د. علي حكمت شعيب ||
طلبت السعودية بالأمس من رعاياها المقيمين في لبنان مغادرته سريعاً ومنعت سفرهم إليه.
إجراء تعتمده الدول من خلال سفارتها في بلد ما عند استشعار خطر كبير آت على رعاياها فيه.
ما تم تعليل القرار السعودي فيه هو الابتعاد عن مناطق الاشتباكات.
وهذا أمر غير مقنع لأنها محصورة في منطقة محددة من صيدا وليست منتشرة والعمل جارٍ على وأد نار فتنتها داخل مخيم عين الحلوة.
لذلك احتمال تمدّدها إلى مناطق أخرى لرفدها بمجموعات من التكفيريين النازحين من سوريا ضعيف.
إذاً يوحي القرار السعودي بالمغادرة بأمر آخر قد يكون خطراً خارجياً أو داخلياً مختلفاً أو هدفاً تفاوضياً تريد تحقيقه.
أما الخطر الخارجي فأقصاه عدوان صهيوني كبير.
وهذا ما لا يساعد عليه التحليل فالكيان الصهيوني المؤقت منهك داخلياً وغير جاهز نفسياً لاقترابه من عقدة الفناء الثالثة المتمثلة (بثمانين سنة) وقوة ردعه اليوم غير متماسكة وتتآكل لعوامل عديدة ذكرها قادته.
فقرار مصيري بمستوى الحرب على لبنان هو قضية وجودية بالنسبة له لا بد من تنسيقه مع أمريكا التي تركز اليوم على الحرب الأوكرانية وسيكون له تداعياته السلبية على تدفق الغاز الإسرائيلي المنهوب التي تحتاجه أوروبا بداية الخريف وفي الشتاء الذي بدأ يقترب.
وأما الخطر الداخلي المختلف عما يجري في مخيم عين الحلوة فهو:
إما حرب داخلية على المقاومة يقوم بها طرف داخلي يسوّق لمبرّر وجوده عند أسياده بقدرته على إحداث مثل هذه الفتنة الداخلية والأمر دونما شك مربك لكنه أشبه بقرار انتحار جماعي لهذا الطرف المغامر.
وإما عملية اغتيال لأحد رموز المقاومة الكبار وهذا سيؤدي إلى معركة مع الكيان الصهيوني المؤقت ليست على غرار ما يطمح إليه كمعركة بين الحروب بل *كمعركة كل الحروب ليكون بها زواله.
يبقى الاحتمال الأخير الذي على ما يبدو هو الأرجح وهو الضغط في عملية التفاوض القائمة على لبنان للسير برئيس جمهورية مؤيد للسعودية وأمريكا من خلال تعكير المناخ السياحي فيه وما سيتبعه من تداعيات على عملته الوطنية وعلى شعبه الذي يعاني من الأزمة الاقتصادية التي تديرها أمريكا.
هناك قسم من اللبنانيين يحبون أن يسموا السعودية مملكة الخير فهل ما تفعله بقرارها في هذا الوقت هو خير فعلاً لهذا البلد.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha