خلال شهر نيسان الحالي، تجرى انتخابات مصيرية في ست بلدان بعضها غير مستقر حول العالم، يشارك بها نحو "بليون ناخب" وفق ما اوردته صحيفة الغارديان البريطانية، والتي اطلقت على نيسان بأنه "شهر الديمقراطية"، وامس السبت، جرت الجولة الاولى من الانتخابات الافغانية، وسط صعوبات وتحديات امنية ولوجستية وفساد، ما يعني انها لن تسفر عن تغييرات حقيقة في وجه السلطة، وهو الامر ذاته الذي ينطبق على العراق.
ست بلدان على موعد مع استحقاق اختيار ممثلين او رؤساء لتخطي مشكلات ترهق مجتمعاتها، وهي الهند وأفغانستان والمجر وإندونيسيا والجزائر والعراق، الذي ستجرى انتخاباته في اليوم الاخير من الشهر، ما ستعد نهاية "الربيع الانتخابي"، لتبدأ بعدها المعركة الانتخابية في مصر خلال ايار المقبل.
وينتظر العراقيون انتخاباتهم الجديدة، وسط تمزق كبير في اوساط المعارضة، فالقوة الرئيسة التي كان يعوّل عليها الناخبون المعارضون لرئيس الوزراء نوري المالكي، هي التيار الصدري، بوصفها تملك قاعدة شعبية ومواقف تؤهله لسحق طموحات الرجل الساعي الى ولاية الثالثة، حُجمت مع اعلان زعيم التيار مقتدى الصدر منتصف شباط الماضي اعتزاله العمل السياسي، فتضاءلت آمال ازاحة المالكي من السلطة، بمقابل ضعف خصومه من السُنة او الليبراليين، وانكفاء الكرد على مشروعهم الذاتي، وتقهقر شعبية الغريم القديم أياد علاوي.
من المفترض ان يتوجه نحو 21 مليونا و592 ألفا و882 ناخباً، الى صناديق الاقتراع، لكن ثمة مشكلات تعترض اجراءات الانتخابات في مناطق مشتعلة، كالرمادي والفلوجة وغيرها من البلدات في ديالى وصلاح الدين، فضلا عن الاخطاء القاتلة التي وردت في البطاقات الانتخابية الالكترونية وتوزيعها، والتهديدات الامنية وعزوف الناخبين بسبب الاحباط مما وصلت اليه اوضاع البلاد.
المفوضية العليا للانتخابات في العراق، اعلنت امس السبت، على ذمة وكالات انباء، عن توزيع نحو 17 مليون بطاقة انتخابية للتصويتين الخاص والعام، مبينة ان نسبة توزيع "بطاقة الناخب" بلغت اكثر من 75% من العدد الكلي للبطاقات في محافظات البلاد، مع التأكيد ان خطة التوزيع مستمرة. لكن المفوضية لم تعلن حجم الاقبال على استلام البطاقات من قبل الناخبين.
الحملات الانتخابية، بدت هزيلة وغير مقنعة، وقبالتها شنت حملات اكثر نشاطاً على مواقع التواصل الاجتماعي، للسخرية من "ادعاءات" و"وعود" القوائم ومرشحيها، ما عكس هاجساً عاماً بعدم ثقة الشارع بالخيارات الانتخابية المتاحة.
وتأتي انتخابات 2014 في مناخ سياسي محتقن ومنقسم، فالخطوات "الجدية" التي اتخذها رئيس الوزراء خلال ولايته الاولى لاستقرار الوضعين الامني والسياسي في البلاد، وتحسين الدخل والخدمات، انقلب عليها في ولايته الثانية، وما جعل حكومته "صورية" بسبب الانسحابات المتكررة وسعي الحلفاء والخصوم الى سحب الثقة منه، وبالنهاية تحول حكمه الى "النهج الديكتاتوري" وتوريط البلاد في حرب قد تؤدي الى انقسام غرب العراق.
انهيار الثقة بالعملية السياسية، وهيمنة رئيس الوزراء نوري المالكي على مفاصل الدولة، قد تدفع الكثير من الناخبين الطامحين للتغيير الى العزوف، بسبب عدم وجود قوى معارضة بامكانها انتزاع منصب رئيس الوزراء من المالكي.
ويقول مصدر مطلع في المفوضية العليا للانتخابات في العراق، ان "التوقعات وفقاً لمكاتب المفوضية في المحافظات وفي ظل الاجواء السياسية والامنية، فإن حجم الاقبال لن يكون مرتفعاً".
ويتوقع المصدر ان "يكون الاقبال على صناديق الاقتراع لا يتجاوز نسبة 35% في عموم البلاد، ولاسيما في ظل وجود اعداد كبيرة من المهجرين، وانتشار القوى الامنية والجيش في مناطق ساخنة او شديدة الخطورة".
ويشدد على ان "الصعوبات التي تعترض عمل المفوضية تكمن بأن الوضع السياسي والامني غير مريح بالمرة، وان ذلك انعكس على الاداء والثقة التي يجب ان تتمتع بها المفوضية كجهة منظمة للانتخابات".
وواحدة من التحديات التي تواجه المفوضية اصدار بطاقات لناخبين موتى، على الرغم من نفيها المتكرر لحدوث هكذا خطأ مع البطاقة الالكترونية، على اعتبار انها اعتمد على تحديث اسماء وزارة التجارة، فضلا عن سجلاتها، لتقليل نسبة الخطأ. مؤكدة ان انتخابات 2014 هي انتخابات بلا موتى.
وهذا ما أكده لـ"العالم الجديد" المواطن سعد (53 عاماً) بعد أن فوجئ عند مراجعته لمركزه الانتخابي في البصرة، بأنه "بلا بطاقة" بسبب عدم ورود اسمه في القوائم، لكن بطاقة نجله الاكبر "علي" المتوفى في العام ، 2010 موجودة ما أثار غضبه بسبب ما وصفه بـ"اهمال المفوضية لعملها وتقاعس موظفيها عن اداء واجبهم بالشكل الصحيح".
https://telegram.me/buratha