انتقد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم غياب التوافق السياسي في اصدار مجلس النواب رده على مقترح الكونغرس الامريكي في تمويل تسليح اطراف عراقية بمعزل عن الحكومة الاتحادية.
وقال السيد الحكيم في كلمته بالملتقى الثقافي الاسبوعي الي اقيم بمكتبه في بغداد أن "ما حدث في مجلس النواب قبل أيام في التصويت على رفض مشروع القرار المفترض للكونغرس الأمريكي قد اظهر درجة عالية من الانقسام في المواقف بين المكونات السياسية في العراق، واذا اردنا ان نحلل ما حدث بعيدا عن العاطفة والاستفزاز والتعصب للرأي فإننا نجد اننا كنا قادرين على تجنبه من دون ان يفرط احدنا بالاخر".
وأضاف "علينا التعامل على أساس اننا دولة واحدة كي يقوى منطقنا في مطالبة الآخرين بالتعاطي معنا على هذا النحو، وتمنيت لو كان المدافعون عن هذا التوجه في الكونغرس يشرحون لنا تعريفهم لمفردة تسليح العشائر؟ وهل حددوا العشائر او الجهات السياسية في المناطق السنية التي ينوون ارسال المساعدات لها؟ ام ان هناك تقسيما اخر وتفصيلا اخر وعندها ندخل في مرحلة تقسيم المقسم؟!".
وتابع الحكيم "فيما يخص إقليم كردستان فهل سترسل المساعدات المفترضة الى حكومة الإقليم ام الى فصائل البيشمركة مباشرة ام الى الأحزاب السياسية؟".
وأشار الى ان "أصل الفكرة غير واعية ومشوهة ومسمومة، وإذا كان من حسنة لهذا المقترح فهو ما اظهره من هشاشة التوافق السياسي العراقي في هذه المرحلة الحساسة من حاضر الدولة العراقية، وهو ما يؤكد اننا في هذا الوقت بالتحديد بأمس الحاجة الى جهد سياسي او مبادرة سياسية او اتفاق مبادئ يضمن لنا التوافق بحده الأدنى".
وأوضح "لايخفى على الجميع اننا سياسيا وامنيا واجتماعيا واقتصاديا نعاني من أزمات حقيقية وجدية وان الوضع الوطني ليس بأفضل حالاته والوضع الإقليمي قد اقترب من نقطة الانهيار، وعليه فان البيئة الداخلية والخارجية هي بيئة سياسية ملتهبة ومأزومة، ومرحلة التحديات الكبيرة والمصيرية قد بدأت، وفي اوضاع كهذه علينا البحث عن خطوة تدفعنا جميعا الى ألامام وتبقينا على الأقل في الحد الأدنى من التوافق".
وعن أمن العاصمة بغداد وتحديد المسؤولية قال الحكيم "أمن العاصمة الذي تعرض الى اختراقات امنية عديدة في الفترة الأخيرة ندرك تماما ان الإرهاب ومن معه ومن يدفعه يحاول ان يخلط الأوراق ويشتت الجهد الأمني والعسكري للحكومة من خلال ارباك امن العاصمة حتى وان كان ذلك من خلال عمليات إرهابية غير ذي قيمة استراتيجياً وعسكرياً وسياسياً وانما فقط لإرهاب المواطنين وازهاق المزيد من الأرواح البريئة في الأسواق التجارية والأماكن العامة".
وبين ان "هذا الاستهداف معروف الغايات ومكشوف الاساليب، ولكننا اليوم نطرح سؤالاً محدداً وهو من المسؤول الحقيقي والمباشر عن امن العاصمة؟ وهل هو وزارة الداخلية ام قيادة عمليات بغداد ام جهة ثالثة ؟".
وأكد ان "تحديد المسؤول المباشر عن امن العاصمة هو اولى الخطوات الصحيحة لبناء منظومة امنية حقيقية تستطيع ان توقف الإرهاب عن شوارعنا واحيائنا ، ولتشخيص مستوى الانجاز او الاخفاق الذي يحققه هذا المسؤول في مكافحة الارهاب".
ودعا الحكيم الى "الاجابة على السؤال الاهم وهو؛ لماذا مازال الإرهاب يمتلك القدرة على اثارة الرعب لدى المواطنين وأرباك الوضع الأمني في العاصمة؟ ولماذا يتحقق الامن لفترة ثم يتراجع فجأة؟! انها اسئلة مشروعة وعلى من يتصدى لأدارة الملف الامني ان يجيب عليها لان دماء أبنائنا ليست رخيصة ولا نقبل ان يستمرالارهاب بالتلاعب بها وقتما يشاء واينما يشاء، فأما ان تتحمل الأجهزة الأمنية المكلفة مسؤولياتها او تتنحى وتفسح المجال لأجهزة اخرى ان تحقق الامن وتدوس على رأس الإرهاب".
وفي صعيد اخر حذر رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم من "المساس بالحشد الشعبي وتشويه الحقائق وجهوده في محاربة الارهاب".
وقال ان "الحشد الشعبي هو المشروع الناجز لفتوى المرجعية الرشيدة للدفاع عن العراق وعن أهلنا في المدن التي أصبحت قاب قوسين او ادنى من استباحة الإرهاب الأسود لها، وقد كتب الحشد سيرته بدماء أبنائه من الشباب الذين عانقوا الشهادة وانطلقوا مؤمنين بحتمية الانتصار".
وأضاف "لقد حذرنا ومن على هذا المنبر من حملات التشويه والتلفيق التي تحاول النيل من أبناء الحشد الشعبي وأكدنا مرارا ان جزء من المسؤولية تقع أيضا على المتصدين لقيادة الحشد والقادة الميدانيين كي يقوموا بمراقبة شديدة ويرسخوا الانضباط والالتزام الشرعي والاخلاقي والعسكري بين المقاتلين من الحشد الشعبي سواء في جبهات القتال او في تعاملهم مع المواطنين في المدن والخطوط الخلفية وان يمنعوا شرذمة منفلتة هنا او هناك من الاساءة الى هذا المشروع الوطني وتشويه سمعته بتصرفات شخصية وانتهازية".
واستطرد بالقول "اليوم أعود لأؤكد على ان مشروع الحشد الشعبي هو مشروع مبارك جاء نتيجة فتوى مرجعيتنا العليا وانه خط احمر امام ثوابتنا في الدفاع عن الوطن والعقيدة ولن نسمح بالتجاوز عليه او استهدافه ظلما وعدوانا".
وأوضح الحكيم ان "معركتنا مع الإرهاب طويلة وشرسة واننا قدمنا الشهداء والتضحيات للانتصار في هذه المعركة وسنستمر بتقديم التضحيات فالأنتصار في هذه المعركة هو انتصار أخلاقي مبدئي قبل ان يكون انتصاراً ميدانياً، فنحن نقاتل أصحاب العقيدة المنحرفة والسلوك المنحرف، وعلينا ان ننتصر بالاستقامة والالتزام وتقديم نموذج متميز يوضح الفرق الشاسع بين أصحاب المشروع المحمدي الأصيل وأبناء المشروع المنحرف المزيف فكراً وسلوكاً".
وأشار الى أزمة الصلاحيات للحكومات المحلية قائلا "نتحدث عن أزمة صامتة لا يركز عليها الكثيرون وهي أزمة الصلاحيات للحكومات المحلية؟ ففي علم الإدارة هناك مبدأ واضح وصريح وهو؛ عندما تقل الموارد تزداد الصلاحيات".
وأضاف ان "هذا المبدأ منطقي لأنه اذا لم يكن لدي الكثير من المال كي امنحك فعلي ان اجعل حركتك اسهل وقدرتك على المناورة اكبر وصلاحياتك أوسع كي تبتكر الحلول وتحقق الحد الأدنى من الإنجا، اما ان امنع عنك التمويل بسبب ضعف الموازنة والموارد واقيدك بحبال الروتين والبيروقراطية والتعليمات وأقول لك انت حكومة محلية وعليك ان تخدم محافظتك ومواطنيك، انه اشبه بتقييد شخص ورميه في الماء ثم طلب السباحة منه!".
وأكد "اننا نعاني من قصور في ادارة الازمة، وهذه حقيقة، فمنذ خمسة أشهر ونحن نتباكى على قلة الموارد، ولكن ماهي الحلول التي قدمناها؟ وماهي الصلاحيات التي منحناها للوزارات والمحافظات كي نخفف من آثار قلة الموارد وضعف الموازنة".
ودعا الحكيم الى "التفكير بعقلية إدارة الدولة وهي تحتاج الى حلول وليس مجرد استذكار المشاكل، فالدولة تحتاج الى تقديم الافكار والمقترحات لحل المشاكل والاستماع لأفكار ومقترحات الاخرين، فنصف السنة مرت ومازالت الصلاحيات معطلة بل تعليمات تنفيذ الموازنة [الضعيفة أصلا] هي تعليمات مقيدة ومربكة ومعرقلة فنياً، فأي إدارة للأزمة نملك ومن يضع السياسات الإدارية العليا للدولة ؟! ومن ينسق بين هذه السياسات؟ ومن يقيمها ؟! ومن يقومها ؟!".
وشدد "لا تكون لنا تنمية بدون إدارة، ولا تكون لنا إدارة بدون صلاحيات، ولا نعرف ما هي الصلاحيات التي يحتاجها المسؤولون الا اذا استمعنا اليهم وقدمنا لهم ما يحتاجون اليه وبأسرع وقت ومن دون مماطلة او تسويف".
وحول الاوضاع الاقليمية دعا رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الى ضرورة التهيؤ السياسي والنفسي لها "مبينا"هناك متغيرات إقليمية كبيرة قادمة وعلينا ان نكون واقعيين ومستعدين، فإنكار المتغيرات لا يعني المنع من حدوثها، ونحن امام واقع جديد ووقائع غير متوقعة ومتغيرات سريعة".
وأوضح ان "دول المنطقة تتغير وسياساتها تتغير وقادتها يتغيرون والظروف المحيطة بها تتغير، وهو يعني اننا في مرحلة متغيرة وعواملها متغيرة ايضاً، وفي وضع كهذا لا يكون سقف التوقعات منخفضاً، لان المنطق يفرض علينا سقفاً عالياً بغض النظر عما اذا كنا نفسيا مرحبين به او لا".
وأشار الحكيم الى ان "العراق سيكون من اكثر المتأثرين بهذه المتغيرات سواء على المستوى الافقي في تأثيرها على المكونات السياسية والمذهبية والقومية والمناطقية للمجتمع العراقي او على المستوى العمودي في علاقة الدولة العراقية مع المتغيرات التي تحيط بها وضغط هذه المتغيرات عليها".
ودعا في ختام كلمته "المتصدين للهم القيادي في الساحة العراقية الى الاستعداد لقادم الايام وبواقعية وعقلانية وحساب جميع المعادلات والنظر للصورة من كل الزوايا والابتعاد عن المزايدات والشعارات، لان العراق مسؤوليتنا وشعب العراق امانة في اعناقنا، وعلينا ان نضمن أفضل النتائج بحدود الممكن لوطننا وشعبنا وهو يواجه عاصفة المتغيرات القادمة"
https://telegram.me/buratha