عدنان علامه ||
/ عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
حصلت الأسبوع الماضي تحليلات كثيرة تضخم المخاطر علی لبنان في ظل تسريبات تقارير حول جهوزية العدو وأخذ وزير الدفاع الإذن بإزالة الخيمة على الحدود؛ ولكن ما حصل في الكابينت الذي إعتبر أن الخيمة لا تشكل أي خطر أمني على الكيان المؤقت. وبالتالي فإن ما حصل هو تسريبات وجزء من حرب الإشاعة والحرب النفسية لرفع المعنويات المنهارة نتيجة الإنقسام العامودي الذي تسبب به نتنياهو بسبب إقرار التعديلات القضائية ووصل إلى التشكيلات العسكرية والأمنية.
وقد ساهم توزيع بيان السفارة السعودية بعد منتصف ليل الجمعة في زيادة إحتمالات وقوع عدوان وشيك.
وبالتالي فإني اتوجه إلى زملائي المحللين بالتأني في تحليلاتهم؛ وأن لا يقعوا ضحية التهويل الذي يعتمده قادة الحرب النفسية لدى العدو لأن أي خطأ أو مغامرة قد يقترفها قادة العدو لكسب "معركة بين الحروب" سيتسبب في زوال الكيان المؤقت. وآمل اخذ العبرة من كيفية قراءة العدو للمواجهة المحتملة.
07 آب/اغسطس 2023
################
تقديرات العدوّ: في المواجهة المقبلة مع حز.ب الله .. 6000 قذيفة ستنهمر علينا يوميًا
في ظلّ الصراعات الداخليّة المؤيدة والرافضة لقانون "الإصلاح القضائي"، في دولة الاحتلال الإسرائيلي، ارتفع بشكل ملحوظ احتمال الحرب عند الحدود الشماليّة مع لبنان، بحسب ما أشارت أحداث الحدود الإستثنائية بين "إسرائيل" وحز.ب الله، في الأسابيع والأشهر الأخيرة.
وأفادت صحيفة "إسرائيل هَيوم" أنّه، بحسب تقدير جهات أمنيّة، إذا بدأت حرب كهذه، فلن تكون محدودة في ساحة واحدة فقط؛ إنّما ستكون متعدّدة السّاحات ومشتركة، وربما ستنضم غزة أيضًا إلى المعركة، وسيكون على "إسرائيل" التعامل أيضًا مع "إرهاب" (عمليات فدائية) في الضفة الغربية، و"عنف" وإغلاق طرقات داخل الخط الأخضر وتهديدات إضافية".
بحسب ما جاء في التقرير، فإنّ السّيناريو الذي يستعدّون له، في "إسرائيل" في المجال المدني، تصَفه الجهات الأمنيّة على أنّه: "السيناريو الأخطر لحال القتال". وهذا السيناريو يشير الى اضطرار "إسرائيل" للتعامل مع إطلاق آلاف القذائف الصاروخيّة، في اليوم الأول من القتال، وفي الأيام الأولى من الحرب ستطلق عليها نحو 6000 قذيفة صاروخيّة، وسينخفض العدد خلال أيام الحرب إلى 1500 - 2000 قذيفة صاروخيّة في اليوم.
هذا؛ وأشارت التقديرات، وسط خبراء "الأمن"، إلى أنه في كلّ يوم سيكون هناك نحو 1500 إصابة مصنّفة فعّالة على "أراضي الكيان". وللمقارنة فقط، في عملية "درع وسهم" الأخيرة في قطاع غزة، أًطلق نحو مستوطنات الكيان نحو 1470 قذيفة صاروخيّة في أيام العمليّة الخمسة كلّها. وفي عملية "حارس الأسوار" كلّها (أيار 2021) أُطلق على "إسرائيل" نحو 4500 قذيفة في أيام العملية العشرة، وفي عملية "الجرف الصامد" كلّها (صيف 2014) ــ والتي استمرت حوالي 50 يومًا،ــ سُجل نحو 3850 قذيفة صاروخيّة (معدل 90 قذيفة تقريبًا في اليوم).. وأضاف التقرير: "مثلما يمكن أن نرى، الأرقام في المعركة الشماليّة أعلى من ذلك بصورة جوهريّة".
في ضوء حجم إطلاق النار المتوقع،ـ بحسب السيناريو المحدّث للمؤسسة الأمنيّة الصهيونيّة في معركة مشتركة يقودها حز.ب الله، سيُقتل نحو 500 مدني في الجبهة الداخليّة (الرقم لا يشمل عدد الجنود القتلى) وسيُصاب آلاف آخرون. لكن على الرغم من الأعداد المخيفة؛ فإنّ أكثر ما يُقلق حقيقة المؤسسة الأمنيّة هو "القدرة الدقيقة التي تتعاظم من حولنا". إذ قالت مصادر أمنيّة: "إنّ إحدى العبر المهمّة من الحرب الدائرة في أوكرانيا هي فعاليّة الطائرات الإيرانيّة غير المأهولة".
في إطار السّيناريو نفسه؛ لا يستبعد المعنيون في المؤسسة الأمنيّة إمكان أن ينجح حز.ب الله وإيران، أو وكلاؤهم، في ضرب منشآت استراتيجيّة معروفة وثابتة في الكيان، مثل محطات الكهرباء ما يتسبب في أن تقع "إسرائيل" في ظلمة لساعات طويلة، وربما حتى لأيام، فبحسب السيناريو ستكون "إسرائيل" في ظلمة بين 24 إلى 72 ساعة.
كما لفت تقرير الصحيفة إلى أنّ الخشية الثقيلة هي من إصابة دقيقة في محطات الطاقة، بشكل يلحق ضررًا شديدًا بالقدرة الإسرائيليّة على إنتاج كهرباء. إذ من دون كهرباء ستعطل وسائل الاتصال أيضًا بشكل جوهري، وكذلك البنية التحتيّة للهواتف الخلويّة، وربما قدرة التحذير من إطلاق صواريخ ستتضرر بشكل كبير.
الجواب على هذا التحدّيد، مثلما تقول مصادر أمنيّة، لمّا يكتمل حتى الآن. ومن جملة الأمور؛ سيكون التوجه بزيادة "الدفاع" الفعّال على هذه المنشآت وإلصاق "قبة حديديّة" ووسائل أخرى بها، مع سياسة اعتراض صارمة. كما أنّ هناك تحديًا لا يقلّ أهميّة يتمثّل بالسّاحة الداخليّة؛ حيث يُحتمل أن تضطر "إسرائيل" للتعامل مع أعمال شغب كثيرة داخليّة في الوقت نفسه. ومن أجل إخلاء الطرقات أمام حركة القوات والتعامل مع أعمال الشغب في الجبهة الداخليّة،ـ كي لا تعرقل القتال في الجبهة،ـ أنشأ الجيش الإسرائيلي 16 كتيبة احتياط.
على خلفية هذا السيناريو المُرعب؛ والذي وُصف في المؤسسة الأمنيّة على أنّه سيناريو "خطير - معقول"، ربما يمكن فهم عدم الرغبة في الانجرار إلى حرب، وسياسات الردّ المعتدلة في ظلّ الاستفزازات المتكرّرة لحز.ب الله على طول الحدود. ويمكن الافتراض أنّه إذا رغبت "إسرائيل" في المبادرة إلى خطوة ما، من أجل تقليص التهديد على الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة وإمالة شروط استهلال الحرب القادمة لصالحها، لا يمكنها فعل هذا في المناخ السّياسي الحالي في الوقت الذي يشكّك فيه كثيرون في دوافع الحكومة ورئيسها.. لكن في ظلّ الوضع الأمني الذي يشكّل تحديًا؛ لا يمكن لـ"إسرائيل" أن تسمح لنفسها بمواصلة الشّجار الداخلي، وسط قلق كبير في المؤسسة الأمنيّة والعسكريّة من تداعيات استمرار الشرخ الداخلي على الوضع الأمني.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha