عامر جاسم العيداني ||
جامعة البصرة هي إحدى أكبر وأقدم الجامعات في العراق. تقع في مدينة البصرة في جنوب العراق. ... تأسست جامعة البصرة في الأول من نيسان (أبريل) سنة 1964، وتم بنائها في الجانب الشرقي لنهر شط العرب ، في منطقة تسمى التنومة (قضاء شط العرب)، وهي منطقة زراعية معزولة وقلة عدد سكانها من الحضر يسكنون في دور تمتد على جانبي الطريق الموصل الى جامعة البصرة .
وكان الوصول الى الجامعة بالنسبة للطلبة يعتبر معضلة ومعاناة بسبب عدم وجود جسر يربط بين ضفتي النهر ، حيث يتم العبور باستخدام الزوارق الخشبية (البلم) واخرى ذات تعمل بمحركات الديزل او بالعبارة (الطبكة) التي انشأتها بلدية شط العرب وهي صغيرة الحجم تسع لحمل سيارتين وعدد قليل من الركاب .
في عام 1967 قامت جامعة البصرة بالتعاقد مع المقاول ثابت سعيد نعوم وشركاؤه لانشاء معبرين ، وبدوره تعاقد مع المتعهد الحاج كاظم جعفر عمران العيداني الملقب بـ ( الحداد ) وشريكه كاظم محمد سعيد ، حيث بدأ العمل نهاية عام 1967 .
وتحاورنا مع ابن العم الحاج جواد الحاج كاظم الحداد بما تجول به ذاكرتنا حيث كنا نعمل من ضمن طاقم العمل ، في عملية بناء المعبرين اللذين تم تسميتهما على اسمي الرحالتين والعالمين العربيين ( ابن ماجد و ابن فضل النجدي ) في منطقة نهير الليل على ضفة شط العرب في مرفأ (كودي كما يسميه اهل الشط ) الذي يملكه الحاج عبدالحسين جيتا (شركة كوكل ) والتي تقع قرب مكابس 7 نيسان للتمور ومجاور لبيت مارين (العائلة المشهورة بصناعة التمور ) .
وكانت عملية بناء هياكل المعبرين يعمل فيها عدد من الفنيين والعمال اطلقت عليهم عناوين وظيفية مستمدة من اللغة الانكليزية ، البليتر.. مفصل الصفائح (البليت) وحديد الزاوية ومعه خمسة عمال يساعدونه . والبرشام (الرفيتر) طارق المسامير لربط الصفائح بواسطة المشن(مطرقة الهمر الهوائية) التي تعمل على ضغط الهواء ، والسندلجي الذي يقوم بسند المسمار من الجهة الخلفية باستخدام المطرقة ليقوم البرشام بطرقه ، والنفاخ الذي يعمل على كورة الفحم الحجري (الكوك) من احماء المسامير الحديدية لتصل إلى درجة التوهج والاحمرار، والحماي الذي يتناول المسامير بواسطة الملقط (المنكاش) ليضعه في ثقوب الصفائح.. واللحام الذي يقوم بربط قواعد المكائن وهيكل(القمارة) غرفة القيادة..
وللتاريخ ذكر اسماء الذين عملوا في بناء المعبرين ، وهم كل من ( الحاج خيري جعفر عمران العيداني ، الحاج ناصر حمد الكطان ، جلوب حسين ، جاسم محمد حيث وظيفتهم (بليترية ) . وجاسم جعفرعمران العيداني ، حسن حمد الكطان ، عباس الحجي ( ربيترية ) . وشاكر سويد ، قاسم حسن ، (لحيمجية) . وعامرجاسم جعفر ومصطفى كاظم جعفر ( النفاخين ) . بالاضافة الى عمال (السندلجية) ، والحاج جواد كاظم كان جوالا بين المهن ومحاسبا ،وغيرهم لم تسعفنا الذاكرة بذكرهم . وكانت اجور جميع العاملين لا تتجاوز ال (مائة دينار ) اسبوعيا .
ويذكر ان المنطقة التي تم بناء المعبرين فيها ، كان يسكنها النازحين من مناطق الهور ومحافظة ميسان في دور من القصب حيث يعملون في معامل كبس التمور ونقلها الى الزوارق التي تسمى (المهيلة ) المصنوعة من الخشب .
وقد انتهى العمل في العبارتين منتصف عام 1968 وتم تسليمها الى جامعة البصرة وبأشراف المكتب الاستشاري للجامعة ومهندسي دائرة التفتيش البحري التابعة لشركة موانئ العراق ، ودخلتا للخدمة بنقل الطلبة بين ضفتي شط العرب بالتناوب ، وهي للتوضيح لمن لم يعرفها هي عِبارة عن (زورقين كبيرين) مرتبطين مع بعضهما وتكون مسطحة ومحاطة بسياج حديدي وفيها بوابتين متخالفتين في العمل عند العبور من جانب الى الجانب الآخر ,أي بوابة الصعود في الذهاب تكون بوابة النزول في الآياب ..وهكذا بالتعاقب ذهاباً وآياباً,وفي كل زورق محرك ضخم ذو صوت عالي ومميز , وكانت لهذه (الطبكة) القدرة على حمل عشرات الأشخاص على سطحها المنبسط , ولها مرسى خاص على ضفتي شط العرب,حيث تنقل ستة سيارات وعدد كبير من الطلبة واهالي منطقة التنومة لفترة امتدت حتى بداية الثمانينات حيث دخلت الحرب العراقية وتسببت بتهجير اهالي منطقة التنومة مما أدى الى غلق الجامعة ومن ثم هدمها بالكامل ، ونقلها الى الكرمة في موقعها الحالي .