بعد الإعلان المبشر لشركتي "فايزر" الأميركية لصناعة الأدوية و"بيونتك" الألمانية للتكنولوجيا الحيوية، بشأن التوصل إلى لقاح فعال مضاد لفيروس كورونا المستجد، تنفس العالم الصعداء وبدا العلماء أكثر تفاؤلا بشأن إمكانية التصدي للوباء الذي أصاب الملايين حول العالم.
والاثنين أعلنت الشركتان أن لقاحهما التجريبي لصد مرض "كوفيد 19" فعال بأكثر من 90 بالمئة، وهو ما يمثل انتصارا كبيرا في المعركة ضد الوباء الذي أودى بحياة أكثر من مليون شخص، ودمر الاقتصاد العالمي وقلب أنماط الحياة اليومية رأساً على عقب.
لكن تبقى العديد من الأسئلة بحاجة إلى إجابات، منها كيف يعمل هذا اللقاح؟ ومتى وأين سيكون متاحا في مراحله الأولى؟ وما مدى قرب العالم من القضاء على الوباء؟
كيف يعمل؟
ببساطة، يعتمد اللقاح الجديد على مادة وراثية تسمى "mRNA" تمكّن الجسم من إنتاج البروتينات الموجودة على السطح الخارجي لفيروس كورونا، التي تمنحه شكله التاجي المميز.
يُدخل اللقاح هذه المادة الوراثية إلى جسم الإنسان، ويحفز الخلايا البشرية لإنتاج البروتين الموجود على سطح الفيروس، فيشعر الجسم خطأً بأنه تعرض لعدوى الفيروس، واستجابة لهذا ينتج أجساما مضادة للفيروس، ثم يتم تنشيط مسارات المناعة الأخرى للحماية من العدوى.
متى وأين سيكون متاحا؟
سيحتاج العالم بعض الوقت قبل أن يتوفر اللقاح، حيث يجب أن يحظى بموافقة السلطات الصحية المختصة.
وقالت "فايزر" إنها تخطط لتقديم طلب إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية للحصول على الموافقة على استخدامه بمجرد أن تسمح بيانات السلامة، وربما يحدث ذلك في الأسبوع الثالث من شهر تشرين الثاني.
لكن طرح اللقاح في بعض البلدان سيتأثر ببنيتها التحتية ومدى توفر إمكانات تخزينه بشروط معينة، أهمها توافر ثلاجات تعطي درجة الحرارة "سالب 80" اللازمة لحفظه.
كما أن توافره سيعتمد على حجم إنتاجه، الذي يجب أن يتم بمستويات ضخمة.
وأبرمت شركتا "فايزر" و"بيونتك" عقدا بقيمة 1.95 مليار دولار مع حكومة الولايات المتحدة، لتقديم 100 مليون جرعة لقاح بداية هذا العام، كما توصلتا إلى اتفاقات توريد مع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا واليابان، التي يبدو أنها ستكون أولى الجهات التي ستحصل عليه.
ما مدى قرب العالم من النجاح في مواجهة كورونا؟
بعد عدم ظهور أي علامات على مخاوف تتعلق بالسلامة، ومع مشاركة متطوعين من خلفيات متنوعة، يبدو أن لقاح "فايزر" و"بيونتك" في طريقه لتجاوز الشروط الصحية اللازمة قبل حصوله على الموافقة من السلطات المختصة.
وكان باحثون قد أكدوا في وقت سابق أنهم سيعطون الضوء الأخضر للقاح بنسبة فعالية لا تقل عن 50 بالمئة، وهو رقم نجح اللقاح الجديد في تخطيه بالفعل.
ويتفق معظم الخبراء على أن نتائج اللقاح الجديد تعد أخبارا ممتازة، لكن التفاؤل يجب أن يأتي مع ملاحظة مهمة هي أن النتائج لا تزال أولية، تمت مشاركتها فقط من خلال بيان صحفي، فيما لم تكتمل الأحكام العلمية بعد.
وتعد شركة "فايزر" وشريكتها أولى شركات الأدوية التي تنشر بيانات ناجحة من تجربة سريرية واسعة النطاق للقاح لفيروس كورونا.
وقالت الشركتان إنهما لم تجدا حتى الآن مخاوف خطيرة تتعلق بالسلامة، وتوقعتا الحصول هذا الشهر على تصريح أميركي لاستخدام اللقاح في حالات الطوارئ.
وإذا حصلتا على التصريح، سيكون عدد الجرعات محدودا في البداية، ولا تزال أسئلة عديدة بلا جواب بما في ذلك الفترة التي يوفر فيها اللقاح حماية، ومع ذلك فإن الأخبار تتيح الأمل في أن لقاحات "كوفيد 19" الأخرى قيد التطوير قد تثبت فعاليتها أيضا.
تعليق بايدن والشركتين
وقال الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن في بيان: "نبأ اليوم رائع، لكنه لا يغير هذه الحقيقة. إعلان اليوم يبشر بفرصة تغيير ذلك العام المقبل، لكن المهام التي أمامنا الآن تظل كما هي".
وأوضح ألبرت بورلا الرئيس التنفيذي لشركة "فايزر": "اليوم يوم عظيم للعلم والإنسانية. وصلنا لهذا الإنجاز الحاسم في برنامج تطوير اللقاحات في وقت يحتاجه العالم بشدة، مع تسجيل معدلات الإصابة أرقاما قياسية جديدة واقتراب المستشفيات من الامتلاء ومكافحة الاقتصادات من أجل إعادة الفتح".
وقال أوغور شاهين الرئيس التنفيذي لشركة "بيونتك" لـ"رويترز"، إنه متفائل من أن تأثير التحصين للقاح سيستمر لمدة عام، رغم أن ذلك غير مؤكد بعد.
كما ذكر وليام شافنر خبير الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة "فاندربيلت" في ناشفيل بولاية تينيسي، أن "بيانات الفعالية مثيرة للإعجاب حقا. هذا أفضل مما توقع معظمنا. الدراسة لم تكتمل بعد لكن مع ذلك تبدو البيانات قوية للغاية".
https://telegram.me/buratha