اصدر المكتب الاعلامي لمكتب نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ايضاحاً حول المقال الافتتاحي لرئيس تحرير جريدة التآخي بدر خان السندي، في عددها المرقم 5267 و المؤرخ في 2-4-2008، حول خطاب فخامة النائب في مؤتمر القمة العربية المنعقد في دمشق نهاية الشهر الماضي.و في مايلي نص الايضاح:
"بسم الله الرحمن الرحيمنشرت جريدة التآخي الغراء في عددها 5267 المؤرخ 2/4/2008 مقالاً افتتاحياً لرئيس تحريرها الدكتور بدر خان السندي بعنوان "ملاحظات كوردية حول الخطاب العراقي في مؤتمر القمة العربية".. ومع شكرنا وتقديرنا للاخ رئيس التحرير على مناقشة الخطاب الذي القاه فخامة نائب رئيس الجمهورية السيد عادل عبد المهدي فاننا نبدي التوضيحات التالية راجين نشرها في مكان بارز من صحيفتكم الموقرة.
1- نشكر الاخ رئيس تحرير جريدة التآخي على مناقشة خطاب نائب رئيس الجمهورية.. نشكره على صراحته ونقده وعلى تقييمه العالي لشخصية السيد عادل عبد المهدي ودوره سابقاً وحاضراً، ونقدر عالياً المنبر الذي يستخدمه الاخ رئيس التحرير.
2- تمثل "التآخي" في وعي العراقيين سابقاً والان المكانة البارزة للجهة التي تعبر عن رأيها وتتكلم بلسانها. والافتتاحية تعبر عادة عن رأي الصحيفة ونعتقد انه يجب توضيح هذا الامر. هل هو رأي شخصي لرئيس التحرير ام هو رأي الصحيفة وما تمثله؟ فنحن لا نشعر ان الاخ رئيس التحرير ناقش الخطاب وخلفياته المفاهيمية والسياسية كما تعبر عن نفسها بنظام الفهم العام الذي تعكسه الكلمات والمصطلحات في زمان ومكان محدد، بل تعامل مع المفاهيم والمصطلحات عبر نظام حساسياته الخاص به.
3- ان عادل عبد المهدي - كما يذكر الاخ نفسه- لم يدن سياسة التعريب والتبعيث التي تعرض لها الشعب الكوردي او القوميات الاخرى في العراق فقط، بل حارب بقوة لايقافها واسقاطها. وانه قضى كامل حياته السياسية يقاتل مع اخوانه الكورد وغيرهم لدحر هذه السياسات مفاهيمياً وسياسياً ليس من اجل مكسب سياسي او مرحلي بل ايماناً بقضية كرس حياته لها.
4- نعتقد ان الاخ رئيس التحرير- ورغم كل النوايا الحسنة التي يحملها- قد يكون وقع في فخ الرؤية الضيقة والاحادية. فهو رأى الشعوب عبر حكامها فقط وعبر جرائمهم وافعالهم الشنيعة خصوصاً اولئك المنحرفين والعتاة والظالمين.. لم ير الشعوب ولا المسارات التاريخية الطويلة لها.. الشعوب هي التي تصنع حضارتها وتطور ثقافاتها.. وهي التي تحقق مكاسبها.. والحكام ما هم سوى عامل عرقلة او تسريع، الشعوب هي القانون والحكام او الرجال هم الوسائل والادوات.
5- ان من فخر عرب العراق انهم قد وقفوا مع اخوانهم الكورد في صراعهم المرير ضد الظلم والعدوان.. لم تأخذهم نزعة قومية ظالمة ولا مصالح آنية.. والشعب العربي في العراق بمرجعيته وقواه السياسية العريقة بقي محصناً ضد اية رؤية ضيقة او عنصرية ولم تستطع نظرات الحكام العنصرية ان تخترق حاجز الحصانات، الا يستنتج الاخ العزيز من ذلك شيئاً؟ هل ان فتاوى علمائنا بتحريم قتال الكورد كانت فتاوى وعاظ سلاطين؟ وهل كان ثمن ذلك العطايا والاموال ام ثمنها الموت والقتل.. هل استقبال المدن العربية للمهجرين الكورد وضيافتهم خلال عقود طويلة دليل تعصب واستعلاء وسعي لالغاء الاخر، ام على العكس دليل قدرة على المحبة والاخوة والتعايش والتعارف.. وهل سيستند الاخ العزيز على افعال وسلوكيات الشعب العربي في العراق تجاه اخوانه الكورد لتوليد الوعي الجمعي والفردي الكوردي ام سيستند الى افعال حكام معزولين يكرههم الشعب ولم يحبهم او يقتدي بهم في يوم من الايام. نرجو مراجعة المفاهيم والحرص ان لا تكون مفاهيمنا فيما يتعلق بالاخر مجرد رد فعل واع اوغير واع للمنحرفين والطغاة متناسين افعال الشعب وقواه وهيئاته ومرجعياته الصميمية، لقد تعرض الكورد لظلم شديد وعدوان قل ان تعرض لمثيله اي شعب اخر. وان من حقه ان يدافع عن نفسه وان تتشكل لديه منظومة نفسية دفاعية وفي الذاكرة لمنع تكرار ذلك.. ولعل اخطر ما يمكن ان يهدد مناعة هذه المنظومة وسلامتها هو الخلط بين كلام الحق والباطل. فالحق يجب ان يبقى حقاً وان استخدام الباطل له غطاءاً وتبريراً لا يلغيه او ينفيه ليصبح من يتكلم بالحق وكأنه يتكلم عن الباطل نفسه. فهذا الخلط يهدد حسن اداء نظام المناعة ليحولها الى مرض و انكفاء وسلبية وخوف وعجز عن فهم الاخر.. ان اعمال الانحراف موجودة لدى الجميع. فاذا كان هناك من عرب قد والوا الظلم وغرقوا في التفكير الضيق، فهناك كورد قد والوا الظلم وحاربوا في صفوفه، وهناك اخرون غرقوا في التفكير الضيق.. فيجب وضع الامور باوزانها الصحيحة.. وبعد ذلك الحكم على الاشياء.
6- العراق يعرب غيره ولا يستعجم.. هل قرأ الاخ هذا النص جيداً؟ وهل وضع له اولاً المقدمات والمباني الواقعية والتاريخية.. هل فكر لماذا تم استخدام كلمة العراق ولم تستخدم كلمة عرب العراق. وهل ناقشه حسب السياقات وبعين ترى من كل الزوايا ام ناقشه فقط من زاوية خاطئة وسياق مغلوط، فجاءت القراءة والفهم مجافيتين للحقيقة والفهم المستقيم.. فراحت تتكلم بانفعال عن "نكهة قومية متعصبة"!!. العراق كله بقومياته المختلفة يتحرك بهذا القانون.. والعراق كله بقومياته المختلفة يذهب الى لقاء الجامعة العربية. والعراق كله بقومياته المختلفة يدافع عن العرب والكورد والتركمان وكل ما فيه من قوميات. العراق كله بعربه وكورده وقومياته الاخرى لعب هذا الدور العظيم في رفد الثقافة والحضارة العربية كما لعب دوره في رفد الثقافة والقومية الكوردية وغيرها. العرب والكورد وغيرهما من اقوام في العراق هم مكونات العراق الاصلية بدون ان يكون هناك درجة اولى او ثانية او عرق صاف او مختلط. فقط رد الفعل الانفعالي يستطرد مع نفسه ليبني الافكار الخاطئة والانطباعات السيئة كما تعثرت في ذلك افتتاحية الاخ رئيس التحرير ليحكم على الاخرين ليس كما هم بل كما رآهم عن غير وجه حق.. ان اطروحة نائب رئيس الجمهورية لا تنطلق من تعارض وتضاد مصالح الشعوب، فهي ترى التكامل والدفع يأتي من الجميع ولصالح الجميع.. فقط الفكر القومي المتعصب –ولا نقصد بذلك الاخ رئيس التحرير الذي نعتقد انه متحرر منه- هو الذي ينطلق من التضاد والتعارض ليرى ان حركة اي شعب لابد ان تكون بالتعارض مع الشعب الاخر.. وان رفد اي شعب لابد ان يأتي خصوصاً من الشعب ذاته ليس الا. هل يجب ان نعدد العلماء الكورد او الايرانيين او الاتراك وغيرهم، ناهيك عن العرب، الذين تحركوا في ظل الحاضرة العراقية لنرى ما قدموه للعرب والحضارة العربية. وهل تنفي هذه الحقيقة ما قامت به الحواضر الاخرى بغض النظر عن قومية سكانها للحضارات والثقافات الاخرى.
7- اضافة لذلك كله فان النقاش في خطاب نائب الرئيس لا يتعلق بمعادلة داخلية بل يتعلق بمعادلة خارجية اثارها الاستاذ الامين العام للجامعة العربية مشيراً الى ان العروبة والعرب في العراق في خطر، وهو يقصد - ان لم نكن مخطئين- الايرانيين او الامريكان او غيرهما.. فكان من الطبيعي التوضيح بان العراق دافع ويدافع عن العروبة، بل هو مصنع رئيس لها.. وان العراق لعب تاريخياً رافداً اساسياً ومهماً في بناء الشخصية والثقافة والحضارة العربية. فهل هناك خطأ او مبالغة او غلو قومي او استعلاء في ذلك كله.. هذه حقيقة تاريخية وحاضرة.. ولتحسب اعمال الحضارة والعمران والنقل والتأليف والاكتشافات والعلوم واعمال التفسير والفقه والحوازات والهيئات العلمية في العراق تاريخياً وحاضراً لنرى دور العراق في رفع مقام الهوية العربية والثقافة والحضارة العربية تاريخياً وحاضراً.. اللغة والشعر والاداب هي عماد القوميات والشعوب.. فلنرى ما قدمه العراق – بكل ابنائه- في هذه الحقول تاريخياً وحاضراً لنفهم دور العراق عربياً.. هل عطلت وستتعطل التأثيرات العظيمة لعبقرية الجواهري الشعرية ان اتهم بالفارسية او الايرانية كما حاول البعض ان يفعل.. هذه الحقائق يريد بعض الحكام واشباه المثقفين في الدول العربية نسيانها ومشاكسة العراق في دوره العربي الذي يريدونه بمقاساتهم وتوجهاتهم لا بتوجهات العراق وشعبه. و نحن لا نقصد بالطبع هنا السيد الامين العام للجامعة العربية، فدوره وعمله معروف وانه تكلم عن قلق البعض -وهو قلق مشروع- وكان من رأي نائب رئيس الجمهورية التوضيح في كلمته رفعاً لاية شبهة او التباس .
8- العراق يعرب غيره ولا يستعجم.. هل قرأ الاخ هذا النص جيداً؟ هل فكر فيه قليلاً؟ هل وضعه في سياق الشبهة ورد الشبهة؟ هل سيجد خطأ لو قلنا ان الولايات المتحدة "تؤمرك" غيرها ولا تستعرب.. وقس على ذلك.. هل في ذلك عدوان او استعلاء على الشعوب التي هاجرت الى هناك واكتسبت الجنسية الامريكية وهويتها وثقافتها، بل انقطع كثيرون عن تاريخهم، رغم اصولهم الافريقية او الصينية او الهندية او العربية او الكوردية. لقد لعب العراق تاريخياً و حاضراً هذا الدور فجاءته الهجرات من الهند وبلاد فارس وبلاد الاناضول والجزيرة وبلاد الروم فعرقها وعربها وكردها وتركمنها وغير ذلك من هويات تعطي العراق هويته التعددية التي وصفها الدستور. وان اي بلد واية امة ايرانية كانت ام تركية عربية ام كوردية اوروبية ام اسيوية تلعب هذا الدور فاين الخلل في ذلك كله؟ 9- وهل سيغيض الاخ رئيس التحرير ان نقول ان الكورد لن يقبلوا التعريب وانهم كورد اقحاح يعتزون بقوميتهم وبلغتهم وهويتهم وتقاليدهم وثقافاتهم. هل سيغيض الاخ رئيس التحرير ان نقول ان كوردستان –وبالتالي العراق- ستكرد غيرها ولم ولن تقبل بالتعريب او التتريك او التفريس او مسح هويتها من قبل كائن من كان.. ان سكنها عربي او غيره فانه سيأخذ من لغتها وثقافتها وعاداتها وحضارتها. اي خلل في ذلك ما دام من يتحرك هنا هو قانون الشعوب وتفاعل الحضارات وليس قانون القسر والقوة والفرض. انه قانون التعارف والنقل الذي يتكلم عنه القرآن الكريم عندما يقول "انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا. ان اكرمكم عند الله اتقاكم" هل في ذلك خلل او خطأ او فهم منحرف. او ليس هذا ما تفعله اية امة حية، واي شعب تجري في عروقه دماء الحياة. الشعوب والامم المتجذرة الاصيلة لا تخاف على هويتها بل تغني هويتها باستقبال الاخرين واندماجهم وتعايشهم معها.. الامم والشعوب لا تعزل نفسها وتنكفىء على ذاتها بل تسعى لنقل ثقافاتها وحضارتها ولغتها وعاداتها. هل في ذلك عدوان او مسخ ما دام كله يدور بدون قسر او حيف؟ اليس هذه هي مهمة وزارات الثقافة والاعلام والخارجية؟ كيف يحبس الاخ رئيس التحرير نفسه بنظرة واحدة فيستطرد ويستنتج ويتهم ويحكم ويقرر؟. هذا قانون التاريخ والشعوب والحضارات.. فلقد انقرضت شعوب وغابت حضارات ليس بالضرورة بسبب عدوان او اعمال قسر بل لانها فقدت حيويتها ونشاطها وفاعليتها التي ينصحنا الاخ رئيس التحرير الا نتكلم عنها والا تحولنا الى قوميين متعصبين نريد الشر لغيرنا!!
10- العراق بلد العرب الاقحاح.. فهل هذه حقيقة ام ادعاء؟ ولو قلنا بانه بلد الكورد الاقحاح، فهل هذه حقيقة ام ادعاء؟. وهل يستوجب ان نذكر الاولى كلما ذكرنا الثانية وبالعكس.. و اذا اقتضى الظرف او الضرورة ان نعدد خصائص مسيحيي العراق ونشير الى اصالتهم، فهل يجب بالضرورة ان نعدد خصائص مسلميه ونشير الى اصالتهم.. وهل اذا اردنا ان نشيد بدور التركمان فانه لن يسمح لنا الا اذا ذكرنا الاخرين ايضاً؟ اذا لم يكن هذا السلوك حساسية مفرطة تخاطب الرجل الخطأ.. وتفهم الظرف الخطأ.. وتقف في الزمان الخطأ.. وتنظر من الزاوية الخطأ، فما هي اذن؟ واي خلل في ذلك ليسمح الاخ رئيس التحريرلنفسه بالكلام الساخر المستهزء عن الفوقية والاستعلاء وعن العرب والاعاربة والمستعربة والقحطانين والعدنانين!! ليبحث الاخ عن الحساسيات الخاطئة التي بناها في منظومة مفاهيمه قبل ان يتكلم عن الاخرين بهذه التقريرية والتعليمية الجارحة.
11- لم نفهم اي اقحام للاخرين ان يقال ان الكورد كورداً، والتركمان تركماناً في مناقشة شبهة بان العراق يفقد عروبته. فهذا تقرير واقع ليس الا. تقرير يسعى لتفنيذ رؤية باطلة تتكلم عن ايرانية او صفوية الشيعة والتي لو صحت ستجعل العرب في العراق اقلية. لم نفهم فعلاً وجه الاعتراض او الاقحام والامر هو تسمية الاشياء باسمائها ليفهم من تأخر او اخطأ عنده الفهم. فالكلام في مكانه وزمانه يخاطب قادة وجمهور لا يعرف بعضهم حقائق العراق او يتغافل عنها، وكان لابد من عرض الامر الواقع لتأتي الحجة قوية متكاملة.. فأي خطأ في ذلك؟مرة اخرى نشكر الاخ رئيس التحرير ونقدر ادبه العالي وبحثه العلمي وروحه النقدية، واننا نعتقد ان مثل هذه النقاشات هي التي تطور الافكار والمفاهيم.. فتؤكد على الصحيح وتعمقه وتطوره.. وتعالج الخاطىء وتصححه وتقومه.
المكتب الاعلامي/ مكتب نائب رئيس الجمهوريةعادل عبد المهدي"
https://telegram.me/buratha