وفيما ينشغل الطرفان بملاحقة السافرات واغتيال الشباب حليقي الوجه، وتوزيع المنشورات وفرض «شريعتيهما» على غرار وزارة حكومة «طالبان» في أفغانستان، تشير المعلومات الى ان هجرة واسعة هرباً من العمليات العسكرية الاميركية في عدد من المناطق، وانتقال قيادات «القاعدة» بزعامة الزرقاوي الى قلب بغداد، مستغلين تنفيذ «فرق الموت» عمليات ضد السنّة، واطلاق القوات الأميركية الضوء الأخضر لمهاجمة دوريات الشرطة في الأحياء السنّية لإعلان شريعة «إمارة بغداد»، في منطقتي الدورة والعامرية وتعيين أمير لكل منهما.وترزح أحياء واسعة في بغداد، في غياب الأمن منذ شهور، تحت رحمة أحكام متشددة، مهدت لإعلان «القاعدة» التي تصدر بياناتها باسم «مجلس شورى المجاهدين»، إمارة إسلامية في منطقتين: الأولى في الدورة الى جنوب المدينة بزعامة «أمير» اسمه «ابو ذر»، والاخرى في العامرية (غرب) و «أميرها» أبو حذيفة، حسب ما يقول الذين يتضاعف رعبهم من الوجود الكثيف للمسلحين في شوارع الحيين، وتوزيعهم منشورات تركز على إعلان أحكام تمنع تجول السافرات، أو حلاقة الشعر أو ارتداء الشورت أو الجينز.
وأكد شهود في العامرية ان فتاتين خطفتا على مرأى من الناس في شارع العمل الشعبي، واعيدتا الى منزلهما بعد ساعات «حليقتي الرأس»، ووزعت منشورات تؤكد أن حلق شعر السافرات «حكم مخفف»، و «القتل سيكون مصيرهن بعد الآن»!
ويسرد علي العزاوي، من حي الدورة، قصة اغتيال اخيه وليد لارتدائه الشورت وتصفيف شعره وفق الموضة. ويؤكد ان سيارة من نوع «اوبل» سوداء توقفت امام باب المنزل، حيث كان يقف أخوه وصديق له، واطلق مسلحون النار عليهما، وتلقت عائلة صديق وليد رسالة اعتذار من القتلة عن اغتياله لأنه كان مع «الفاسق» في مكان واحد! وتؤكد عائلة «أم حسان» من منطقة المهدي، ان مسلحين فتحوا النار على والدتهم ثم ارسلوا يهددون العائلة ويطالبونها بمغادرة المنزل، لأن القتيلة «كانت تختلط مع الرجال وتعمل في التجارة، وهذا مخالف للأوامر الشرعية».ويشير مطلعون على حركة الجماعات المسلحة في العراق إلى أن التخطيط لجعل بغداد منطقة عمليات أساسية لتنظيم «القاعدة» أقر بعد عملية الفلوجة الأولى عام 2004 ومنذ ذلك الحين نظمت هجرات بطيئة لمسلحين وعائلاتهم، الى أحياء ذات غالبية سنّية في بغداد، من مدن الرمادي والفلوجة وتلعفر وسامراء واللطيفية، وكانت الهجرات تتضاعف قبيل وخلال عملية عسكرية اميركية واسعة في مدن غرب العراق وشماله. وسرّعت الأحداث الطائفية التي اعقبت تفجيرات سامراء وتيرة تنفيذ فرز سكاني على أساس مذهبي واسع النطاق لـ «تطهير» أحياء الغزالية والدورة والخضراء والعامرية والأعظمية من الشيعة، ثم من السنّة غير المتعاطفين مع «القاعدة» تمهيداً لجعلها أحياء مغلقة تكون نواة لتطبيق أحكام التنظيم بالقوة.
جريدة الحياة
https://telegram.me/buratha