فرنجية، وعندما قرأت الشرق الأوسط، صدمت وقالت في نفسي الوزير باسيل انتقل من المربع الأول إلى المربع الثاني وهو ذاهب لإسقاط مرشح الحزب، ولم يبق أمامه إلا مربع حتى يبدأ بمهاجمة الحزب، كيف يتحدث الإعلاميون الشيعة هكذا، هم يرتكبون خطأ كبيرا للغاية، وعلى الرغم من تعهدي أمام نفسي بأنني لن أكتب شيئا، إلا أن خوفي على الطائفة الشيعية دفعني أن أكتب مرة ثانية، فالموارنة أن ربحوا حربا سياسية او خسروا حربا سياسية او حتى عسكرية لا شيء يؤثر عليهم، لهم كل الدنيا من الخليج حتى امريكا مرور باوروبا، ومكانتهم ومقامهم ومناصبهم محفوظة، وهم باعلى سلم الهرم اضافة ان لديهم امكانيات مادية ولغوية وتعليمية وكنسية، اما الامة السنية هي كالبحر، لا شيء يؤثر عليها او فيها كما انه لا شيء ينقصها ولا شيء يزيدها لانها هي الامة، المشكلة في الطائفة الشيعية التي تحاول ان تشق طريقها وتثبت وجودها وهذا حق لها، ولكن نحن كي نشق طريقنا الى القمة قاتلنا اقوى قوة عرفتها البشرية منذ فجر التاريخ وهي الامبريالية بكل دولها وتفاصيلها وادواتها ودهائها وتقنياتها العسكرية والالكترونية والاعلامية وخبثها واجرامها، وهذه القوة بحال ضعفنا او حتى انكسرنا لو جزئيا لن ترحمنا بل ستفتك وتنتقم منا، لذلك المطلوب من الطائفة الشيعية ان تكون بكل شيء تقريبا في القمة كي تشق طريقها في ثبات، وخاصة انه لم يعد هناك من مجال او وقت للاخطا مهما كانت صغيرة، والمشكلة ليست في المقاومة او بافرادها، فالمقاومة لم تخطئ بل نحن بيئة المقاومة لم نصل بعد الى مرحلة نواكب فيها تطور المقاومة.
وبسبب هذه الأفكار وخوفي على الطائفة الشيعية كسرت تعهدي على نفسي وكتبت في نفس اليوم 18 – 5 – 2023 مقالا تحت عنوان: بعد حديث الوزير باسيل للشرق الأوسط، هل يمكن القول (حتى أنت يا بروتس)، العنوان بحد ذاته والذي اختير بعناية فائقة هو أدق تعبيرا وتفصيلا وتوصيفا وشرحا لما يحصل مع الحزب في هذه الايام.
كالعادة اعترض الكثير على المقال، وإني استعجلت فالرجل لن ينقلب على الحزب ولن يسير مع المعارضة، وحتى أن أراد التمايز سيسمي أحد من التيار، كي لا يحرج نفسه والحزب، وبعد حديث النائب الآن عون، وصلني الحديث كتابة وبالصوت والصورة، للتأكيد أنني استعجلت، بكتابة المقال.
وكالعادة أصبت بكتابة المقال، وكنت أرجو أن لا أصيب بمقالي.
اليوم انقلب الوزير باسيل على الحزب ومرشحه الرئاسي الوزير فرنجية، بل أيضا شكل معارضة مسيحية ضد الحزب، وهل الحزب ينقصه خلافات مع الموارنة خاصة أو المسيحيين عامة، ليتم تشكيل هذه الجبهة بوجه الحزب، مع العلم أن كل ما قدمه الحزب للتيار هو من أجل خلق تقارب شيعي ماروني تحديدا،
على كل حال معركة الرئاسة قد تكون تحولت إلى تفصيل، بعد الذي حصل من تحالفات مسيحية جديدة، وأنا كنت قد حذرت في عام 2016 من التحالف بين التيار والحزب ومن معركة الرئاسة تحديدا في مقال عنوانه: حزب الله في خطر، وأنا أنصح بشدة أن يصلكم هذا المقال وهو مكتوب قبل سبع سنوات لدقته.
والمشكلة أن التيار يفهم الحزب جيدا، يعني بصريح العبارة التيار مرتاحا بمعركته السياسية ضد الحزب، لأنه يعرف أن حزب الله لا يخيف أحد بالداخل، وان الحزب هو حزب الاوادم حزب الطاهرين الصادقين الطيبين، وان الحزب لا يراوغ أو يتقلب في السياسة.
والمشكلة أنه أمثالنا الشيعة الذين هم مثل “زلط البحر” في السياسة، وبرغماتيين بسبب تجربتهم الكبيرة داخليا ودوليا وبالعمق وربما كنا بفترة جزء أو شاهدنا وسمعنا بام العين كيف يصنع القرار، لا مكان لنا في الطائفة بل نحن على الهامش.
أنا أعرف أن الحزب يدرك كل هذه التفاصيل ومقالي هو لبيئة المقاومة كي تساعد في ترشيد الاتجاهات والارتقاء إلى قدر المرحلة التي وصلنا إليها كي نحافظ عليها.
وإنه أن الأوان للتغيير لو قليلا، ومراجعة خطاب ومقالات بعض الإعلاميين الذين هم ضمن البيئة الشيعية، فمن نجح يأخذ فرصته، ومن فشل يأخذ حجمه لأن المكان والوقت لا يتسع للجميع، وهكذا تقتضي المرحلة، خاصة أن تعثرهم اليومي وفشل تحليلاتهم ونظرياتهم، أصبح كبيرا للغاية، الواحد منا يعذرهم أن تكون تحليلاتهم الدولية خاطئة، كون هذا الأمر طبيعيا فمن أين سياتون بمعلوماتهم أو مع من يجلسون لبناء صورة واضحة دوليا، وأيضا نعذرهم على تحليلاتهم الإقليمية وخاصة أن غالبيتهم دوره فقط تحريك فمه بما قاله زعيم آخر وهذا طبيعيا أيضا، لكن في الداخل أن تكون كل التحليلات أيضا خطا، هذا الأمر يشكل مشكلة كبيرة للغاية.
الامر يحتاج لمراجعة ليس من اجلنا بل من أجل الذين يراقبون تطورنا عالميا.
يجب علينا كإعلاميين وسياسيين في محور المقاومة أن نطور أنفسنا قدر المستطاع، من أجل أن نواكب التطور النوعي الذي يحققه المحور، وأن نؤثر في المتغير السياسي الداخلي.
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha