الشيخ محمد الربيعي ||
والحديث سنتناولة ضمن النقال التالية :
■1. اتساع التربية العقلية لأدراك الكون
ان اتساع مدارك الانسان العقلية يعد من اهم المباني التي تصرح بها الفلسفة الاسلامية وفق الايدلوجية القرآنية التي تريد من الانسان ادارك ان الكون بما فيه من سماوات وارضين وكائنات لم يوجد نتيجة تغيرات طبيعية ولم يوجد صدفة بل له خالق هو الله هذا الكون ليس ثابت بل متغير وهو محل نشاط الانسان ومسخرا له ليفكر فيه ويصل إلى ايديولوجية كونية تحدد مساره.
فالقرآني يرى من يضيق رؤية تفكره ولم تكون له هذه الرؤية الكونية الواسعة قد وقف عند مرحلة البهيمية بل وتسافل عنها لأنه لم يستخدم قواه الادراكية كما ينبغي يقول تعالى: ((إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ))(سورة الأنفال ـ 22).
ان الفرد الذي لا يمتلك الرؤية الكونية تائه لا يعرف من اين اتى والى اين هو سائر ليرتب افكاره فيما يفعله في حياته، يقول العلامة اليزدي: "قيمة الإنسان من وجهة نظر القرآن ترتبط ارتباطا وثيقة بأيديولوجيته ورؤيته الكونية أي إن الإنسان الذي يفكر ويعمل قواه المدركة يظفر برؤية كونية وإيديولوجية صحيحتين ثم يجعلها أساسا لسلوكه الحر المختار هذا هو الذي يتمتع بقيمة إيجابية".
■2. الانسان مخلوق ذو ابعاد
يرى القران الكريم ان الانسان موجود متعدد الابعاد فهو روح ونفس وجسد ((إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين))( سورة الحجر ـ 29)) ، قادر على اكتشاف اسرار خلقته وله قدرة على التعلم واكتساب المعرفة والعقل والحواس يكمل بعضهما البعض يهدفان إلى ايصال الانسان إلى رقيه وكماله العقلي والسلوكي، أن ظاهرة الذكاء البشري هي العامل الحاسم الذي جعل الجنس البشري يتفوق على كل المخلوقات الارضية الأخرى وبتعبير علوم الذكاء البشري الحديثة فإن تفوق بني الإنسان يرجع إلى امتلاكهم قدرة عالية من التفكير وعلى استعمال الرموز الثقافية بطريقة معقدة. فدعوة القرآن الملحّة للإنسان على أهمية استعمال ما يمكن أن نسميه بالمهارات التفكيرية تُمثل قطباً رئيسياً للذكاء الإنساني والمبهران القرآن ينبا عن تزويد الانسان بهذه القدرات في خلقه ((وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ))(سورة البقرة ـ 31).
■3. تحصيل القيم الاخلاقية
ان العلوم التربية القديمة والمعاصرة تؤكد على ان امتلاك دافعية لتحصيل القيم الاخلاقية وامكان تطبيقها يعود إلى رقي عقلي، ولذا فان القران الكريم ينشأ هذه الدافعية ويعدها ضرورة للتحصيل على المستوى الفردي ثُمَّ يعد نشرها على المستوى الاممي والاجتماعي من المبادئ الاساسية حتى ان قضية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هي ركن اساسي في اركان الاسلام.
((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ))( سورة ال عمران ـ 110)، يقول العلامة الطباطبائي: "أن الدعوة إلى الله على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شئون اشتغال المؤمن بنفسه وسلوكه سبيل ربه، على المؤمن أن يدعو إلى الله على بصيرة وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر على سبيل أداء الفريضة الإلهية".
الانسان له مسؤولية اجتماعية وفردية لتربية نفسه ومجتمعه وتربيته قائمة على الحرية والانفتاح على البيئة للتفاعل معها وكسب الخبرات عن طريق التعليم المتدرج والمستمر للوصول إلى كماله العقلي والاخلاقي والاجتماعي.
■4.المنظومة العقلانية المتكاملة
تمتاز المباني القرآنية على غيرها بانها نظام رباني متكامل وشامل منبثق من عقيدة التوحيد الكاملة المنهج مع وجود مطبق معصوم للنظرية وشاهدا على صحة التطبيق ((ويَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاَء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ))( سورة النحل ـ 89)، وضرورة وجود مطبق معصوم يثبته العقل والنقل(8)، وبذلك نرى ان وجود منظومة متكاملة هو أمر مسلم به يبدا من وجود منهج وشارح ومطبق ودافعية ورقابة وحساب على الاداء المطلوب.
■5. تكامل العقل والوحي
إن امتلاك الإنسان للعقل وثبوت قدرته العقلية لا يعني أنه لا يحتاج إلى معرفة الوحي، والحقيقة أن الوحي والقرآن الكريم يكملان نظرية المعرفة الفكرية ويصححانها، يرى العلامة الطباطبائي أن العقل الذي يدعو الإنسان إلى الحقيقة ويأمره هو العقل العملي الذي يحكم الخير والشر، وليس العقل النظري الذي يفهم حقائق الأشياء، والعقل العملي يأخذ مقدماته من المشاعر
الداخلية، والمشاعر التي توجد في الإنسان في البداية هي في الواقع مشاعر قوى الشهوة والغضب، وقوة العقل فيه يمكن أن تؤكد ذلك.
■6. التوحيد مبدأ أساسي للتربية العقلية
مبدأ التوحيد هو أساس أنطولوجيا الوجود من وجهة نظر القرآن الكريم، وجميع المفاهيم والتعاليم المتعلقة التربية العقلية المعرفية لها منع واحد وهو الاعتقاد بالله الواحد ذو الصفات الجمالية والجلالية، والآيات الكريمة تؤكد ان تسليم الذين وصول إلى درجة من العلم بهذه الحقيقة ارتقوا في مدركاتهم واستطاعوا ذلك بمحاولتهم التخلق بالأسماء والصفات الالهية والسير ضمن منظومة التوحيد، ومهاراتهم في المناظرة مع العلماء الاخرين الذين يعتقدون بوجود الاله تنطلق من فكرة التوحيد للوصول لتوافق وكلمة سواء وحل المنازعات الفكرية ((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ))(آل عمران ـ 64.)، حسب تفسير الميزان فان هذه الآية تؤكد ان الجميع لديه نفس الحقيقة وهي ان السيادة المطلقة من خصائص الله حصريا.
أولئك الذين يعتمدون على الأنطولوجيا التوحيدية وربوبية الله الحصرية يقبلون فكرة السيادة الإلهية ويؤمنون بما جاء به الأنبياء ليثيروا لهم دفائن العقول، وعليه يمكن الاستنتاج أن الأنطولوجية في القرآن تؤسس النظرة التوحيدية للتربية العقلية السياسية ووفقًا للقيم، ويضع قوانين النظام التربوي في النصوص والمصادر.
نخلص مباني التربية والتعليم من وجهة نظر القرآن متفقة مع التراكم المعرفي البشري وملهة له منذ ان نزل القرآن الكريم فقد استمد كثير من العلماء رؤاهم وطوروها في ضل ما جاء به القرآن لأنها أكمل من معرفة الإنسان نسه فهي عبارة عن إخبار من الله خالق النفس والذي له إحاطة كاملة بها في كل الإبعاد والأزمان .
اللهم احفظ الاسلام واهله
اللهم احفظ العراق و شعبه
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha