تختلف الاحزاب السياسية بمنطقة كردستان بشأن من ينبغي ان يشغل المناصب الكبرى في بغداد، ومن بينها رئاسة الجمهورية، ذلك ان مرشح الاتحاد الوطني لرئاسة العراق لا يحظى بموافقة مسعود بارزاني، الذي يرى ان أي رئيس مقبل للعراق لا بد ان يوافق عليه حزبه.
حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي ما زال زعيمه جلال طالباني رئيسا للعراق على الرغم من طيرانه الى المانيا اثر جلطة اصابته في كانون الاول من العام 2012، اقترح رسميا شخصا اخر من اعضائه بوصفه خيارا محتملا لتولي منصب الرئيس.
وقال عادل مراد، العضو القيادي في الاتحاد الوطني" ان "افضل شخص لمنصب الرئاسة هو نجم الدين كريم"، محافظ كركوك الحالي، الذي يعتقد انه فاز بما يزيد عن 150 الف صوت في انتخابات يوم الاربعاء الماضي. وفي رد على تصريح الاتحاد الوطني هذا، حذر مكتب رئيس اقليم كردستان، مسعود بارزاني، من أي خطوة انفرادية نحو المنصب الرئاسي ببغداد. وقال مكتب بارزاني ان " ترشيح أية شخصية لمنصب رئيس جمهورية العراق يجب أن يحظى بموافقة البرلمان الكردستاني".
وشدد البيان على حق الكرد بشغل منصب رئاسة العراق في الحكومة المقبلة. وقال ان "منصب رئيس جمهورية العراق الاتحادي هو من حق الشعب الكردستاني ونؤكد على هذا الحق للشعب الكردي".
لكن مراقبون يرون ان لغة البيان غير موفقة، بسبب انها تبدو وكأنها تشير الى الاتحاد الوطني على انه "ليس كرديا" او انه "لا يمثل الشعب الكردي".
لكن هناك سبب آخر.
مصادر صحفية مقربة من اربيل تقول ان نجم الدين كريم شخصية "مثيرة للجدل"، ولم يحظ بقبول حزب بارزاني المهيمن في ان يكون على رأس قائمة كردية موحدة في كركوك، وان لديه صلات وثيقة بالولايات المتحدة، ومن المرجح ان يحظى بدعم واشنطن إذا هو حاول الحصول على منصب رئاسة الجمهورية.
ومع ذلك، العلاقات الوثيقة نفسها يمكن ان تعقد حظوظه ما دامت ايران، وهي العدو اللدود لواشنطن، كانت لها الكلمة الاخيرة بشان المناصب الرفيعة في الانتخابات الاخيرة.
والسنة من جانبهم كانوا قد اشاروا الى رغبتهم بمنصب رئاسة الجمهورية. ففي الاسبوع الماضي، نقل عن الرئيس السابق للبرلمان، محمود المشهداني، قوله ان السنة لهم الحق بهذا المنصب هذه المرة.
وفي الانتخابات السابقة، الاحزاب السياسية الكردية، باستثناء حركة تغيير (غوران)، اتفقت على تشكيل كتلة كردية لتقوية الموقف الكردي ضد بغداد. وكل الاطراف الكردية بقيت متحدة على مسائل وطنية تراها حساسة تجاه بغداد، بنحو رئيس ما يسمى بالاراضي المتنازع عليها، وقوات البيشمركة وقضايا النفط.
اجمالا، حصلت الاحزاب الكردية على 57 مقعدا في البرلمان في انتخابات العام 2010. والنتائج الاولية غير الرسمية لانتخابات يوم الاربعاء الماضي تبين ان الكرد ربما يفوزون بالعدد نفسه من المقاعد مرة اخرى.
ويقول سعدي احمد بيره، القيادي في الاتحاد الوطني، ان "صوتنا واحد بشان القضايا الوطنية، لكن اذا شكل الكرد كتلة كردية سيكون الحال افضل". واضاف ان "يجب على الكرد ان يتفقوا على خطوط عامة وينبغي منهم التوجه الى بغداد على اساس هذه الخطوط التي من شانها ان تشمل اراء كل الاطراف الكردية".
في الوقت نفسه، مثنى امين، وهو مسؤول بارز في الاتحاد الاسلامي الكردستاني، الذي كان على مدى السنوات الاربع الماضية جزءا من الكتلة الكردية التي يهيمن عليها حزبا الديمقراطي والاتحاد، يعتقد ان لا ضرر من عدم وجود كتلة كردية واحدة هذه المرة، ما دامت الاطراف كلها متفقة على جبهة واحدة ازاء قضايا وطنية مهمة.
ويقول "لاننا متفقون على القضايا الوطنية الحاسمة في بغداد، فان على الاحزاب الكردية ان تتفاوض وتتفق على شيء معين". لكنه يقول ان وجود كتلة واحدة يعني ان "الديمقراطي والاتحاد لا يأبهون باراء الاطراف الاخرى". وبالنسبة لغوران، التي بقيت خارج الكتلة الكردية ببغداد، فان من المبكر الحديث عن تشكيل كتل وصياغة مواقف.
اذ يقول ارام شيخ محمد، وهو مرشح غوران الفائز في الانتخابات البرلمانية، ان "المالكي لا يستطيع تشكيل الحكومة لوحده. وهذا سيتطلب وجود ائتلاف (مع اطراف اخرى). وينبغي منا الانتظار حتى تتضح الامور".
الاتحاد الاسلامي الكردستاني (كومال) اكثر تفاؤلا بشأن تشكيل تحالف كردي ببغداد، على الرغم من حرمانهم من المناصب ببغداد في الانتخابات التي سبقت. وترى كومال ان تشكيل حكومة كردية واسعة النطاق في منطقة كردستان على انه فصل جديد في كيفية تمكن الاطراف الكردية من العمل سوية لتحقيق الحقوق الكردية الوطنية.
اذ يقول فاتح دارا آغي، وهو النائب عن كومال في البرلمان العراقي، ان تشكيل "حكومة كردية واسعة النطاق وحسم موضوع رئاسة برلمان كردستان مؤشرات واضحة على ان كل الاطراف الكردية من شانها ان تذهب الى بغداد بوصفها فريقا لاجراء محادثات وتشكيل فصيل متحد".
ومنحت كومال، للمرة الاولى، في برلمان اقليم كردستان الجديد منصب سكرتير البرلمان، بعد ان رفض الاتحاد الوطني الترشح للحصول على هذا المنصب.
ويعتقد آغي ان ما زال من المبكر جدا بالنسبة للكرد الحديث عن توزيع المناصب، ما دام من غير الواضح حتى الان ما المناصب التي ستوافق بغداد على عرضها عليهم.
ويتفق مراقبون على ان تشكيل الحكومة العراقية المقبلة سيأخذ شهورا، حال انغماس الشيعة والسنة والكرد بمفاوضات طويلة في ما بينهم وبين مكونات تكتلاتهم.
https://telegram.me/buratha
