الشعر

شرف المتنبي الرفيع

2658 2022-08-24

حمزة مصطفى ||

 

قضى المتنبي, شاعر العربية الأفخم, عمره يهدد ويتوعد. أنانيته المفرطة قادته الى جملة من المشاكل والأزمات والإشكاليات مع نفسه ومع ناقته ومع حصانه ومع سيف الدولة ومع الأستاذ كافور الأخشيدي. لم يزد في الشعور بتفوق النفس عن المتنبي سوى إمرئ القيس. ومع أن رواة الشعر من أمثال خلف الأحمر وحماد عجرد ومن بعدهم المشككون من كبار الأدباء وفي مقدمتهم عميدهم طه حسين ليسوا متأكدين من أن صاحب قفا نبك  هو القائل عند عودته من رحلة العار الى هرقل الروم "ولو أنها نفس تموت جميعة .. ولكنها نفس تساقط أنفسا", لكنهم متاكدون واثقون أن المتنبي هو صاحب هذا البيت "ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي .. أنا الثريا وذان الشيب والهرم. ليت الغمام  الذي عندي صواعقه .. يزيلهن الى من عنده الديم". لست أريد الإسترسال والإ لأوردت أبياتا أخرى على  شاكلة "أنا الذي نظر الأعمى الى أدبي ..الخ" وسواه لكن ما أريد قوله أن المتنبي كان واثقا مطمئنا لأن مفهومه للشرف الرفيع يختلف عن مفاهيم عصرنا ومشاكله ومنغصاته التي يمكن أن تطلع لك حتى بصينية فطورك وأنت تزدرد بيضة مسلوقة أو خبط مع لطعة عسل وقيمر إن وجد.

المتنبي خصم القصة منذ البداية بقوله "لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى .. حتى يراق على جوانبه الدم". لم يكن المتنبي في هذا البيت أو سواه الإ جزء من تركيبة عصره وفهمه لدواعي الشرف ومفاهيمه ودوافعه وكيفية الدفاع عنه. الوسيلة الوحيدة التي بقيت متاحة للدفاع عن الشرف هو الدم وبلغة عصرنا "غسل العار". لكن هل طرأت معايير جديدة بحكم العصر وتقنياته وأخيرا وسائله الإعلامية ووسائطه المجتمعية التي نختصرها بـ "السوشيال ميديا" حول مفهوم الشرف؟ الإجابة عن هذا  السؤال تبقى تراوح في منطقة قلقة بين مفهوم ثابت للشرف لايتغير بصرف النظر عن كون المجتمع متقدما أم متخلفا وبين مابات يسمى اليوم إنتهاك الخصوصية؟ لكن ماهي الخصوصية؟ شرعا الفواحش ومنها الممارسة الجنسية خارج مؤسسة الزواج حرام وهو ما لايحتاج الى توضيح طبقا للقران الكريم. لكن حين جاء ذكر "الزنى" فإن الأمر إحتاج الى توضيح وشهود لإثبات الواقعة. الزنى حرام بوصفه فاحشة لكن إتهام شخص بممارسته يحتاج الى أدلة وأدلة صارمة "أربعة شهود يرون الواقعة كاملة" أي وفقا لمعاييرنا اليوم "صوت وصورة". لماذا؟ حتى لايتهم الناس بالباطل. وفي حال الإثبات تترتب عقوبة دنيوية على الزانية والزاني مع أن هناك  عقوبة أخرى أخروية تنتظرهما كون آية التحريم  صريحة.  

نقف هنا حيال أكثر من إشكالية بشأن مفاهيم الشرف من جهة وهو بعرف المتنبي شرف رفيع يستوجب إراقة دماء للذود عنه, ومفاهيم الخصوصية وكيفية إنتهاكها من جهة أخرى. أين تقع واقعة أو حادثة التقاط  صورة في تجمع عائلي بصرف النظر عما يبدو من مشهد حميمي نوعا ما  في طريقة أو زاوية التقاط الصورة؟. هنا نقف حائرين بين النظر الى الأمر من زاوية حسن النية طالما أن الأمر معلن وأمام الملأ وبين العودة الى مفاهيمنا الثابتة عن الشرف الرفيع ومن ثوابته عدم مشروعية المشهد بصرف النظر إن كان عائليا معلنا أم خاصا خلف حيطان التي  بالضرورة لها كما تقول الأمثال آذان. وآذان حيطان أيام زمان تختلف عن آذان حيطان اليوم. في الماضي "بسبسة" وكلام قد "يودي في داهية" أو قد لايؤدي , بينما اليوم مشهد ينتشر بعد لحظات من نزوله على أول هاتف خلوي مثل النار في الهشيم. وما نار السوشيال ميديا الإ من مستصغر .. الصور.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك