د.جواد الهنداوي ||
اتناول الموضوع من حيث انتهى الزميل الصحفي واصف عواضه ، في مقاله ،المنشور في ٢٠٢٣/٨/١ ،في صحيفة الحوار نيوز الالكترونية اللبنانية ، وعنوانه ” رياض سلامة يودع العرش المالي : دخلَ نبياً مُلهماً و خرجَ شيطاناً رجيماً “.
دخلَ رياض سلامة ” نبياً” كما يصفه الزميل عواضه ،ولكن مدة رسالته ٣٠ عاماً ، تعدّت بكثير مدة رسالة الانبياء عليهم السلام . رسالة خاتم الانبياء و رسول المسلمين محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام أُختتمت في ٢٣ عاما ، ١٣ عاما في مكة المكّرمة و ١٠ اعوام في المدينة المنّورة . المقاربة والمقارنة في المدّة فقط ، ولا مقارنة او مقاربة ،لاسمح الله ، بالشخوص او بقدسية الرسول ( ص ) او بقدسية رسالته العظيمة .
اذا اجتمعت السلطة وخزانة المال بيدٍ واحدة فسدت السلطة وخزانة المال وطالت اليد . ومَنْ يدّعي أنَّ السيد رياض سلامة لم تكْ لديه سلطة ،وكان فقط حاكم مصرف لبنان المركزي فهو واهم . لولا سلطته لما دام ثلاثين عاماً مؤتمناً على بيت المال . مصدر سلطته ليس الدستوراللبناني ، ولا اتفاق الطائف ، وانما أدارته لبيت المال بما يرضي ( ليس الله والوطن والشعب ) ،و انما اغلب سياسيي الداخل وقوى الخارج ،وفي مقدمة قوى الخارج الولايات المتحدة الامريكية.
لا ألوم رياض سلامة الذي بدأ عمله مصرفياً لحسابات واستثمارات الاغنياء ،ثمَّ نصّبه الشهيد رفيق الحريري حاكماً على مصرف لبنان عام ١٩٩٣ . ألومُ النظام الذي سمحَ لمسؤول مصرفي ان يدوم ثلاثين عاماً . وعلى الدول أنْ تعتبرْ ! و الاقربون من الدول الى لبنان ،في النظام السياسي ،وفي التعدديّة ، وفي المحاصصة ،أولى بالاعتبار . و الاعتبار هو الا يطول حاكم البنك المركزي ،في منصبه ،اكثر من المدة المقبولة والمعقولة ، فإنْ طالت مدته اصبحت الشبُهات والتكهنات مشروعة .
كان رياض سلامة مُسيّساً حتى النُخاع ،ومَنْ ذا الذي غير مُسيّسْ في لبنان ؟ .
أغرتّه نجاحاته في بداية عمله فاتخذ قراراً عام ١٩٩٧ ، ربط بموجبه الليرة بالدولار ، وسمح باستخدام كلتا العملتين بالتبادل .كان يغازل الامريكين ،ويحلمُ ان يصبح رئيساً للجمهورية ،على حّدْ ما رشحَ عبر “ويكليكس” من اوراق السفير الامريكي الاسبق في لبنان جيفري فيلتمان (للمزيد انظر ، مقال بعنوان ، كيف قاد رياض سلامة لبنان الى الافلاس ومصادرة اموال المودعين ، العربي الجديد ،لندن ،٢٠٢٣/٧/٢٦ ) .
إتكلَ رياض سلامة في عمله ليس على الله وليس على الوطن والشعب ،وانما على اقتناص الفرص ومسايرة اصحاب السلطة في الداخل وفي الخارج ،والذين لا تهمهم مصلحة لبنان ولا مصلحة الشعب ،فكانت النتيجة افلاس لبنان وتدهور قيمة الليرة وخراب الاقتصاد .
ما يخشاه رياض سلامة اليوم ليس ملامة الضمير ، ولا ملاحقته من قبل السلطات اللبنانية ، وانما ملاحقته من قبل السلطات الفرنسية والالمانية بتهم فساد وتبييض اموال .
مع كل ذلك ،لم يترك رياض سلامه عرشه باكياً كحال وزير المال في دولة نيجيريا ،حيث امهلوه قادة الانقلاب في نيجريا مدة ٤٨ ساعة لاعلامهم عن مواطن الفساد ومخبأ الاموال التي سُرقت من نيجيريا .
* رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات وتعزيز القدرات ، بروكسل .
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha