دعا رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم، الى الالتزام بالدستور واتخاذه مرجعية لحل الخلافات والتقاطعات"مشددا على "ضرورة تكاتف دول العالم في نبذ العنف والتطرف".
وقال السيد الحكيم في كلمته بالمؤتمر الوطني للحوار بين الاديان والمذاهب الذي عقد في مكتبه ببغداد اليوم "علينا الالتزام بالدستور العراقي بعنوان العقد السياسي والاجتماعي واتخاذه مرجعية لحل الخلافات والتقاطعات، وإدانة الارهاب والعنف والتطرف بكل صوره واشكاله والوقوف جبهة واحدة بوجه الجرائم الارهابية ولا سيما الارهاب الداعشي الذي استهدف جميع المكونات العراقية ومثل ابشع صور الوحشية والهمجية في تاريخنا المعاصر".
وحضر المؤتمر الرئاسات الثلاث وكبار القادة والمسؤولين العراقيين وسفراء دول عربية واجنبية وشخصيات دينية وعشائرية.
وأضاف السيد الحكيم ان "ضمان الحريات الشخصية, والجماعية لمعتنقي الاديان, من دون التفريق بين دين وآخر وعدم التجاوز بأي شكل من الاشكال, ولأي سبب كان على الرموز الدينية والثوابت المقدسة لكافة الطوائف والاديان, ورفض التعدي عليها بذريعة الديمقراطية, وحرية التعبير عن الرأي".
وأشار الى "السعي الحثيث للحوار المفتوح بين الزعامات الدينية ومعتنقي الاديان لضمان الوصول الى خطاب سلمي تعايشي مشترك وحماية النسيج الاجتماعي وصيانة الوحدة الوطنية وتجنب اثارة الفرقة الدينية او المذهبية او القومية بين ابناء الوطن الواحد والوصول الى الحلول المرجوة عند حدوث الاختلاف والازمات عبر الحوار واللقائات المباشرة ومن خلال اللجوء الى الوسائل القانونية والدستورية , وقد عبر الله تعالى عن ذلك في القرآن الكريم بـ[الكلمة السواء] , وهو اعظم مبدأ يمكن اعتماده في التعايش المجتمعي".
وشدد على ضرورة "اشاعة روح التسامح والوئام والمحبة والسلام وتعميق خطاب المواطنة الصالحة التي تجد في التعايش السلمي منهجاً , ووجوداً وتفعيل دور المؤسسات الدينية الساعية للسلام والمتبنية للخطاب الانساني والحواري المنفتح".
ودعا رئيس المجلس الاعلى الاسلامي "السلطات التشريعية العراقية والاقليمية والدولية الى سن التشريعات التي تجرم الاسائة للرموز والمعتقدات الدينية واعتبارها تتعارض مع احترام حقوق وحرية من يعتقد بها ويقدسها".
كما دعا السيد الحكيم "السلطات التنفيذية والقضائية في العراق والعالم الى الوقوف بحزم بوجه اي ممارسة تنال او تحط من شأن الاديان والطوائف وتحرض على الكراهية ومراقبة وسائل الاعلام وتشجيعها للعب دور ايجابي في تنقية الاجواء واشاعة التسامح".
وطالب بضرورة "الحفاظ على التنوع الديموغرافي لاتباع ومعتنقي الديانات والمذاهب والمكونات العراقية وعدم السماح بتغيير مناطق سكناهم التي سكنوها منذ قرون متمادية".
وقال السيد الحكيم "يجتمع العراق اليوم في هذه القاعة، بكل تعددياته القومية والدينية والمذهبية الكريمة، وهو دليل على ان ما بيننا من روابط تدفعنا اكثر للاجتماع من الافتراق، وان القوى او العوامل التي تعمل على تمزيقنا ستفشل وستنتصر وحدتنا، فالعراق يكون قوياً عندما تكون كل مكوناته قوية، و واهم من يظن أن قوته يمكن أن تتحقق باضعاف المكونات الأخرى، فالبلاد تنهض بجهود كل أبنائها، ولن يتمكن اي مكون لوحده على النهوض باعباء بناء الوطن، فالوطن للجميع والجميع للوطن ومن يقف بالضد من الحقيقة سينهار يوماً ما".
وأضاف ان "حقيقتنا اليوم هي أن لحمتنا الوطنية متماسكة بحكم التداخل والتمازج بين كل المكونات، العرب مع الكرد والتركمان والشبك، الشيعة مع السنة، المسلمون مع المسيحيين والصابئة والايزديين، أنه التداخل والتواصل الاجتماعي، والنسبي، وكيف يمكن للحالات الطارئة ان تنهي تاريخا طويلا من التعايش والعيش المشتركوالمصير الواحد والمصالح المتبادلة".
وأشار رئيس المجلس الاعلى الى "اننا حين نضع الاهداف الكبرى نصب أعيننا تتصاغر أمامنا كل التضحيات، وهدفنا الكبير هو بناء العراق واحلال الامن والسلام والتعايش بين ابناءه، ومن أجل هذا الهدف علينا، أن نحاصر الخلافات بالمشتركات الهائلة والكبيرة، وأن نتوجه نحو المستقبل، لإننا معنيون بصناعة المستقبل، الذي سيحاسبنا ويحكم على أعمالنا ومواقفنا , وان نتعظ من الماضي والحاضر، لنستفيد منه لا ان نقف عنده ونضيع فيه".
واوضح "اليوم ينظر اليكم شعبكم على انكم قادته الدينيون ورموزه، ويتأمل منكم ان تنشروا الامل على طول جغرافيا هذا الوطن الحبيب الذي حملتموه في احداقكم.نحن جميعاً ندرك جيدا التركة الثقيلة التي خلفتها الدكتاتورية، والفجوات الكبيرة التي احدثتها في نسيج المجتمع العراقي، والهواجس العراقية، والفكر العراقي، فلتبقى هذه الذكرى حية في عقولنا وضمائرنا كي لانتجاوزها ونتناساها ونبدأ بظلم بعضنا البعض".
وقال الحكيم "لقد عبرنا مرحلة كبيرة، ولكن مازال الطريق أمامنا طويلاً، ولا يخفى عليكم ان منطقتنا تمر الان بظروف استثنائية لم تشهدها منذ 100 عام، وان هذه الظروف تضغط على الواقع الداخلي العراقي ومن مختلف الجهات، فلنكن نحن البحارة الماهرين الذين ننجو بسفينة وطننا وسط هذه العواصف، ونرسو بها الى بر الامان والحرية والازدهار".
وأكد انه "ليس هناك مشكلة عصية على الحل، متى ما آمن المختلفون بالحل المشترك والعيش المشترك، وليست هناك أزمة لا يمكن الخروج منها, متى ما آمنا أن العراق فوق كل الازمات والالام، ويجب ان لا تتحول هوياتنا الى كانتونات تمزق شعبنا والوطن، فأعتماد الوسطية والاعتدال والالتقاء في المنتصف لا يمكن اعتباره تنازلاً، لان ديننا يأمرنا بذلك ولان الشجعان وحدهم هم الذين يعتمدون الوسطية ويلتقون في المنتصف".
وخاطب الحكيم المجتمعين بالقول "أسمحوا لي أن نقول لشعبنا الكريم وبمختلف طوائفه وقومياته ومناطقه، عرباً وكرداً وتركماناً وشبكاً، مسلمين ومسيحيين صابئة وايزديين شيعة وسنة، كلمة واحدة وبقلوب متحدة وأرادة واحدة، كلا للارهاب والطائفية، كلا لأستهداف المقدسات والاستهانة والتعدي على الرموز الدينية، كلا لانتهاك حرمة الوطن والمواطن، كلا لظلم بعضنا للبعض الاخر، كلا لاي انتقام او تشفي بعيداً عن العدالة والقضاء، ونعم لعراقيتنا، ونعم لوطننا الواحد الموحد، ونعم لشعبنا الطيب الوفي الصبور".
وأشار رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الى "اننا نعيش في محيط اقليمي ودولي تعصف به المشاكل والأزمات ومن الطبيعي ان يتأثر العراق بتلك الأزمات، لكن من غير الطبيعي أن يتحول العراق إلى طرف في تلك الأزمات, بل عليه ان يكون طرفاً مساعداً في الحل ومقرباً لوجهات النظر بين الاطراف".
وقال "من هنا نؤكد على ان الحل يجب أن يكون حلّاً عراقياً، فإن اي حل مستورد من الخارج سوف لن يؤدي الا الى المزيد من الاشكاليات والتقاطعات بين أبناء الوطن الواحد".
وأضاف إن "أخطر ما نواجهه اليوم هو بروز الدعوات التكفيرية والعدوانية التي تريد الغاء الآخر، وهذا يعني اللجوء الى القتل والتدمير والتهميش والعزلة والانقسام، وهو ما يحاوله البعضهنا وهناك، وهذا يستدعي منّا جميعا الوقوف بحزم كدولة ومرجعيات دينية وقيادات سياسية وعلماء ومؤسسات مدنية ضد ظاهرة نفي الآخر وتسقيطه وتخوينه ورميه بشتى الاتهامات ومحاولة محوه من خارطة العراق ".
وشدد الحكيم الى "الحاجة الى حوار جاد، منطقي وموضوعي وشجاع يتحد حول المشتركات والمصالح المتبادلة لنطوق بها الخلافات ونتخذ القرارات ونرسم السياسات التي تقود العراق الى الوئام والسلام، وهو يحتم علينا أن نغلّب منطق الحوار على أي منطق آخر، ومنطق استحضار عوامل الوحدة والاتفاق اكثر من عوامل الفرقة والشقاق.. فمن خلال الحوارحول امور جادة وحقيقية تنفع الجميع، وتحمي وتدافع عن الجميع، لا مجرد وعود وكلمات فارغة, سيحصل الجميع على حقوقهم، ونحن شركاء في المسؤولية فيما يحدث للبلاد اليوم، ولن يكون اي منّا بمعزل عن المسؤولية، وعلينا أن ندرك ذلك، والتاريخ لا يرحم".
وأكد رئيس المجلس الاعلى إن "الإرهاب والعنف بكل أشكاله يستهدفنا جميعاً ليس كأفراد فحسب وإنما كمكونات وهويات مختلفة، وعلينا أن نقف بحزم ووضوح وصراحة ضد الإرهاب وضد الدعوات الارهابية والطائفية التي تهدف إلى تمزيق العراق وتمزيق شعبنا".
وبين الحكيم ان "الاتفاق على هذه الرؤى تلازمها رؤى مقابلة بان لا يتخذ بعضنا من محاربة الارهاب او ما خلفه من مظالم وموروثات وانقسامات وسيلة للانتقام ولفرض سيطرة جديدة والتأسيس لظلم جديد سيرتد علينا جميعاً".
وشدد على "حصر السلاح بيد الدولة، فالدولة التي يجد فيها الجميع مكانه ومسؤولياته كاملة، فهي الراعية والمسؤولة عن أمن الوطن والمواطن ولذلك علينا الاسراع بتشريع قانون الحرس الوطني الذي يوفر الغطاء القانوني لدور القوى الشعبية في مواجة الارهاب".
ولفت رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم خلال كلمته بالمؤتمر الوطني للحوار بين الاديان والمذاهب "نجتمع اليوم بمناسبة اسبوع الوئام العالمي بين الاديان كما دعت اليه الامم المتحدة لنؤكد الحاجة الملحة الى التواصل والوئام بين معتنقي الاديان والطوائف المختلفة وسط عالم مليئ بالكراهية والتطرف".
وأشار الى ان "العالم اليوم يواجه تحدٍ حقيقي من قبل اصحاب الافكار المتطرفة والمنحرفة، ويمكن القول انها حقيقة راسخة تربط بين الانحراف والتطرف!، فمتى ما كان هناك انحراف فانه ينتج تطرفاً، وهذه القاعدة تنطبق على كل الاديان والمذاهب السماوية بدون استثناء، لانه لا يوجد دين سماوي او مذهب آلهي يدعو الى الكراهية والحقد".
وأكد "اننا جميعا امام مسؤولية حقيقية في تمكين الاغلبية المعتدلة في العالم من اجل الوقوف امام هذا الزحف الاسود من الافكار الهدامة والمنحرفة والمتطرفة والمسيئة الى المقدسات والرموز الدينية".
وأضاف الحكيم "لقد لاحظنا مؤخراً نشر الرسوم المسيئة لرسول الله [ص] في بعض الصحف ووسائل الاعلام والتي عبَّرت عن سلوك يبني حقداً جمعياً بعيداً عن العدالة ويفتقد لابسط مقومات المدنية والحضارة ويقوم على العدائية والتعصب ولا يمكن لمن يؤمن بقيم الديمقراطية والوئام والتعايش السلمي بين البشر ان يقف صامتاً امام هذا السلوك المشين تحت ذريعة [حرية التعبير]، فالاعتداء على المقدسات ومس الرموز هو الغذاء الاساس للارهاب".
وأضاف ان "الامم لا تعيش اليوم في جزر معزولة، فالارهاب الذي لا نصطف معاً ضده في بلد سينتقل الى غيره من البلدان، والافكار المسيئة والاستفزازية، ان لم يكبحها المصلحون والمعتدلون، سيتلاقفها المتطرفون والمنحرفون لتكون مبرراً لارتكاب الجرائم والافعال الارهابية لأن الاعتداء على المقدسات سيحول مجتمعاتنا جميعاً الى فوضى عارمة تخاطر بكل ما دعا اليه انبياء الله ابراهيم وداود وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وتخاطر بكل المنجزات التي حملت رايتها الحضارة الغربية، وبكل القيم التي حملتها الحضارة الشرقية، ويجب ان نقف بقوة وحزم وان نكون صارمين في وجه قوى التطرف بكل اشكاله".
وأوضح ان "نشر ثقافة التسامح هو السلاح الاقوى في وجه التطرف ، وهو الوسيلة الامثل لنشر قيم المحبة والوئام في المجتمعات".
وقال الحكيم "في هذا الاسبوع نرى بوضوح عمق الرؤية الاجتماعية لامير المؤمنين الامام علي عليه السلام حين يقول [الناس صنفان اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق]، وهذا هو الاسلام الصحيح والحقيقي، وهذه هي الروح المنهجية للاسلام المحمدي".
ولفت رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي "نحن في العراق نمثل احد اكبر المراكز الدينية في العالم، ومن هذه الارض انطلق الانبياء والمصلحون ونشروا رسالتهم وتعاليمهم منذ ادم عليه السلام، فهنا ارض نوح [ع] والطوفان، وهنا كانت النار بردا وسلاما على ابراهيم، وهنا كتب التلمود البابلي، وهنا كان انتشار الاسلام، وهنا عاصمة امير المؤمنين علي عليه السلام، وهنا استشهد الامام الحسين من اجل مواجهة الظلم والجبروت ونشر روح التسامح، وهنا تطورت المدارس الاسلامية الفقهية والكلامية من المعتزلة والاشاعرة والامامية وغيرهم، وهنا طرق العرفان والفرق الصوفية المختلفة، وهنا سيكون محط رحال المصلح الاكبر الامام المهدي عليه السلام الذي ينتظر فرجه الشريف جميع اتباع الديانات السماوية بمختلف مذاهبهم".
واستطرد بالقول "ما احوجنا اليوم ان نكون نحن القدوة في هذا الوئام ونحن السباقون الى زرع هذا الانسجام بين الاديان السماوية والقوميات المختلفة، ولكننا نرى ان بعض من يدعي الانتماء الى الاسلام قد تحوّل الى جماعات متناحرة وانحرف في عقيدته واصبح التكفير والقتل او الاسائة للأديان والمقدسات هو منهجه وديدنه".
وختم الحكيم كلمته بالقول "في هذه المناسبة ندعو الجميع، ان ينشروا قيم الوئام والانسجام والتسامح بين الاديان في تربيتهم وسولكياتهم وعوائلهم اولا وفي المجتمع ثانياً، وان نتخذ موقفاً صارماً تجاه كل مظاهر التطرف والاسائة والتجاهل للآخر ".
https://telegram.me/buratha