نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، مقالة اليوم الثلاثاء للجنرال احتياط في جيش الاحتلال غيورا آيلاند، تضمنت أفكارا جديدة تمثل انقلابا غريبا على أفكاره التي دعا لها سابقا في خطته التي باتت تعرف بـ"خطة الجنرالات" ونظّر فيها لفكرة تجويع الفلسطينيين في شمال قطاع غزة وإجبارهم على النزوح للجنوب.
وتضمنت خطة الجنرالات التي وضعها آيلاند، أفكار تطهير عرقي، منها؛ قتل كل فلسطيني يبقى في شمال قطاع غزة على أن يجري تطبيق الخطة على كل القطاع بالتدريج.
والغريب في مقالة آيلاند التي نشرت اليوم، دعوته إلى وقف الحرب، من أجل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، مطالبا بتحسين شروط التفاوض مع حركة حماس، وعدم التمسك بالبقاء في محور فيلادلفيا لأن ذلك أمر تافه من وجهة نظره.
وبالنسبة للجنرال الإسرائيلي، فموضوع الأسرى لدى المقاومة ليس السبب الوحيد وراء دعوته لوقف الحرب، وإنما كذلك جمود مشاعر المستوطنين تجاه جنودهم الذين يقتلون أو يصابون في ساحات المعارك حتى أصبح خبر مقتل جندي أمر اعتيادي.
وقال إن العبء الجنوني على الجنود هو سبب آخر وراء دعوته لوقف الحرب، وهذا العبء لا يمكن التخلص منه إلا بوقف الحرب، مع إشارته إلى جنود الاحتياط الذين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة وبحاجة للعودة لسوق العمل لتسيير أمور حياتهم.
ومن وجهة نظر آيلاند فإن العبء الاقتصادي سبب جوهري للدعوة لوقف الحرب، حيث إن تكلفة يوم القتال يزيد عن نصف مليار شيقل. أما السبب الرابع والأخير فهو هشاشة وضع الاحتلال في الرأي العام العالمي خاصة فيما يتعلق بجبهة غزة.
واعتبر أن استمرار القتال قد يؤدي لمقتل الأسرى الإسرائيليين، وسيقتل المزيد من الجنود، ولن تتأثر قدرة حماس على التحكم في قطاع غزة، وسيبقى لديها من يقاتل في الميدان، ولذلك يجب إتمام صفقة لتبادل الأسرى مع الحركة، والضغط من خلال إعادة الإعمار لفرض شروط تتعلق بسلاحها.
وكان معهد دراسات الأمن القومي في "تل أبيب"قد نشر ورقة تقدير موقف اعتبر فيها أن الخطة لن تحقق أهداف الحرب، وذلك أساساً لأنها تتجاهل عدداً من المشاكل والعقبات الأساسية التي ستجعل من الصعب تنفيذها وتحقيق أهدافها.
وبحسب المعهد الأمني الإسرائيلي، فإن فرض الحصار على "قوات العدو" أمر مشروع ومسموح بموجب القانون الدولي، بشرط إعطاء السكان المدنيين فرصة معقولة لمغادرة المنطقة عبر ممرات آمنة قبل فرض الحصار. ومع ذلك، فإن "خطة الجنرالات" لا تتناول الاحتمال ببقاء جزء من السكان في شمال قطاع غزة بحيث سيكونون تحت الحصار، وتتجاهل العواقب التي ستترتب على ذلك بالنسبة للاحتلال.
وتابع المعهد موضحا أنه من المفترض أن يرفض جزء من السكان التهجير مرة أخرى إلى جنوب قطاع غزة، لأنه لا توجد بدائل معيشية أفضل تنتظرهم هناك، وهذا يعني تحمل الاحتلال مسؤولية دخول المساعدات الإنسانية وحظر تجويع السكان، بينما يخضع استخدام الحصار كأداة لانتقادات دولية وعلنية واسعة النطاق، وذلك بسبب احتمالية إلحاق الضرر بالسكان المدنيين، ومن المفترض أن يؤدي الحصار المفروض على شمال قطاع غزة إلى جولة أخرى من الأوامر ضد الاحتلال في إجراءات الإبادة الجماعية المرفوعة ضده في محكمة العدل الدولية. بالإضافة إلى ذلك، فإنه سيعزز أيضًا الطلب المعلق لإصدار أوامر اعتقال ضد رئيس حكومة الاحتلال ووزير الحرب أمام المحكمة الجنائية الدولية، وسيزيد من خطر استجابة المحكمة الجنائية الدولية للطلب وإصدار الأمر.
وفق المعهد، إذا فرض الاحتلال حصارا على شمال قطاع غزة، وحتى لو التزم بجميع متطلبات القانون الدولي، فإنه سيتعرض لانتقادات قاسية ومتزايدة، الأمر الذي سيعزز الادعاءات ضده بارتكاب جرائم حرب، وفي هذه المرحلة - في ضوء استمرار الحرب لأكثر من عام، والوضع الإنساني السيئ الذي يعيشه السكان في غزة، فضلاً عن القتل والدمار على نطاق واسع في قطاع غزة - لا يمكن للاحتلال أن يتخذ خطوات إضافية من شأنها الإضرار بشرعية عدوانه على قطاع غزة لدى ما يسمى بالمجتمع الدولي.
وبيّن المعهد الأمني الإسرائيلي أن "خطة الجنرالات" لا تقدم حلولاً سياسية من شأنها أن تساعد على استقرار قطاع غزة على المدى الطويل، فهي لا تهيئ الظروف لقيادة بديلة عن حماس في القطاع، بل إنها ف ترفض أي اقتراح لدمج السلطة الفلسطينية في إدارة القطاع، وبالتالي فإن "خطة الجنرالات" قد تقود الاحتلال إلى طريق احتلال قطاع غزة وإقامة حكومة عسكرية هناك، على أن تقع على عاتقه مسؤولية أكثر من مليوني مواطن من سكانه، وقد يؤدي هذا الوضع إلى تفاقم التحديات الأمنية والسياسية التي يواجهها، ويضع عبئا ثقيلا على الاحتلال.
https://telegram.me/buratha