حذر رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم، من "انتهازيين يحاولون المتجارة باسم الحشد الشعبي او سرقة جهودهم" مشددا على "ضرورة تحقيق التوازن في الشراكة بين الاطراف العراقية".
وقال الحكيم في كلمته بالذكرى الثانية عشر لاستشهاد السيد محمد باقر الحكيم في الاول من رجب/ 23 آب 2003 مخاطبا الجماهير الحاضرة في الحفل التأبيني عقد في العاصمة بغداد ليوم الجمعة ان "حشدكم الشعبي قد لبى النداء، وكيف لا يلبي وهم أبناء المرجعية وجنودها وهم حماة العقيدة ورجالها، هذا الوليد الطاهر النقي الذي استرخص الأرواح وحمى الاعراض وصان المقدسات، هذا الحشد المبارك هو مشروع مرجعيتنا الرشيدة والحكيمة وهو وليد الفتوى المقدسة وسنحميه بأرواحنا كما يحمينا هو بأرواح شبابه ونعمل على تقنينه بتشريعات تتناسب مع حاجة البلد اليه".
وأضاف "لن نسمح لمدعٍ ومغرض ان يشوه صورته أو لانتهازي ان يسرق جهوده أو للسياسة والمصالح ان تحرفه عن مساره، أو لتجار الحروب والنكبات ان يتاجروا باسمه".
وتابع الحكيم "سيبقى الحشد الشعبي مشروع المرجعية للدفاع عن هذا الوطن بكل مكوناته وحماية العقيدة، وسيبقى الحشد الشعبي رايتنا للنصر في زمن الإرهاب الظلامي والفتنة السوداء، وستبقى القوات المسلحة بكل عناوينها متكاملة مع بعضها من جيش وشرطة وحشد وعشائر وبيشمركة".
وأشار الى ان "الوطن يعاد تشكيله من جديد والمنطقة يعاد تشكيلها من جديد والعراق في قلب العاصفة وفي قلب منطقتنا الملتهبة، وان حدود الشرق الأوسط الجديد سيحددها ما سيكون عليه العراق، وسنبقى نحن ومعنا كل المخلصين من اخوة العقيدة والوطن يقضين الى ان نعبر بالعراق من هذه الفتنة السوداء ونصل به الى بر الأمان بأذن الله".
وقال "لن نتهاون او نساوم او نرضخ للضغوط والمزايدات، ولن نقبل بالحلول على حساب الوطن او بأنصاف الحلول ان لم يكن هدفها استكمال النصف الآخر، "مؤكدا "أننا في تيار شهيد المحراب نؤمن ان التوازن أساس الاستقرار وان معادلة التوازن داخليا وخارجيا هي الطريق الاسلم كي نحفظ التنوع العراقي والتواصل الإقليمي وان يكون العراق جسراً للتواصل لا ساحة للصراع بالوكالة".
وأستطرد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي بالقول "قدرنا ان ينتخينا الوطن وهو جريح ونازف ومكسور، فاليوم الإرهاب الأسود لا زال يحتل مساحة واسعة من وطننا في ظرف خزائنه فارغة ويضرب اطنابه الفساد والمحسوبية والعشوائية، ومشروع التغيير الذي تصدينا له مازال يحبو بين دهاليز السياسة وانفاقها ونفاقها".
وأوضح "لقد تحملنا المسؤولية ونحن ندرك صعوبة التحديات وخطورة المواجهة ولكننا أصحاب مشروع ومثلنا لا يقف في حساباته عند خارطة المصالح وانما ننتصر دائما للعقيدة والوطن حتى وان كانت على حساب واقعناومواقعنا".
ولفت الحكيم "اليوم نحن نقاتل بيد ونعيد بناء عملية سياسية متعثرة باليد الأخرى ونثابر جاهدين امام حكومة التزمت بمنهاج اصلاح حكومي نالت بموجبه ثقة مجلس النواب وتأييد الشعب ودولة تسعى للنهوض من بين الركام تقيدها وتحجز طريقها ممارسات وتشريعات وسياقات عمل ما زالت نافذة ومخالفة للدستور وتجدد بشكل وآخر كل ما ثار ضده شهيد المحراب وعزيز العراق، وكل ما ثرنا ضده".
وقال مخاطبا الجماهير "لقد تسلم اخوتكم المسؤولية في المحافظات والحكومة والبرلمان مع شركائنا في العقيدة والوطن في ظل غياب الموازنة والمال واستباحة الارض العراقية من الارهاب والازمة الاقتصادية الخانقة، وليس من تفسير واضح لكيفية انفاق مئات مليارات الدولارات في السنوات الماضية وفي ظل الوفرة المالية، او عشرات المليارات التي صرفت على جيش وأجهزة امنية تبين انها مخترقة وغير قادرة على المواجهة في اللحظات الحرجة ومؤسسات دولة تعاني الفساد والتلكأ والتخبط".
وأضاف "انه الواقع المرير أيها الاحبة، ونحن عاهدناكم على ان نكون معكم مباشرين وصريحين ولن نتخلى عن عهودن، مشيرا الى ان" الشعب العراقي ينظر الينا ويعاتبنا ومن حقه ذلك، وعلى الشعب ان يعرف الحقائق مهما كانت مرة وموجعة فالشعوب الاصيلة لا تقبل ان تعيش في اجواء التبرير والخداع والنفاق ".
واستدرك "لكننا بهمتنا العالية وصبرنا وعشقنا لهذا الوطن وأيماننا العميق بالله تعالى وتوكلنا عليه، لا يصيبنا اليأس ولا تنقص همتنا ولا تنكسر عزيمتنا وسنواصل المسير من اجل بناء عراق قوي عزيز مستقر ومزدهر، وتطهير ارضه الغالية من الإرهاب الأسود ومشروعه الشيطاني ومواجهة من يقف ورائه ويغذيه".
وأكد "لقد تحملنا المسؤولية مع اخوتنا في العقيدة لأننا نؤمن ان واجبنا الشرعي والإنساني والأخلاقي يحتم علينا التصدي مهما كانت الظروف صعبة وفرص النجاح قلقة، انه نداء الواجب ولا نستطيع ان نتخلى عن العراق وهو ينادينا".
وتابع رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي ان "أخوتنا في العقيدة وحلفائنا في المشروع هم قرة عيننا وعضدنا وهم اخوة العقيدة والدم والمصير، واليوم يقف ابناء شهيد المحراب مع الصدريين والدعاة والبدريين ومعهم كل القوى الخيّرة التي تؤمن بهذا الوطن وحماية العقيدة وقفة رجل واحد يجابهون المشروع السرطاني الخبيث ويصارعون الظروف الصعبة من اجل حماية الوطن وبناء دولة تضمن مستقبل أبنائنا، ودولة تختلف شكلاً ومضموناً عن الدولة الدكتاتورية العنصرية الطائفية التي احتكرت مصالح الناس وحجزت طريق تقدم الامة ونهضتها".
وقال "أنتم ومعكم كل الشرفاء من العراقيين تتحملون مسؤولية الدفاع عن هذا الوطن وصد الغزو الإرهابي الغاشم، وأنها معركة وجود لنا وهي معركة ارادات لا معركة زعامات، وليعرف العالم اجمع ان ارادتنا لا تلين لأنها منطلقة من نهج الحسين وان عزيمتنا لا تنكسر لأنها مستقاة من مدرسة الحسين وان النصر قادم لأنه الوعد الصادق منذ يوم عاشوراء، فنحن ابناء هذا الوطن وهم الغزاة الاجلاف أصحاب العقيدة المنحرفة".
وأشار الحكيم "نحن الإسلام المحمدي الأصيل وهم الأدعياء أبناء آكلة الاكباد وجيش الطلقاء، ونحن المستقبل وهم التاريخ الأسود المليء بالقتل والظلم والاستبداد".
وأكد أن "وطنكم يولد من جديد فكونوا مساهمين في تسجيل ميلاده الجديد، وان جنوبكم المظلوم ينهض من بين الركام فكونوا أنتم العون والسند له، وانها فرصة تاريخية لا تتكرر حينما تكون الأوطان تصارع الظلام فيمنحها أبنائها البررة الحياة من جديد".
ولفت الى ان "دماء الشهداء أمانة في اعناقكم والعقيدة امانة في اعناقكم والعراق امانة في اعناقكم وأنها مرحلة تاريخية ملحمية فأما ان نكون رجالها او يطوينا الزمن بنسيانه وانا واثق انكم رجالها واصحابها وبناة حاضرها وقادة مستقبلها".
ودعا الى أن "يتصدوا لمواقع المسؤولية واجعلوا النجاح هدفكم والعمل والمثابرة وسيلتكم ولا يهمكم قول مغرض او لهو عابث ولتكن انجازاتكم هي من تتحدث عنكم فشعارنا [نفعل وفعلنا يقول]، انه قدركم ان تحموا العراق وتكونوا بناته".
وأكد الحكيم "نقف في مثل هذا اليوم من كل عام لنستذكر هذه الشخصية الفذّة ومعه كل شهداء العراق، الشهيدين الصدرين والشهيد الغروي والشهيد البروجردي والشهيد السيد حسين بحر العلوم وسائر المراجع الشهداء والعلماء الشهداء والمخلصين من ابناء هذا الشعب الشهداء بكل شرائحهم ومذاهبهم وقومياتهم ودياناتهم وتوجهاتهم، من الذين استشهدوا في عهد الدكتاتورية في الزنازين المظلمة والمقابر الجماعية والانفال وحلبجة ، والانتفاضة الشعبانية وضحايا الارهاب الاسود ، والمقاتلين في ساحاتالكرامة والشموخ من ابناء الجيش والشرطة والحشد الشعبي والعشائر الاصيلة والبيشمركة".
وأضاف أن "كل قطرة دم اريقت دفاعاً عن الوطن والمقدسات، ولنجدد العهد مع شهيد المحراب على مواصلة مسيرته المعطاء، ومسيرة الرسول الأكرم [ص] واهل بيته الاطهار والشهداء الابرار، وان نستزيد من منهجه الابوي والقيادي ونتعلم منه كيف نكون قادة صابرين وكيف ننتصر بدمائنا".
وتابع الحكيم ان "شهيدنا الحكيم الخالد كان يستشعر ويدرك كل الصعاب والتحديات التي تواجه مشروع العراق وطناً ودولة وعقيدة، وكان يعرف جيدا حساسية التنوع العراقي ونقاط التقائه وتقاطعاته الداخلية والإقليمية ويعرف أيضا الحساسيات والاحتكاكات بين المدارس الفكرية والمنهجية المتنوعة داخل طبقات المذهب وبين جنبات الامة".
وبين "من هذه الرؤية القيادية الثاقبة والشاملة ورثنا منهجا وسطيا معتدلا صمم ليكون جسراً للتواصل ومساحة كبيرة تلتقي بها كل الخطوط ولا تتقاطع، فنحن أبناء تلك المدرسة العميقة الناضجة التي امتدت جذورها في أعماق التاريخ وتشبّعت بتربة هذا الوطن المقدس، وعلينا ان نكون أصحاب المشروع وحملة رايته وراسمي منهجه".
وأضاف الحكيم "كما عهدتموني دائما فاني اوصيكم ان تحاسبوا أنفسكم قبل الاخرين وان تعترفوا بأخطائكم ولا تبررونها وان تكونوا في حالة مراجعة دائمة للأداء فنحن أصحاب شعار [نراجع ولا نتراجع]، فأعملوا بهذا الشعار وليكن هو بوصلتكم في المرحلة القادمة، فالظروف صعبة واستثنائية والخبرات قليلة والاخطاء محتملة، وان مهمة بناء الدولة ليست بالتجربة الهينة".
وأستدرك بالقول "لكن المهم هو ان لا نجامل ولا نتهاون ولا يصيبنا الغرور ولا نسمح للنرجسية والانا ان تقترب منا، وان نبقى مع المواطن في كل المواطن حتى وان لم يقدر عطائنا له، فنحن من اختار التصدي للمسؤولية وعلينا ان نكون القدوة في الصبر والتحمل".
وتابع "أننا اليوم نمد ايادينا الى جميع اخوتنا على طول مساحة الوطن ونؤمن ان الأوطان تبنى بالمشاركة لا بالإقصاء وان أساس النجاح هو القناعة بان مصيرنا ومستقبلنا واحد وان لا نسمح للآخرين الغرباء ان يصادروا قرارنا الوطني ، وانها ولادة صعبة وفي ظروف تاريخية ولن تتكرر ومن يخطأ اليوم فلن ينفعه الصواب غداً".
وثمن الحكيم "ارتفاع صوت العقل والحكمة وايقاف الحرب والعودة للحول السياسية والسلمية في اليمن فالحوار لا بديل عنه لتجاوز أي ازمة، والمصير المشترك هو قدرنا حتى وان اختلفنا في التفاصيل وتقاطعنا في المنهج".
وأكد "لقد آن الاوان كي تبدأ مرحلة إطفاء الحرائق لان اللهيب وصل للجميع، فمن الشام الى سيناء ومن الموصل الى صنعاء، وأصبح خط النار ممتداً ومتصاعداً، وعلى الجميع ان يدرك ان منطقتنا لا تستوعب الحروب الكبيرة والمفتوحة، وقد حان الوقت للعودة الى سياسة تصفير الازمات، واطفاء الحرائق والتركيز على المشتركات واحترام المساحات والوقوف عند الخطوط الحمراء، وهذه السياسة الناجعة والمنتجة التي على دول المنطقة اتباعها إذا ما ارادت ان تحيى بقوة وعزة وكرامة وتبني اوطانها وتحمي شعوبها"
https://telegram.me/buratha