يسعى رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى إجراء تغيير شامل في الكابينة الوزارية، وتشكيل حكومة جديدة "بعيدة” عن المحاصصة الحزبية أو السياسية، إلا إنها تعتمد على مبدأ التوازن.
وبدأت ملامح الإصلاحات الحكومية تتضح بعد أن قرر العبادي تشكيل "لجنة عليا” لترشيح الأسماء من "تكنوقراط” والأكاديميين لشغل الوزارات ومؤسسات الدولة في الحكومة الجديدة.
ويقول سعد الحديثي المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء إن "العبادي حريص على إجراء تغييرات في الكابينة الوزارية في وقت قريب جداً، لكنه حريص على تأمين توافق سياسي بين الكتل بشأن رؤيته الإصلاحية، والحصول على دعم وإسناد هذه الكتل، قبل أن يذهب بالمرشحين إلى البرلمان”.
ويخوض العبادي في غمار مسارين؛ الأول يتضمن حراكاً للتشاور مع الكتل السياسية وعقد اجتماعات متواصلة مع الرئاسات الثلاث. والثاني التواصل مع البرلمان والشركاء السياسيين، للتوافق بشأن آلية التغيير.
ويضيف في حديث مع "الصباح الجديد”، إن هذه الآلية "جديدة في العراق. إذ تقوم على أساس ترشيح الشخصيات بعيداً عن الطريقة السابقة التي تشكلت على أساسها الحكومات الماضية، وهي أن تكون الكتل مسؤولة عن ترشيح الوزراء”.
مشيراً إلى إن العبادي يعتمد على "عمل لجنة في مجلس الوزراء من الخبراء والمتخصصين لاختيار المرشحين من التكنوقراط والأكاديميين في الاختصاصات المختلفة، تمهيداً لعرض هذه الأسماء على الكتل قبل التصويت عليها في البرلمان”.
وعلى الرغم من إن رئيس الوزراء يعتزم إنهاء "المحاصصة”، إلا إنه "يعوّل” على التوافق، ودعم الكتل السياسية الترشيحات التي سيقدمها. يقول الحديثي.
وقطعت اللجنة "شوطاً كبيراً” في استكمال عملية اختيار المرشحين، وفقاً لآلية جديدة تطبق في العمل السياسي في العراق لأول مرة.
وبحسب الحديثي فإن العبادي "يسعى بعد تحقيق التغيير في الكابينة الوزارية إلى إخضاع الدرجات الخاصة في مؤسسات الدولة إلى الضوابط والمعايير والمواصفات ذاتها”.
وأقدم رئيس الوزراء في أيلول الماضي، على إلغاء 123 درجة خاصة، بين وكيل وزير ومدير عام.
ويتابع المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء حديثه قائلاً إن "إصلاحات العبادي تأتي وفقاً لورقة الإصلاح السياسي التي قدمها للبرلمان في آب الماضي، وصوت عليها مجلس الوزراء وصادق عليها البرلمان”.
ويشير أحد بنود هذه الورقة إلى "تخويل رئيس الوزراء في اختيار أشخاص من ذوي الخبرة والكفاءة من المستقلين والمهنيين لإدارة مؤسسات الدولة المهمة، وإبعاد هذه المناصب عن المحاصصة السياسية والحزبية والطائفية”.
ومنذ ذلك الحين، تشكلت في رئاسة الوزراء لجنتان الأولى لتقويم أداء الوزارات والمؤسسات والهيئآت المستقلة. والأخرى لتقييم الملاكات العليا في الدولة وإخضاعها لضوابط ومعايير مهنية تتضمن القدرة على الانجاز والكفاءة والخبرة.
وعقدت الرئاسات الثلاث ورؤساء الكتل السياسية في وقت متأخر من مساء الأربعاء (2 آذار)، اجتماعاً موسعاً في قصر السلام وسط العاصمة بغداد، لبحث مساعي العبادي الإصلاحية ومشروع التغيير الوزاري.
ويرى ائتلاف دولة القانون، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي، إن الاجتماعات المقبلة يمكنها "إنضاج” رؤية العبادي الإصلاحية.
ويقول عضو الائتلاف النائب عباس البياتي في حديث لـ”الصباح الجديد”، إن "اجتماع الرئاسات الثلاث ورؤساء الكتل دعم التغيير والإصلاحات، لكن الجميع يحرص على معرفة آلية الإصلاح وخارطة الطريق التي ستمضي بها”.
ويضيف إن "العبادي أكد للجميع حرصه على تحقيق التوازن وتمثيل المكونات في التغيير الوزاري المرتقب، لكن ليس بالضرورة إن يجد جميع من فاز في الانتخابات تمثيلاً له في الحكومة الجديدة”.
ودعا البياتي جميع الكتل إلى "تحمل مسؤولية وأعباء المرحلة الحالية”، ودعم الخطط والبرامج التي يسعى العبادي الى اتخاذها للنهوض بالأداء الحكومي.
أما كتلة التغيير الكردستانية فتشدد على أهمية تحقيق مبدأ التوازن بين المكونات في الحكومة الجديدة، لكنها لا ترى في الوقت ذاته ضرورة أن تكون جميع الكتل السياسية ممثلة في الحكومة المرتقبة.
ويوضح رئيس الكتلة في البرلمان النائب هوشيار عبد الله في تصريح لـ”الصباح الجديد”، إن "هذه التغييرات تعدّ نقطة بداية في فلسفة وتصور إدارة الحكم”، لافتاً إلى إنه "لا ضير في أن تجلس بعض الكتل على كرسي المعارضة”.
ويختم حديثه قائلاً إن "من غير الممكن أن يشارك الجميع في الحكومة، لان هذا الأمر سيؤثر على الرقابة والأداء البرلماني”.
https://telegram.me/buratha