المركز الاعلامي للبلاغ - ابو سجاد الزهيري
استقبل مكتب سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم الوفد التربوي والتعليمي المشترك والذي ضم أساتذة الجامعة المستنصرية وعدد من المنتسبين دوائر وزارة التربية, بمكتبه في النجف الاشرف يوم الثلاثاء 5 ربيع الأول 1427 هـ مؤكد على ضرورة إعطاء جانب المرونة دوره في التعامل مع الواقع والتنسيق والتفاهم معه وسط أجواء من الكرامة والاعتزاز, للأخذ بمكاسب تخدم قضيتنا وتثبت هويتنا وشخصيتنا , كما دعا إلى أهمية نبذ كل الانفعالات والتشنجات التي ثورة الفشل ولا تخدم القضية الأساس .ودعا سماحة السيد الحكيم (دام ظله ) جميع الإطراف السياسية إلى أولوية التفكير بمصير البلاد ومصالحها, والتوازن بالمفاهيم والمطروحات باعتبارها الأمناء على مصالح البلاد . كما نبه إلى ضرورة وأهمية التأقلم مع الواقع, وعدم التفكير في المشاريع السياسية المنفردة من اجل إيجاد منطقة مشتركة, يمكن من خلالها الانطلاق لرفع المصاعب وتخليص البلاد من واقع المظلومية والنكبات المتلاحقة, والحصول على المصالح المكنة التي تخدم وصنعه وتداوي جراحه . وبين سماحته موضحا الهدف من دعوة المرجعية الدينية لإجراء الانتخابات ليس إلا لتخلص الشعب من واقع الظلم والقتل وسفك الدماء الذي تعرض له على يد أعدائه, واثبات حجم الإطراف وحقيقتها, وإسكات الأصوات التي تتشدق بالشرعية وعدم الشرعية .
وتطرق سماحته إلى بموضوع التأقلم مع الواقع, وتبني سياسة الاستيعاب, وعدم استعداء الآخرين وتحكيم العقل والتفاهم, وضرورة معرفة حجم النفس وقوتها، كما ساق سماحته أمثلة أبرزها محافظة إمبراطور اليابان على إمبراطوريته عندما لمس حجم القوة المقابلة, ليحكم عقله ويحفظ بلاده من ازدياد الشرور, لتصبح دولته بعد حين دوله قوية متماسكة مزدهرة, ووصف سماحته هذا التوجه بأنه تحكيم للعقل من أجل مصلحة البلاد وليس انهزاما, لان النتائج اثبت صحة هذه التوجه وهذه الحكمة . وأكد سماحته ان الحكمة والتعقل هي الاساس الذي يجب ان يعتمد عليه خلال مرحة بناء واعمار العراق والذي يحاصر من جهتين, جهة المحتل التي تملك القوة العسكرية الهائلة التي تستطيع إلحاق الأذى بما نملكه من الشجاعة الميدانية المعروفة وجهة الدول المجاورة, سواء التي لها حساسية مع المحتل، او مع الإطراف السياسية، والتي تحاول جاهده التغلغل والنفوذ لتمارس دورها على حساب مصالح شعب العراق المنكوب .
وأشار سماحته في هذا السياق منبهاً إلى إن تشريع الأئمة المعصومين (ع) لجانب التقية, ليس معناه التنازل عن العقيدة, وإنما شرعت للتأقلم مع الوضع القائم وإشاعة روح التعايش السلمي، وحفظ المصالح الكبرى .
من جانب أخر أكد سماحته على ضرورة دعم المخلصين, والضغط بالممكن والمستطاع وبحسب الموقع لدعمهم نحو الأصلح, وأشار سماحته إلى إن المرجعية الدينية لا يمكنها أحيانا إن تتبنى طرفاً على حساب طرف آخر, حتى لا تتهم بأنها صاحبة غرض . واوضح سماحته إلى إن الفضل في تبدل الأوضاع وتغيرها وعكس الصورة الطيبة يعود إلى الشعب العراقي المظلوم وتوجهه, بعد إن تبنت المرجعية الدينية دور التوجيه والارشاد . وأشاد سماحته بتوجهات المؤمنين بأحياء المراسم الدينية وإقامة المسيرات الحسينية التي انطوت على كثير من عناصر قوة التماسك, وثبتت الهوية الشخصية لهذه الطائفة المرحومة . وأضاف سماحته إن فترة السنتين الماضيتين قد غيرت الصورة المشوهة التي حامل الآخرون رسمها في الأذهان, من خلال أداءهم العالي للشعائر الحسينية التي تتضمن الكثير من المبادئ والمفاهيم المتقدمة وسط إعجاب العالم واحترامه وانبهاره بإدارتها وإظهارها للعلن بهذا الأسلوب الحضاري المتقدم .
وفي مداخلة مع احد الأساتذة الحضور, شدد سماحته على ضرورة إن تسود الخطابات دعوات التسامح والتفاهم والحوار والتعايش السلمي بعيدا عن كل التقاطعات, وابرز سماحته مثالا لذلك, ما أضهرته أزمة تلعفر وما رافقها نزوح جماعي للشيعة لمناطق اليزيدية في سنجار ففتحت البيوت إمام النازحين ولم ترتبك الأسواق وبقي الحال حتى انتهاء أزمة تلعفر . وتساءل سماحته ما الذي جعل أكثر الفئات تقاطعا في العقيدة إن يسلكوا هذا الاتجاه في التعاون والتعايش السلمي . وأجاب سماحته: اعتقد إن حسن المعاشرة والأخلاق
والتفاهم، ومصير أبناء البلاد المشترك، هو الذي حدا إلى إن يبرز هذا السلوك إلى العلن .
واختم سماحته حديثه المبارك المستضيف الذي ترك اثره الطيب في نفوس الحاضرين, من خلال كلمات الاكبار والاجلال لمواقف المرجعية الدينية التي حفظت البلاد من خلال موقفها الأبوي الرصين عبر كل الأزمات, بالدعاء لكل المخلصين العاملين من اجل مصلحة البلاد وشعبه، وان يكلل عملهم بالنجاح .
وعبر سماحته عن بالغ سروره للالتقاء بكافة شرائح الشعب، خاصة شريحة النخب المثقفة والأكاديميين، داعيا اياهم للتواصل مع رجال الحوزة العلمية من اجل تقوية الثقافة المتبادلة لتنعكس بصورة أكثر ايجابية على الواقع العراقي .
https://telegram.me/buratha