بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى الهداة الميامين من أهل بيته الطاهرين
لا يخفى على الجميع طبيعة الظرف الحساس الذي يعيشه العراق الحبيب، ولا يخفى ان موجات متضادة من الصراعات السياسية تندلع في أماكن متعددة من العراق، وتتخفى كل هذه الموجات تحت ستار الاصلاح ومحاربة الفساد، وبطبيعة الحال هناك جمهور يتحرك بين هذه الموجات نتيجة لرغبة صادقة في الخلاص ولعواطف بريئة تبتغي الخروج من الواقع المأساوي الذي نحياه كعراقيين، ولمشاعر نزيهة تريد للعراق ان يكون في واقع أفضل بعد كل سنوات الحرمان والبؤس التي عانى منها أبناء هذا البلد العزيز خاصة وهم يرون في مقابلهم شرائح تتقدم بشكل مذهل في عالم الثراء الفاحش، لتخلق واقعا من التمايز الطبقي بشكل مؤلم للغاية لا يجد أمامه الإنسان مهما بلغ من برود المشاعر وجمود الأحاسيس إلا أن يستفسر ويتسائل متذمرا ومستغربا وحانقا على ذلك، ولطبيعة طهارة وطيبة جمهورنا الكريم تعرض طوال هذه السنين العجفاء إلى حملة تضليل كبيرة وهائلة قامت بها جهات متعددة كانت هي الحامية للفساد دوماً وهي المغطية على الواقع الذي يجري سحبه نحو دركات سحيقة من البؤس،
وكان بإمكان الجمهور الواعي ان يتساءل من المستفيد من عملية التضليل التي تجري لأن من المتيقن أن الأمور جرت من السيء إلى الأسوء إلى أن تدخلت المرجعية الدينية العليا في غير موقف تارة لتعلن عن التذمر وأخرى عن الرفض وثالثة إلى التصريح بما ليس مألوفا التصريح به، ولكن مع ذلك عملية التضليل استمرت وحاولت هذه العملية أن تحرض الجمهور ضد نفس المرجعية وكانت نتيجة الانتخابات ما قد رآها الجميع، وقد سجلت موجة التضليل نجاحا باهراً، ثم سقطت الموصل ومعها محافظات عدة في براثن داعش وسرعان ما بدأ الإرهاب يقيم احتفالات النحر ودماء ابناء العراق تنزف بغزارة في الموصل وسبايكر وبادوش والأنبار وديالى وبشير والعديد من مناطق كركوك وغيرها، ومعها أعراض العراقيات تارة تسبى وأخرى تنتهك وثالثة تستشهد لعفتها.. ولولا فتوى الإنقاذ الرباني التي جاءت على لسان المرجع الديني الأعلى المفدى دام ظله الشريف لكان المنظر فوق حد التصور، ولكن مع كل ذلك ظلت حملة التضليل تنطلق وبمنتهى الصلافة والوقاحة لتركب الموج تارة، ولتحمل الآخرين ذنب ما فعل المضللون، واتفق الكيان السياسي بعد التي واللتيا على تشكيل حكومة الانقاذ ولكن موجة التضليل بقيت تتآمر وتدفع بالبلاد إلى الصراع المجتمعي لتسمي حكومة الدكتور العبادي تارة باسم حكومة الانبطاح واخرى بجكومة الخونة والغدرة وما إلى ذلك، وصولاً إلى أيامنا الأخيرة فعادت الموجة نفسها وهي تستغل هجير الصيف اللاهب ولتغطي على جريمتها الكبرى في صناعة مأساة الكهرباء وبقية مآسي الخدمات وحاولت دفع الأمور ضد الحكومة التي استلمت الحكم بخزينة خالية الوفاض بعد خزينة المليارات الهائلة وإذا بها يصفق بأبوابها الهباب وبشبابيكها الخراب، وفساد تمترس في داخل هياكل الدولة دون استثناء، ومن نزول هائل لأسعار النفط الذي فوّت فرصة أن تستعيد الميزانية بعضا من عافيتها المهدورة،
ولكن ذلك ما كان ليوقف موجة التضليل وقلب الحقائق فدفعت بكل ما أوتيت من جمهورها تثأر تارة من المرجعية التي أسست لنقطة مثابة نحو الاصلاح، ومن الدين ومؤسساته وانخدعت في ذلك أطراف بعضها عرف عنها ومنذ الخمسينات من القرن الماضي انها تقبل الخداع دوما لمجرد رمي بعض الاغراءات امامها، وقد فوجئوا بأن الجمهور العراقي وقف منهم موقف المستنكر والمستهجن وحسبت موجة التضليل والتشويه والتسقيط أنها استطاعت ركوب الموجة الجماهيرية إلا أنها فوجئت مرة أخرى بالواقع المرجعي يقف لها بالمرصاد وجاء خطاب الجمعة العظيم انقاذا جديدا من موجة فتن كادت تأكل الأخضر والبابس لو فسح المجال لاستمرارها ولتعيد توجيه الأمور بسلاسة كبيرة رغم صعوبة الأوضاع، واطاحت بركاب الأمواج
ووجهت الجمهور الكريم باتجاه نقاط الخلل المركزية ومواضع الحلول التي يجب أن تعزز وتكرس ومنحت الأخ الدكتور حيدر العبادي زخماً كبيراً من الحماية شريطة أن يخطو الخطوات اللازمة التي يجب اتخاذها وتأخر اتخاذها نتيجة لحالة الممانعة التي أوجدتها الأوضاع الفاسدة التي تخلفت من المرحلة السابقة، وبحمد الله كان الموقف الجماهيري في تأييد الموقف المرجعي هو المتوقع دوماً ولذلك سرعان ما تحول الموج الجماهيري لصالح عملية الاصلاح وعدم فسح المجال للعبث السياسي أن يستمر، ولذلك فإن قرارها بتأييد وحماية قرارات الاصلاح المالي والإداري والقانوني التي اطلقتها الحكومة الحالية هو الموقف المطلوب تماما ويجب أن يستمر بوتيرة تصاعدية حتى تجد هذه الجماهير أن ما تم إيكاله لرئيس الوزراء والبرلمان قد جرى النهوض به، وابتهل إلى الله العلي القدير أن تكلل هذه الجهود بما فيه خير العراق وشعبه.
بطبيعة الحال فإن موجة التسقيط كان دأبها خلط الأوراق وتسقيط العناصر المضادة التي وقفت ضدهم طوال هذه الفترات ولم تنضوي تحت طائلة التهديد والوعيد، ولم تمشي على البساط الأحمر الذي افترشوه لها، وتشويه الحقائق امام الجمهور بكل صورة ممكنة واستخدم فن الكذب والبهتان على نطاق واسع جدا ونثر المال السحت أمام اناس عرفوا أن لا وازع لهم ولذلك عمت سماء العراق موجة من التسقيط والتشهير، ولم يتورع هؤلاء من محاولة الوصول إلى حد دفع الأمور باتجاه العنف.
الان وقد صحح المسار يجب ان لا يهدأ المخلصون من نجاح خطوتهم الأولى بل عليهم أن يكونوا على حذر شديد لأن الخفافيش لا زالت تحوم تحاول ان تجد لها موطئا جديدا للعبث وعرقلة موجة الاصلاحات القادمة التي مهما تكن فهي الحزمة الأولى وآمل أن تعقبها حزمة أخرى ألى أن يعود الحق إلى نصابه ويرجع المواطن المختطف والمسلوب إلى ديار أمنه وأمانه.
إني في الوقت الذي ابتهل إلى العلي القدير أن يظلل بسحائب رحمته على جميع أفياء وطننا وربوع مجتمعنا، اتمنى على جميع أحبتنا ان يطلقوا مع موجة حماية الاصلاحات موجة تصالح مع الذين ضللتهم موجة الكراهية والأحقاد التي اطلقتها حملات التسقيط والتشهير، فإن لم تتنازلوا بناء على معايير الأخلاق الدينية القاضية بحرمة الغيبة والنميمة والبهتان والتشهير وما إلى ذلك فلا اقل تنازلوا من أجل مجاهدي الحشد الفدائي الشعبي الذي لا زال يقاتل من اجل تأمين سلامة الجميع، فلا يعقل أن يقاتل العدو وهو منشغل بما يجري في دياره، ومن هنا عليكم أن تعرفوا أن داعش وجميع حواضنها من طائفيين وبعثيين كانت هي أحد أسس موجة الكراهية التي استعرت خلال هذه الفترة.
وبحمد الله كنت أحد المشمولين بحملة التسقيط والتشهير خلال هذه الفترة فكذب علي وقوّلت ما لم أقل، ونسب لي ما لا أصل له، وحمّلت ما لا علاقة لي به، وقد كان بعض المضللين من لا يعرف عني أي شيء، وإني والله سبق أن أبرأت ذمة هؤلاء جميعاً، فمن يتصدى للمسؤولية عليه ان يجابه احجار وشظايا حمل هذه المسؤولية رغم أني حملتها بلا أي منصب سياسي ولا حكومي ولم اجن منها غير عناء التصدي لأعتى موجة فساد وتضليل ولكن ادخرت لنفسي ما يبرأ ذمتي امام الله تعالى فما بقي في العمر من بقية وأعلم جيدا أن المستقبل كفيل برد أوهام من توهم عني، وأعود للقول أني ادعوا لكل الذين لم تتحمل عواطفهم المشحونة لغة الأدب والأخلاق ولم يتحمل وعيهم لغة الحوار المتحضر ولم يتحمل استعجالهم التأكد قبل الحكم بأن يغفر الله لي ولهم فهم معذورون لأنهم لا يعلمون.
وفي الوقت الذي أشكر فيه كل الأعزة الذين دافعوا او استهجنوا حملة التسقيط هذه أن يراعوا الله في التعامل مع حالات التسقيط واعملوا باساليب الاحتواء والاستيعاب وعدم النزول في نفس المنحدر الذي يراد ايقاعكم به.
كتب الله للجميع كل خير وصلاح ودفع عن العراق وأهله شر الأشرار وطوارق الليل والنهار.
جلال الدين الصغير
https://telegram.me/buratha