أعزتي وإخوتيأود أن أعرض بخدمتكم في أمرين مهمين:الأمر الأول يتعلق بالمنعطف الخطر في العملية السياسية وما انتهت إليه، والأمر الثاني يتعلق بتصريحات الرئيس المصري.في الأمر الأول:من حقنا كشعب يعيش في العراق أن نوجه أسئلة الى كل من يتصدى للعملية السياسية، وأرجو أن لا يحمل كلامي على مبدأ التعريض بأحد أو انه كلام لمجرد الكلام، فلا شك ولا ريب أن عملية تشكيل الحكومة قد تأخرت كثيرا والأطراف السياسية المسؤولة عن ذلك هي القوائم الفائزة في الانتخابات وبصريح العبارة هم الأكراد، السنة العرب، الشيعة.وعندما نوجه سؤالا لأي احد، لماذا تتأخر العملية السياسية؟ سنجد أن هناك أزمة ثقة بين هؤلاء الفرقاء السياسيين، بمعنى ان يحمّل احدهم الآخر مسؤولية التأخير.والذي أريد أن أقوله: لماذا الى الان لم يصرح مسؤول رسمي في الدولة ويعتذر للشعب العراقي عن ذلك التأخير، فهناك حالة من الضجر والملل والترقب التي باتت تنذر بنتائج خطرة بسبب عدم تشكيل الحكومة، بينما يحمّل المسؤولون احدهم الآخر أسباب التأخير، ولم يلتفت احد منهم الى تلك الجماهير التي خرجت للانتخابات ويحاول الاعتذار لها وتبيان أن سبب التأخير وجود بعض الأزمات، ثم إعطاء وعد مقبول ومنطقي لإقناع الجماهير.يبدو أن العملية السياسية قد تجزأت الى جزئين:جماهير تفكر وتعاني وتسأل وتطالب وتناشد من جهة، ومن جهة أخرى جهات تناقش وتحاور وتلتقي، والأولى لا يُسمع لها صوت، والثانية لا تقدر حجم التأخير وسيئاته يوما بعد اخر، تحت مظلة التسويف ( سننتهي بعد يومين ،سنحيل القضية للبرلمان........ ) وكأننا نعيش في قارة أخرى، بينما الوضع الأمني متردٍ جدا وفي كل بقعة من بقاع بلدنا أصبح هناك استهداف، وأتحدى أن يقول أحد بأن هناك مكانا مقدسا لدى الإرهابيين وان عقيدتهم تمنعهم من الوصول إليه، وهذا جامع براثا وهو بيت من بيوت الله دليل على ذلك، وكأن ديدن هؤلاء الإرهابيين أصبح استهداف المساجد والحسينيات.هذا من جانب الإرهابيين أما من جانب المصلين فارجوا أن يكون الجميع على بينة أننا سنبقى نصلي في كل مسجد مهما يكن قريبا من الإرهابيين، ولن تفت تلك العمليات في عضدنا، والجماهير أعطت وتعطي وهي على أتم الاستعداد للمحافظة على عقائدها.إن الحديث عن حالة يفترض أن تقوم بها الدولة، واعني بهم أعضاء البرلمان المائتين وخمسة وسبعين عضوا الذين أصبحت في رقبتهم العملية السياسية، وأقول لهم:إن العراق يمر بأزمات حقيقية، فاهتموا ولو للحظة واحدة بالجماهير الجائعة المتعبة الخائفة، لان عدم الاهتمام بالناس يؤدي الى لعن الحكومة وشتمها وتجاوزها أيضا من قبلهم، فلا يمكن أن نستمر بالإستماع الى تقديم التبريرات بينما الجماهير بحاجة لمن يخفف عنها، ويمد يد العون لها ، فرجاء مدو أيديكم وقلوبكم وكلامكم الى المعذبين.لماذا هذا الأسلوب من الاستغفال بحيث يخرج أحدكم على التلفاز ويحاور الآخر وكان الحوار لا يعني شرائح المجتمع السبعة وعشرين مليونا، ولكننا نسأل.. أعطونا الآن بصيص أمل فيما يحدث؟ والى متى سيستمر فتح الملفات، وكما فتح الان ملف عدم الرغبة والقبول برئيس كردي سيفح ملف آخر وآخر وهكذا، فإلى أين ستنتهي تلك الأمور؟!! ثم ألا يجب أن تصل الأمور الى نتيجة؟!إن الجميع( شيعة وسنة وأكرادا) لم يحصلوا على حقوقهم كاملة، ولكن لا يمكن أن نتصارع الى مستوى جعل صراعاتنا تنزل الى الجماهير وبالتالي هي التي ستدفع الثمن.إن وضع العراق سابقا كان وضعا مغلوطا ويحتاج الى جهود وتنازلات من كل الأطراف بهدف لملمة جراحات هذا الشعب والعبور به الى ضفة الأمان، بعد ذلك ستأخذ العملية السياسية دورا ايجابيا بطبيعتها، فلماذا في كل خطوة توضع العراقيل والمشاكل؟! أليس يفترض احترام الجماهير من قبل الذين انتخبوهم؟!!في العملية السياسية اذا لم نكن في مستوى من الصراحة ووضع النقاط على الحروف لغرض تجاوز مشكلة فلا يمكن السير قدما، إذ ليس من الصحيح تجاوز مشكلة والوقوع في غيرها بينما يزداد الإرهاب، ومؤسسات الدولة يستشري فيها الفساد الإداري وقوافل المهجرين تترى فما هي بارقة الأمل؟!!يجب أن لا نتشرنق حول ذات أو حزب أو قومية محددة، فالبلد يحتاج الى الشيعي والكردي والسني، ويجب عليهم جميعا أن يفكروا بأنه لا بد أن يخدموا العراقيين ويجازوهم على مسيرتهم التي خرجوا بها(الإنتخابات)، أما الانتظار، وهل فرجت أم لا؟! ومتى ستفرج؟! بينما أعداد كثيرة من الجرائم تقع على أمل أن تتشكل الحكومة والأخوة يستمعون الى الأخبار بدم بارد وكأن الأمر لا يعنيهم!!!أنا لا أقصد جهة معينة لذا فاني احمل جميع الأخوة قاطبة مسؤولية ما يحدث بلا استثناء، الشيعي والكردي والسني، وكل الأخوة المنتخبين يتحملون مسؤولية التأخير وسوء ما يحصل في البلد بسبب عدم حسمهم للملفات السياسية وأقول: كلما تأخر تشكيل الحكومة أكثر كلما تعقدت الأمور أكثر، وكلما تأخرتم فتحت ملفات أكثر وستفتح بدورها تعقيدات أكبر، ولا نعلم الى أين سيؤدي بنا الحال؟ وأقولها بمرارة، إن الوضع يؤسف له جدا وكان يؤمل بالأخوة أن يكونوا اكبر مما يكونوا عليه الان....ويحلوا هذه الأمور ويبشرونا بولادة حكومة جديدة في ظل دستور دائم كما يأمل العراقيون، ويعطى كل ذي حق حقه، وهذا الأمل يجب أن لا تسرقوه من العراقيين، بل ساعدوا وفكروا بالجماهير واخرجوا من هذه الشرنقة واستعجلوا، فإن استطعتم فبها، وان لم تستطيعوا فتنحوا واجعلوا من هو قادر على أن يسهل الأمر على الجماهير.الأمر الثاني: وهو الذي يتعلق بتصريحات الرئيس المصري:إن الرئيس المصري ذكر في لقاء بقناة العربية (ولا أعلم البواطن ولا أحاسب على النيات وما هو سبب الكلام فهذا لا علم لنا به والذي يحاسب هو الله تعالى، إنما نحاسب على الألفاظ).قال: إن الشيعة 65% في العراق، ثم قال: إن ولاءهم ليس للوطن وإنما ولاؤهم لإيران؟!!!و لو كان الرئيس المصري تحدث عن جهة حزبية و متصدية الى الأمر السياسي لقلنا أن هذا الأمر لا يعنينا وان تلك الجهة هي من تدافع عن نفسها وتناقش، أو نفترض انه تكلم عن مدينة محددة وقال إن هذه المدينة ليس ولاءها للعراق وإنما ولاءها لإيران أيضا نقول للمدينة: أنت تصدي للأمر.أما أن يتحدث عن الشيعة عموما بهذا المعنى "بان الشيعة ولاؤهم ليس للوطن وإنما ولاؤهم لإيران" فمن حقي أن أدافع، فان كانت الكلمة خطأ يجب أن أردها وان كانت صحيحة فيجب أن اسكت.أولا: أنا استغرب من الرؤساء والزعماء أن يكونوا بهذا المستوى من الجهل!!!!! وأتمنى لرئيس الدولة أن يكون بمستوى من الثقافة وبمستوى من العلم بحيث يدرك ويشخص موضوعات ما يحدث، علما انه ليس عيبا أن لا يفهم الإنسان ولا يعلم، ولكن عيب أن يتكلم بجهله!! فنصيحة للرئيس المصري أن يدرس الأمر بشكل جيد ويراجع تاريخ العراق قديما وحديثا بل يراجع تاريخ العراق منذ أول ما وجد فيه الشيعة ويراجع المصادر الخاصة بها وإذا اعتذر عن عدم وجود المصادر فنحن مستعدون لتزويده بتلك المصادر التي تتعلق بتواجد الشيعة في العراق.ثانيا: إن الشيعة ولاؤهم ليس للوطن وبعد ذلك قال ولاؤهم الى إيران فاني أسال سؤالا، ما معنى (الولاء)؟إن كان - من عبارته التي اعتقد أنها ليست مفهومه حتى عنده- المقصود منها التبعية بمعنى أن شيعة العراق يتأثرون بإيران فإذا كان المقصود التأثر الديني،أي أن شيعة العراق يأخذون فتواهم من إيران فأجيبه بنقطتين:الأولى أن هذه المسالة غير مختصة بشيعة العراق وإنما كل سنة العالم لهم مراكز محددة يأخذون منها معالم الدين كالأزهر، ففي مصر وتونس والمغرب يأخذون فتواهم من مصر.الثانية أن هذا الأمر أيضا غير صحيح لان شيعة العراق هم في الواقع أصحاب المدرسة الشيعية والفكرية الأولى في العالم، وان النجف الاشرف معقل التشيع، أسسها الشيخ محمد بن جعفر الطوسي، والآن لأكثر من ألف سنة منها تصدر النجف الاشرف ما تصدر، وهذا لا يمنع أن تكون هنالك مصادر أخرى في إيران وقم وفي مشهد، وان الشيعة يرجعون في فتواهم الى هناك فهذا خطا واضح بل بالعكس إن شيعة إيران -ومع كل اعتزازي بهم- الكثير منهم يأخذون فتواهم من النجف الاشرف، فيفترض أن إيران ولاءها الى النجف الأشرف وليس العكس!!وان كان المقصود من عبارته أن الجهات السياسية نشأت وترعرعت في إيران(وإن كان مقصوده غير ذلك لأنه قال الشيعة، ولكن نقول على سبيل الفرض) فهذا صحيح فبعد أن خرجت من العراق نتيجة ظلم شقيقك وأخيك في العروبة صدام!! وذهبت الى إيران والى سوريا في الوقت الذي أوصدت في وجه العراقيين جميع أبواب الدول العربية والأمر ليس ببعيد.ففي التسعينات في عام 1991 و1992 الى حين 9/4/2003 ليعطوننا اسم دولة عربية كانت تستقبل المواطن العراقي (الشيعي خصوصا )الهارب من جحيم صدام ، فيا أيها الرئيس كنت أتوقع في الواقع منك علما أكثر من الذي تفوهت به!! وإن ما ذكرته لا صغرى ولا كبرى فيه صحيحة.إن تاريخ العراق الان قائم على هذه 65% -التي تفضلت بها- والآن ارجع الى الاستعمار في بداية حركات تحرير العالم ولا أريد أن اذكر بثورة العشرين وغير ثورة العشرين وبأم عينيك تصفح جميع ما كتب واسأل عن شيعة أهل البيت عليهم السلام وما هو نصيبهم من تاريخ العراق السياسي، وفي نفس الوقت أوجه نصيحة لهذه الشخصية الرسمية أن تتعلم وان تدرس وان تقرأ لان كلامها مؤثر، ومن العيب أن يكتشف إخوتنا الصغار والكبار جهل رئيس دولة عربية مهمة في تاريخهم، لأن من العيب أن يتصف الرئيس بالجهل بل يجب أن يتصف الرئيس بالموضوعية والحيادية.إن الوضع السياسي تارة يجعلك تتحدث عن جهة سياسية وهي تتكفل بالرد، أما أن تتحدث عن شريحة مهمة وعن عقيدة مهمة وعن تاريخ فهذا في الواقع لا يغفر لك، ولا أجد مبررا منطقيا ومعقولا لتفوهه بهذا إلا شيء واحد وهو انه رجل لا يعلم حقيقة الأمر وتكلم عن جهل وأتمنى من الله تعالى أن يتعلم وأن يرتفع هذا الجهل ويصبح عالما حتى ينطق بموضوعية عن حقيقة الأمر ويتداركه إن أراد أن يتداركه.