أيها الأخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات،
قبل كل شيء لا بد أن أذكـّر الأخوة المسؤولين بأمر
كما تعلمون إن سياسة قوى الاستكبار والظلم والجور والطغيان كانت وعلى مر التاريخ هي بذل كل ما تملك من جهود من أجل قطع الارتباط والاتصال بأئمة الهدى عليهم السلام، وقد كان هذا واضحا خلال حياة الأئمة ، وبعد رحيل الأئمة عليهم السلام، وما حصل من هذا المجد الإلهي الذي أعطاه الله تعالى لأهل بيت العصمة، حيث القبور الشامخة والاتصال المباشر والتواصل المستمر والارتباط القوي بين أتباع أهل البيت والمسلمين مع هذه الرموز، وما تلك الزيارات كما تعلمون إلا لإبقاء هذا التواصل والارتباط مع فكر أهل البيت عليهم السلام وإبقاء منهجهم حيا متحركا على ارض الساحة الإسلامية.
هذا الخط الاستكباري والظالم والمتجبر مع أهل البيت عليهم السلام مستمر لحد الان وما العمل الإجرامي الجبان الذي استهدف مرقد الإمامين العسكريين في سامراء المقدسة إلا ويصب في هذا المجرى، وهو فك الارتباط والاتصال بين هذه القاعدة الجماهيرية المؤمنة وبين أهل البيت عليهم السلام، ولذلك يقع الآن على عاتق المسؤولين في الحكومة العراقية أمرين أساسيين في هذا المجال هما:
الأمر الأول: توفير الأمن في مدينة البطلين العسكريين من أجل أن يتمكن محبو أهل البيت النبوي من التواصل مع الإمامين المعصومين.
والأمر الثاني هو إعادة تعمير هذا المرقد الشريف الذي أراد الإرهابيون والتكفيريون والمجرمون من خلال تهديم قبته الشريفة قتل التواصل والارتباط بين الجماهير الإيمانية وبين الإمامين الطاهرين عليهما السلام.
والآن، أود أن أبين للأخوة المواطنين بعض الأمور فيما يتعلق بالوضع الحالي وما يمر به بلدنا العزيز:
الأمر الأول فيما يتعلق بالأزمة السياسية الحالية التي يمر بها بلدنا العزيز فأقول:
إن استمرار هذه الأزمة السياسية وعدم تشكيل الحكومة العراقية بعد مضي قرابة الأربعة أشهر من إجراء الانتخابات، أدى ولازال الى مزيد من المعاناة للشعب العراقي وإراقة المزيد من الدماء وتدهور الأوضاع بصورة عامة، ولا بد لجميع الأطراف السياسية استشعار المسؤولية التي ألقاها المواطنون على عاتقهم بعد أن وفى المواطنون بأداء مسؤولياتهم في انتخابهم، ونوصي جميع الكتل السياسية بضرورة الخروج من الطريق المسدود الذي وصل إليه أمر تشكيل الحكومة العراقية، وان تأخذ بعض الأطراف بنظر الاعتبار تقديم المصلحة العليا للشعب العراقي وذلك بإخراجه من هذه الأزمة وإن تطلب الأمر التضحية ببعض المواقع.
كما أن على جميع الأطراف في قائمة الائتلاف العرقي الموحد استشعار مسؤولياتهم في الحفاظ على تماسكهم ووحدتهم وتراص صفوفهم وعدم السماح بانفراط عقد الائتلاف وذلك لأن تشتت هذه القائمة وتفرقها بالتالي انفراط عقدها، فهذا لا يضر فقط بمصالح هذه القائمة، بل بالمصالح العليا للمؤمنين الذين بذلوا الكثير من التضحيات في سبيل استرداد حقوقهم، ولا بد أن يعلم هؤلاء الأخوة أن رعاية المرجعية الدينية العليا لهم منوط باستمرار وحدتهم وتماسكهم وان هذه المظلة الأبوية الراعية للجميع لا يمكن أن تستمر اذا ما حصل التشتت والتفرق بينهم، ولا سمح الله تعالى لو حصل ذلك فإن الجميع وبدون استثناء يتحمل المسؤولية وبدرجة متساوية أمام الله تعالى وأمام المؤمنين الذين بذلوا الدماء الغزيرة والتضحيات الجسام من أجل الوصل الى هذه المكتسبات التي أنجزت خلال هذه الفترة.
الأمر الثاني:
قامت قوات الاحتلال بإجراءات تمس السيادة الأمنية للحكومة العراقية في بعض المناطق التي سلم فيها الملف الأمني الى الجانب العراقي، وذلك حينما جردت قوات الاحتلال القوات الأمنية العراقية في بعض هذه المناطق من بعض أسلحتها، وكذلك القيام بعملية إنزال جوي ودخول آلياتها الى أحد الأحياء الفقيرة في مدينة كربلاء المقدسة بهدف اعتقال بعض الأشخاص، مع أن الملف الأمني في هذه المدينة قد سلم بالكامل الى القوات الأمنية العراقية، مما يكشف عن عدم مصداقية قوات الاحتلال بتسليم هذا الملف الى الجانب العراقي، وان هذه السيادة التي تدّعي قوات الاحتلال أنها صارت بيد العراقيين تتلاعب بها وفق السياسة التي ترسمها للعراق وشعبه، ووفق ما تمليه مصالحها، ولذلك نطالب الحكومة العراقية والأجهزة الأمنية العراقية بكشف هذه الخروقات للرأي العام ومطالبة الجانب المحتل بعدم التدخل في ما يمس السيادة العراقية، وأن الذي يحتاجه الشعب العراقي في الوقت الحاضر عدم خلق أزمات جديدة بل بذل الجهود لاحتواء الأزمات الحاضرة التي ما زالت تسبب المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار ونزف الدماء والخراب.
الأمر الثالث:
إن أزمة تهجير بعض العوائل المؤمنة من بعض المناطق التي استفحل فيها الإرهاب أخذت تتفاقم يوما بعد يوم، وإن عدد المهجرين أخذ يزداد بصورة غير معقولة ويهدد بأزمة جديدة لهذا البلد إضافة للازمات التي يمر بها في الوقت الحاضر، وتقع المسؤولية على عاتق أجهزة الدولة في عدم السماح بتفاقم هذه الأزمة، وذلك من خلال بسط الأمن في تلك المناطق، أو على الأقل إيجاد مأوىً للعوائل المهجرة وتوفير مستلزمات الحياة الأساسية لهم.
كما تقع على جميع المواطنين المسؤولية الشرعية والوطنية بمد يد العون والرحمة لهؤلاء الأخوة الذين هربوا بدينهم من تلك المناطق التي يسيطر عليها التكفيريون والإرهابيون والصداميون، وتتمثل تلك المسؤولية بتوفير المأوى لهم ولو كان ببدل مالي بسيط، وكذلك نأمل من جميع المؤمنين تقديم ما يمكن من الدعم المادي والغذائي، أو على الأقل مواساتهم في محنتهم هذه، فإن كل واحد منا كما يأمل أن يقف الآخرون معه ويمدوا يد العون له حينما يمر بمثل هذا البلاء، فإن الواجب الشرعي والوطني يقتضي معاملة هؤلاء المواطنين المهجرين قسرا وعنوة بمثل ما نحب أن يعاملنا الآخرون.
أسأل الله تعالى التوفيق لجميع المؤمنين لمثل هذه الأعمال وأن يمن الله على بلدنا وشعبنا بالأمن والاستقرار .
وكالة انباء براثا ( واب )
https://telegram.me/buratha