أضحت القوات الأمنية التي تشن حملة عسكرية، منذ يومين، على بلدات شمال تكريت، على مشارف أحد أكبر معاقل ارهابيي (داعش) في صلاح الدين،
في حين كشفت خيوط الصباح الأولى بعد تحرير عدد من القرى المتاخمة لقضاء بيجي ومدينة تكريت، عن مشهد لمجموعة من المنازل المهدمة لمنتسبي الأجهزة الأمنية وشيوخ عشائر رفضوا مبايعة التنظيم الارهابي الذي سيطر على مساحات واسعة من المحافظة عقب سقوط الموصل بـ24 ساعة، بحسب ما أفاد به مسؤولون محليون وشخصيات عشائرية قريبة من العمليات العسكرية.
في حين أعلن القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، اليوم السبت، عن "انتصارات" أحرزها الجيش في معارك بيجي، مؤكداً أن تلك المعارك "ستؤمن انبوب النفط إلى بغداد وتعيد فتح الطريق البري الواصل إلى نينوى".
وتقول أطراف مطلعة في صلاح الدين، في حديث إلى صحيفة (المدى)، إن "الجيش المسنود بطيران جوي كثيف تابع للقوة الجوية العراقية وللتحالف الدولي، ومساعدة العشائر، صار قريباً بمسافة ستة كيلومترات عن مركز قضاء بيجي، الذي يضم أكبر مصافي النفط العراقية"، وتشير إلى أن "الجيش يحاصر تكريت من محاورها كافة".
وتتوقع تلك المصادر، أن "يتم تحرير المدينتين خلال الـ72ساعة المقبلة"، وتبين أن "ارهابيي تنظيم داعش لجأوا إلى التنقل بالدراجات النارية بعد أن تعذر عليهم استعمال السيارات التي صارت مكشوفة أمام الضربات الجوية"، وتؤكد أن "قرى شمال تكريت شهدت هروباً كبيراً لارهابيي داعش باتجاه الموصل".
وكانت محافظة صلاح الدين أعلنت، أمس الجمعة،(الـ17 من تشرين الأول 2014 الحالي)، عن تحرير منطقتين تقعان بين قضاء بيجي وتكريت،(170 كم شمال العاصمة بغداد)، وفي حين بينت أن العمليات العسكرية "ليست سريعة" وتتضمن عمليات تفتيش ومسك الأرض، أكد مسؤول محلي، على أهمية "كسب ود" عشائر المناطق المحررة ضماناً لعدم عودة الارهابيين إليها، بعد أن فقدوا "حواضنهم" بين السكان بسبب السلوك المتشدد والاعتداء على الممتلكات والأرواح.
من جانبه يقول أحد قادة الصحوات في صلاح الدين، ونس الجبارة، في حديث إلى صحيفة (المدى)، إن "العمليات العسكرية في مناطق شمال تكريت تتقدم بشكل كبير، وسط تعاون مثمر من سكان تلك البلدات"، ويبين أن "القطعات العسكرية صارت قريبة من قرى البو طعمة، والحجاج، الملاصقة لبعضها والقريبة من جنوب قضاء بيجي، كما أنها تقترب من مناطق المزرعة والبوجواري التي تبعد 6 كم فقط عن مركز مدينة بيجي".
يضيف الجبارة، الذي ينحدر من عشيرة اشتهرت في المحافظة بمقاتلة الارهابيين، لاسيما في ناحية العلم،(10 كم شرق مدينة تكريت)، التي تعد المعبر الوحيد أمام التنظيم الارهابي باتجاه الموصل، أن "قضاء بيجي أكبر معاقل تنظيم داعش في صلاح الدين، وكان أول بؤر التوتر قبل السيطرة على تكريت وباقي مناطق المحافظة".
ويؤكد المسؤول في الصحوات، أن "القطعات العسكرية تجاوزت، اليوم، قرى المحزم والحمرة، وصارت في آخر نقطة من القرية الأخيرة، وتحاصر تكريت من جوانبها كلها"، ويوضح أن "القوات الأمنية التي حررت القرى في شمال تكريت، التي هجرها معظم سكانها بعد فرض داعش تعليماته المتشددة، تواجه مجموعة منازل مدمرة تابعة لمنتسبي الأجهزة الأمنية وشيوخ عشائر رفضوا الانصياع لأوامر التنظيم، حيث تم تفخيخها وهدمها بالكامل".
ويتابع الجبارة، أن "التقدم في شمال تكريت، أحدث إرباكاً واضحاً في تحركات داعش، إذ اضطرهم استعمال الدرجات النارية للتنقل لأن السيارات صارت هدفاً واضحاً لضربات طيران التحالف"، ويرى أن "زخم الهجمات التي كانت تطال مدنية الضلوعية، جنوب تكريت، تراجع كثيراً".
إلى ذلك يقول عضو مجلس النواب عن محافظة صلاح الدين، عبد القهار السامرائي، في حديث إلى صحيفة (المدى)، إن "العمليات العسكرية بدأت من شمال تكريت، لوجود قوات أمنية كبيرة في تلك المنطقة قرب جامعة تكريت وقاعدة سبايكر"، ويشير إلى أن "العمليات تهدف إلى عزل تكريت وقطع خط الامدادات الواصل إلى بيجي من المنطقة الشمالية المرتبطة مع الموصل والحدود السورية، التي تعد أكبر مصدر لتمويل داعش بالسلاح والعناصر".
ويكشف السامرائي، عن "مشاركة قيادتي عمليات صلاح الدين وشرطتها وقوات سوات، في تلك العمليات، بمساندة طيران التحالف الدولي"، ويرجح أن "تمهد عملية السيطرة على بيجي الطريق لتحرير مركز المحافظة من الارهابيين ".
بالمقابل يعزو رئيس كتلة صلاح الدين أولاً، في مجلس المحافظة، أحمد ناظم، في حديث إلى صحيفة (المدى)، تأخر القوات الأمنية في "تحرير" مناطق شمال تكريت، التي سقطت في(الـ11 من حزيران 2014)، بيد داعش، إلى "وجود عدد كبير من العبوات المزروعة في الطريق الواصل إلى تلك البلدات وتفخيخ المنازل، فضلاً عن الصدمة التي تعرض لها الجيش عقب سقوط الموصل، ما تطلب وقت لاستيعاب ما حدث وإعادة ترتيب صفوفه".
ويرى ناظم، الذي فجر الارهابيون منزله مؤخراً في ناحية يثرب، جنوب تكريت، أن "التحدي وراء تحرير المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، يتمثل بكيفية المحافظة على ذلك التقدم ومنع التنظيم من العودة مرة أخرى"، ويؤكد أن "كسب ود العشائر التي صارت ترفض وجود داعش في مناطقها، هو المفتاح السحري للحفاظ على الأمن في صلاح الدين".
ويوضح رئيس كتلة صلاح الدين أولاً، أن "مجلس محافظة صلاح الدين الذي يتكون من 29 عضواً ينتمون لعشائر مختلفة، يعملون على تقديم تطمينات للعشائر التي ينحدرون منها بشأن مستقبل مناطقهم، حيث تتخوف تلك العشائر من وجود قوات الحشد الشعبي، حيث يروج داعش الارهابي ضدهم أخباراً كاذبة على أنهم يريدون تصفية السنة وسرقة أموالهم وهتك أعراضهم"، ويتابع أن "عناصر الحشد الشعبي مخلصة وتريد تحرير المدن من داعش ثم العودة من حيث جاءت".
ويرى النائب، أن "إعادة مشروع الصحوات الذي عملت به الولايات المتحدة في عام 2007، وخربه المالكي، في ولايته الثانية، لن يكون نافعاً هذه المرة، لأن العشائر ترفض أن تتكرر عملية التخلي عنهم مرة أخرى، بعد أن يقدموا الدماء للحفاظ على أمن مناطقهم"، ويدعو إلى ضرورة "تشريع قانون يسمح بتطويع الشباب من سكان صلاح الدين والمناطق المضطربة بشكل رسمي ضمن جهاز تابع للدولة، وأن يعملوا بوضح النهار، لا أن يتحولوا إلى مليشيات لحماية مدنهم".
https://telegram.me/buratha
