حذر رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراق السيد عمار الحكيم، من تسييس واستغلال الحشد الشعبي وإقحامه في مهام بعيدة عن اختصاصه، ففي ذلك إساءة كبيرة للحشد والفتوى التي خرج من اجلها وإساءة كبيرة لمن اصدر الفتوى من المرجعيات.
وقال الحكيم، اليوم الخميس، خلال كلمته في مؤتمر المبلغين والمبلغات الذي أقامته مؤسسة شهيد المحراب في محافظة النجف "مر علينا عام على فتوى المرجعية العليا بالجهاد الكفائي، وذلك الموقف التاريخي الذي ستشهد له الأجيال للمرجعية الدينية"، مبينا أن "علينا أن نستذكر العديد من النقاط، منها إن المرجعية الدينية هي صمام الأمان لهذا الشعب والأمة بكل مكوناتها وهي عنصر الارتكاز في السلم الأهلي، وحماية الشعب والوطن، وهي نعمة من الله، منَ بها على العراقيين جميعا".
وأضاف إن "الفتوى جاءت لتستنهض الشباب إلى الجهاد في سبيل الله، والدفاع عن أرضهم وعرضهم وإيقاف المد الداعشي وإنقاذ المناطق المستباحة"، مؤكدا ان "الفتوى لم تكن طائفية وجاءت لتدافع وتحافظ على السنة قبل ان تحافظ على الشيعة"، موضحا ان "المرجعية التي أفتت بالجهاد الكفائي هي ذاتها التي أصدرت وثيقة تاريخية حددت الإطار العام والسلوك المطلوب لعموم المقاتلين بحسب الرؤية الإسلامية، ومن يريد أن يقيم رؤية المرجعية عليه أن يعود إلى تلك الوثيقة".
ونوه الحكيم الى ان "الحشد الشعبي هو الوليد الشرعي للفتوى المقدسة، والركيزة المهمة في مواجهة الإرهاب جنبا الى جنب الشرطة والجيش والعشائر والبيشمركة، واننا جميعا نتحمل المسؤولية في حماية الحشد والدفاع عنه أمام الهجمة الشرسة التي يتعرض لها".
وتابع "علينا ان نحمي الحشد من نفسه والأخطاء التي يمارسها البعض مّمن ينتمي إليه ولأنه وليد الفتوى المقدسة لا يغتفر منه ما يغتفر من غيره، وعلينا العمل بجد للحد من أية إشكاليات تعتلي حركته وأداء مهامه"، مشددا على "ضرورة حماية الحشد الشعبي من محاولات التسييس والاستغلال ومن مآرب سياسية ضيقة".
واكد ان "ابناء الحشد الشعبي الذين انضموا تحت كل العناوين هم جميعا ابناء المرجعية، وهم من لبوا نداءها في الجهاد قبل ان يحسبوا على هذه الجهة او تلك، وهذه الحقيقة تمنع الجميع من المتاجرة بالحشد او إقحامه بالصراعات السياسية وتعريض سمعته وانتصاراته الى الخطر".
وحذر الحكيم من "تسييس الحشد الشعبي وإقحامه في مهام بعيدة عن اختصاصه، فهي إساءة كبيرة للحشد والفتوى التي خرج الحشد من اجلها، وإساءة كبيرة لمن اصدر الفتوى من المرجعيات الكريمة" داعيا إلى "تشريع قانون الحرس الوطني ليكون غطاء قانونيا لهؤلاء الابطال، يمنحهم الحقوق المطلوبة وينظم دورهم العسكري".
ولفت الى ان "هناك تحركات مشبوهة في المحافظات الجنوبية، تسعى لإرباك الأمن والاستقرار وتطرح أسئلة جادة، لماذا في هذا التوقيت الذي نقاتل فيه الداعش بشراسة كبيرة ونحقق انتصارات مهمة يسعى البعض في هذا التوقيت بالتحديد لفتح جبهة جديدة في مناطقنا الجنوبية الآمنة ليشتت الجهد ويضيع المكتسبات الوطنية وتقديم الخدمة لأبناء الشعب؟!".
واشار الى ان "مهمة المسؤولين ومهما كانت الظروف، والشحة المالية والضغوط التي نتعرض لها امنيا وسياسيا واقتصاديا إلا إن على المسؤولين ان يتحملوا مسؤولياتهم بتقديم الخدمة الأفضل للمواطنين، ولكن استغلال مشاعر الناس للإضرار بالشعب والمواطنين وتحريضهم وإنزالهم الى الشوارع لإرباك الأمن والاستقرار في محافظاتهم خطيئة لا تغتفر".
واستدرك الحكيم "أقولها بصراحة إن امن المحافظات الجنوبية ولاسيما البصرة الفيحاء، التي يرتبط بها قوت جميع العراقيين وتمثل الإيراد الأكبر والاهم خط احمر، وسوف لا نقف مكتوفي الأيدي أمام أي محاولات وحركات مشبوهة تخاطر باستقرار البصرة واستقرار المحافظات الجنوبية بشكل عام، وعلينا أن نحافظ عليها كما نحافظ ونعمل على استعادة الأمن للمحافظات الأخرى في بلادنا".
ومع حلول شهر رمضان المبارك، خاطب الحكيم المبلغين والمبلغات قائلا "ما أروع ان يُمارس الإنسان مهمة التبليغ، هذه المهمة التي ورثناها من الأنبياء، فالهداية والإرشاد ونشر الوعي بين الناس، ودعوة الناس إلى الله سبحانه من أهم المهمات التي تكفلها الأنبياء، واليوم انتم تحملون هذه الراية في ظل الظروف الاستثنائية التي نمر بها في العراق والمنطقة وحجم المعوقات والإشكاليات على اكثر من صعيد لابد لنا ان نضع سلم أولوياتنا من أين نبدأ في المعالجة والبناء".
واضاف ان "الجواب واضح، البداية من الإنسان فإذا أردنا الإعمار والازدهار نحتاج الى الإنسان الذي يقف ويعمر، واذا اردنا الاستقرار نحتاج الى الانسان الذي يتعاطى مع المسؤولية، واذا أردنا اللحمة الوطنية نحتاج الى الانسان الذي ينظر بأفق واسع وصدر رحب إلى الاخرين".
وتابع ان "مهمتكم تمثل أولى الأولويات في مجتمعنا، كيف نعمق الحالة الروحية ونرسخ الإخلاص لله في الفرد والجماعة، وصولا إلى المجتمع، بذلك تكون قد هيأنا الإنسان الذي يحمل العقيدة الصحيحة لتحقيق الغايات السامية"، لافتا الى ان "الإرهاب يستهدف المساجد ودور العبادة، لأنه يرى قوتنا بهذه المساجد والحسينيات، وللأديان الأخرى الكنائس وغيرها"، مشيرا الى ان "المسجد الذي يريد ان يشتت الناس وينطلق منه نداء الفرقة ويحرض الناس ويكون سببا في إراقة الدماء بين المسلمين، لا تقدم به ابدا".
https://telegram.me/buratha