الشعر

الحاج حسين الوائلي.. الفطرة والارادة الربانية جعلته شاعرا حسينيا

2729 11:06:00 2013-11-13

 

حيدر الجزائري

حين يكون الشعر لصيقا بك لا يمكنك ان تتخلص منه او ان تتوقف عن الترنم بايقاعه السحري، فتاثيره لا يتوقف على الشاعر نفسه انما يتعداه الى المستمعين المولعين بالشعر، لكن ان كان هذا الشعر يتعلق بقضية، او مبدأ فأن نتائجه ستكون بحسب الواقع السياسي الذي تعيش فيه، ان كان يتفق معك او يعارضك، واذا كان الاخير فأن النتيجة ستكون وخيمة، وكم من شاعر عراقي فيّبه النظام السابق او فرّ حيث المنافي المنتشرة في بقاع مختلفة من العالم ولكن ارادة الله عز وجل كانت اقوى من كل الطغاة والجبابرة، فقد شمل بعطفه الشاعر الحسيني الحاج حسين الوائلي، وابعد عنه عيون المخبرين يوم لم يكن يستطع احد ان يختفي عن ابصارهم بعدما تفوّه بكلمة لا تسر النظام.

الوائلي من مواليد منطقة الجزيرة عام 1929، واحيانا يشير الى ان ولادته كانت في عام 1930، الا انه لا يرى اي فرق ما بين العامين فالسنة الواحدة لا تشكل شيئا عند العراقيين بعدما اضاعوا عقودا عديدة من اعمارهم، في تلك السنوات من ولادته كان العراق يرضخ تحت الحكم الملكي، والنظام الاقطاعي الصارم، يقول الحاج الوائلي في حديثه لراديو المربد " في عام 1936 هجرونا الى منطقة الكرمة، شمالي البصرة،  واشترى والدي ارضا تقدر بـ 12 دونما بـمبلغ 150 دينار بمشاركة بعض اقاربه لانه لم يكن يمتلك المبلغ" وهكذا حط الرحال بهم في قرية البو حلوة.

تزوج الحاج حسين الوائلي اربع نساء وله من الاولاد 11 ولدا حيث كان زواجه الاول في عام 1951 ويقول انه كان يقول الشعر قبل زواجه بعامين.

اشتغل الحاج الوائلي في منطقة الاهوار، حيث الطبيعة الخضراء التي أدخلته الى آفاق الشعر، فكان يستمع للصيادين وهم يرددون الابوذيات في عمق الهور وتحت فيء قصب البردي، استهواه هذا الحديث الذي يدخل القلب، ولم يكن حينها يدري ان هناك طاقة خفية بداخله ستحلق به حيث فضاءات الشعر الرحبة، ويتحدث عن المفارقة التي ادخلته للشعر انه كان يبيع السمك الذي يصيده في الهور بمنطقة العشار، وذات يوم اراد شراء حاجة من دكان الملا جعفر السوداني الواقع في منطقة سوق الهرج الا انه استمع للملا وبعض من كان معه وهم يترنمون بالشعر، وحين سأله السوداني عن سبب وقوفه قال له جذبني الحديث وانا قادر على حفظ كل ما تتحدثون به من شعر، وما بين استغراب الملا جعفر وكان شاعرا شعبيا طلب منه ان يردد ما قالوه فكان له ما اراد حيث ردد الحاج حسين الوائلي الابوذية التي رددها الملا جعفر واستغرب الحاضرون وكان منهم كما يذكر الوائلي " حجي جبار وملا ناصر التميمي وملا جعفر السوداني وحجي عبد مبارك من منطقة الكرمة" الذين اعطوني شهادة باني ساكون شاعرا كبيرا.

من هنا بدأت الفطرة تاخذ مفعولها واستطاع الشاعر الحسيني الحاج حسين الوائلي ان يفهم ان ما يمتلكه من قدرة كبيرة وخارقة على الحفظ انما هي ارادة ربانية خاصة وهي رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب.

يقول الوائلي:" ذات ليلة حفظت 53 بيتا للشعر الملمع وهو من الاجناس الصعبة في الشعر الشعبي حيث يتكون من صدر (بالفصيح) وعجز (بالعامي) فيما يقرأ لنا ابياتا من الابوذية كتبها منذ زمن بعيد ويردد " اتحدى كل الشعراء في كتابة الابوذية والموال". مبينا انه لم يتأثر باحد وقد تعلم الشعر بنفسه.

ويكشف الوائلي عن تاريخ الابوذية بحسب تجربته انه كان في عام 1950 كان يتردد على الحاج عبد النبي مظفر النداف وهو شاعر ابوذية و يعمل ندافا في سوق المدينة واخبره المظفر ان الابوذية وجدت قبل 120 سنة وكانت بداياتها في الناصرية التي يسمونها لواء المنتفج انذاك وهي  تتضمن الحكم والمواعظ ولا تعتمد فقط على وصف النساء وغيرها من الاوصاف.

يحفظ الوائلي قصائد كثيرة لشعراء الفصيح الا انه يتحرج من القائها بسبب عدم درايته باحكام القواعد على حد قوله وهو يضيف ضاحكا:" لا اريد ان ادخل للفصحى حيث الجار والمجرور الذي لا اتقنه". الا انه كتب اكثر من 500 بيت من ابوذية وزهيري ويحفظها عن ظهر قلب. ويصف طريقته بكتابة الشعر انه يضع اهزوجة (هوسة) ويضيف لها موالا ويصقلها صقلا وكما يقول (اشكها شك).

ويشير الى ان اجمل الشعر هو الذي كتب في حب الحسين وانا شاعر الامام الحسين وبين انه في عصر الشباب كتب شعرا وصفه بالشعر الغرامي لكن في 1976 ذهبت الى الحج  وفي مكة كتبت الشعر الديني..ويقرأ علينا واحدة من ابوذياته التي كتبها قبل تاديته لمراسم الحج قائلا:

شقدم للهوت وصلي وشمها

شبه ياقوت المطرز وشمها

اشبكتها وكامت اتشمني واشمها

ابشفاها والجعر جلجل عليه

وعن ارشيفه الشعري يشير الى ان اولاده " عزيز وحيدر" وهم شعراء يوثقون كتاباته ولم يفكر يوما باصدار ديوان له الا ان كتاباته جمعت في دفتر صغيرا فيه اكثر من 1000 الف بيت واوصى ان لا يطبع الديوان الا بعد وفاته.

في فترة النظام السابق كانت قصائده يرددها العامة و كان هو يتهرب من ازلام النظام ويقول "كنت اتنقل من مكان الى اخر خشية من القاء القبض علي بسبب قصائدي الحسينية". وقد قرأ قصائده عدد من الرواديد (المنشدين) وهو لم ينتسب الى اي جمعية او اتحاد.

وقبل ان نغادره ردد الشاعر الحاج حسين عبد الحسن سبتي الوائلي هذه الابيات:

"يا حسين يوم الحرب من يوم شخصك علن

واركان دين النبي فوك ابنهضتك علن

رادت جيوش العدا منك تحصل علن

ليزيد يبقى الحكم ذلة واوامر يرن

ما تقبل عقول بيها ولا  نواظر يرن

من الكوفة للشام وجيوش ابعددهن يرن

بالطف صدى اصوات تتعالى ورجولة وعلن"

.....................................................................

22/5/131113تحرير : علي عبد سلمان

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك