في تطور جوهري من شأنه التخفيف من حدة التوتر بين تركيا من جهة، والعراق وسوريا من جهة أخرى، بسبب اتهام أنقرة بالتخلف عن التزام تعهداتها السابقة بزيادة إمدادات المياه، أعلنت السلطات التركية أنها ستسعى جاهدة لزيادة كمية المياه التي توفرها للبلدين من خلال نهري دجلة والفرات بالرغم من تأكيدها أنها لا تملك الموارد الضرورية للقيام بذلك.
وأوضح وزير البيئة التركي فيصل أروغلو في ختام اجتماعه مع وزيري الموارد المائية العراقي لطيف رشيد، والري السوري نادر البني، أن هناك إمكانا لصراع دولي في هذه المنطقة بسبب النزاعات على المياه مشيرا إلى أن تركيا والعراق وسوريا يعيشون تحت وطأة التغيرات المناخية العالمية التي تسببت في موجات من الجفاف بالدول الثلاث منذ عام 2006 إلا أنه أشار إلى أن تركيا ستحاول الإفراج عن أكبر قدر ممكن من المياه لتلبية التزامها القانوني المحدد بـ500 متر مكعب في الثانية الواحدة.
وعن سبب التحول في الموقف، قال أروغلو:"هناك أزمة مياه خطيرة في العراق، ونحن نأخذ هذا في الاعتبار". وفيما رفض أروغلو البوح بحجم الكمية التي ستسمح تركيا بضخها، لمح وزير الطاقة التركي تانر يلدز قبيل بدء الاجتماع، بأن تركيا تضخ 517 مترا مكعبا في الثانية الواحدة في المتوسط بدلا من 500 متر مكعب في الثانية على حساب إنتاجها من الطاقة.
وكان أروغلو قد قال أيضا لدى بدء الاجتماع، إن بلاده فتحت المياه من سد أتاتورك لمساعدة سوريا والعراق وتفادي حرمانهما الماء، وذلك على حساب تقليل إنتاجها من الطاقة بقوله:"إن تركيا ضحت بكميات كبيرة من الطاقة، ورضيت بأقل قدر من طاقة سد أتاتورك على نهر الفرات من أجل إطلاق المياه إلى العراق وسوريا "وأضاف أن منسوب المياه في سد "أتاتورك" انخفض بنسبة 10%،وأن كميات المياه في حوضي النهرين انخفضت بنسبة 46% خلال السنوات الثلاث الأخيرة. إلا الوزيرين العراقي والسوري المشاركين في الاجتماع، واللذين تطالب بلادهما منذ سنوات بتوزيع أكثر إنصافا للموارد المائية، رفضا هذه التصريحات، وتحدثا عن تراجع في مستوى مياه الفرات. وقال رشيد إن بلاده لم تتلق "سوى ثمانية ملايين متر مكعب من مياه الفرات بين آب 2008 وآب 2009. وهذا يعني انخفاضا نسبته ثلاثون في المئة"، ما أدى إلى حدوث جفاف شديد خلال السنوات القليلة الماضية.
وذكر بأن العراق يعاني هجرة جماعية، وخاصة من المناطق الجنوبية بسبب الجفاف الناتج من انخفاض كميات المياه في دجلة والفرات.
من جهته، قال البني إن بلاده تتفهم حاجة العراق إلى المزيد من المياه. وأضاف:"سوريا والعراق بحاجة ماسة إلى المياه، لكن العراق الشقيق يشعر أكثر بحاجته إلى المزيد من المياه، وعلينا تلبية هذه الحاجة والحوار مهم جدا لتحقيق هذا الهدف، ولذلك فإن هذا الاجتماع مهم جدا". وأوضح البني أن مستوى مياه الفرات الآتية من تركيا تراجع إلى ما متوسطه 400 متر مكعب في الثانية خلال الأشهر الأحد عشر الأخيرة. وناقش الاجتماع الثلاثي العديد من الموضوعات، من بينها إنشاء محطات قياس مشتركة وتبادل المعلومات الخاصة برصد أثر التغيرات المناخية على مياه النهرين والمتابعة الثلاثية لحجم مياه النهرين المنطلقة من قبل تركيا في المواسم الأربعة، وتحديد وتدارس آثار الجفاف والتغيرات المناخية في الأحواض والمناطق الزراعية المحيطة بالنهرين.وكانت تركيا قد وافقت مؤخرا على زيادة كميات المياه للعراق بعد تصاعد الشكوى من احتمال مواجهة العراق خطر الجفاف وتدمير المحاصيل الزراعية في فصل الصيف.وأكد وزير الطاقة تانر يلدز في اجتماع ثلاثي عقد بدمشق في 20 أغسطس الماضي استعداد تركيا لإطلاق مياه نهرى دجلة والفرات إلى كل من سوريا والعراق بكميات أكبر مما تحددها الاتفاقيات الدولية مشيرا إلى أن المشكلة لا تكمن بكمية المياه بل في استخدامها بشكل صحيح ومثمر.
https://telegram.me/buratha