بغداد/ إيناس جبار
في إحدى أروقة محاكم بغداد، بدت إحدى المواطنات، وهي في العقد الخمسين من عمرها مستاءة مما كانت تنتظره، وعند سؤالها من قبل مراسل "القضاء" أخبرته بأنها كانت تنتظر أن يصدر قرار بوفاة زوجها الذي خرج إبان أحداث (2006) ولم يعد، لكن القرار المنتظر لم يصدر واخبرها الموظف بأنه يتعين عليها بعد طلب إعلان الوفاة الانتظار مدة أربع سنوات وفق القانون حتى يتم الإعلان عن موته ما لم يتضح خلاف ذلك وان جميع المعاملات المتعلقة بأبنائها من ارث لحين صدور قرار محكمة بوفاته.
إلى ذلك، نقلنا السؤال إلى قضاة متخصصين بالشؤون الشرعية وتحدثوا عن هذا الموضوع، مشيرين إلى أن "المفقود بحكم الحي قبل أن يتم التحري عنه والانتظار أربع سنوات".
ويقول القاضي ناصر عمران إن "المفقود لا ورث أو تركة لأنه يعتبر على قيد الحياة لكنه غائب أو منقطعة أخباره"، لافتا إلى أن "تركته أو ميراثه يستحصل فقط بعد إعلان وفاته رسميا بقرار محكمة بعد أن يقدم ذووه طلبا إلى المختصة بإعلان وفاته واستحصال أوراق رسمية بذلك".
يضيف القاضي "بعد صدور حكم قضائي بوفاته واكتساب القرار الدرجة القطعية فان الحصص بالميراث والتركة تقسم وفقا لقانون المواريث وطبقا لحصص الورثة حاله حال أي شخص متوفى".
ويواصل القاضي إن "المادة (94) أوجبت على المحكمة التحري عن المفقود بكافة الطرق قبل الحكم بموته، ذلك لأهمية الآثار المترتبة على انتهاء حالة الفقدان شرعا وقانونا منها آثار شخصية تتعلق بزوجته إذ إنها وفي الحالتين المرتبطتين بالمدة (2، 3) تفترق عنه حكما بعد أن تلزم نفسها بالعدة وهي عدة الوفاة إضافة إلى الأموال المنقولة وغير المنقولة التي تعود له والتي ستقسم على ورثته طبقا للحصص الشرعية وأحكام الميراث"، لافتا إلى انه "ميراث المفقود يتناول حالتين أولها مرتبطة بتركة المفقود وارث الغير من المفقود وهذا الغير أما وكيله الذي وكله على ذلك قبل الفقدان أو الوكيل الذي يعينه القاضي والوكيل يستمر بالقيام بحفظ أموال المفقود واستثمارها وله حق التصرف طبقا لوكالته عن المفقود التي لا تنتهي بحالة الفقدان وإنما تستمر".
ويوضح بخصوص الوكيل القيم الذي تنصبه المحكمة طبقا للمادة (88) من قانون رعاية القاصرين فأنه "إذا لم يكن للمفقود وكيل فان هذا القيم يكون تحت إشراف مديرية رعاية القاصرين طبقا للمادة (90/ ثالثا) وقد نص قانون رعاية القاصرين على كيفية إدارة شؤون المفقود في المواد (88 _ 99)، وبعد تحقق موت المفقود حكما يرثه من كان وارثا وقت تحقق الموت أو وقت الحكم بالموت دون من مات قبله، هذا إذا لم يسند الحكم الموت الى وقت سابق على صدور قرار الحكم وبذلك يرثه من كان وارثا".
ويعرج عن الحالة الثانية إذ كان المفقود وارثا لغيره ويقول ان "المفقود لا يرث من غيره وإنما يوقف نصيبه من التركة ويحجز احتياطيا لاحتمال عودته حيا، وعلى ضوء ذلك فالأمر محصور بحالات معينة وهي (إن المفقود هو الوارث الوحيد خلال فترة فقده لمن مات ويحجب من يكون معه حجب حرمان هنا لا تقسم بل توقف كلها حتى تنجلي حالة الفقدان، وثانيا أن يكون مع المفقود ورثة آخرون وأنصبتهم ثابتة على التقديرين -تقدير حياته وتقدير مماته- ففي هذه الحالة يعطى كل وارث نصيبه ويحجز نصيب المفقود فإذا ظهر حيا أخذه كاملا وان ثبت موته حقيقة او حكما رد المحجوز لبقية الورثة كل بنسبة نصيبه وأخيرا أن يكون معه ورثة آخرون تختلف على التقديرين أعطى كل واحد منهم اقل النصيبين وحجز فروق الأنصبة مع ما حجز للمفقود حتى يتضح أمره وعلى فرضين إن المفقود حي والفرض الثاني إن المفقود ميت".
وفيما إذا كانت هناك حالات عاد فيها المفقود، وعن تكييفها القانوني يقول إن "المادة (97) نصت على أن تعود أموال المفقود إليه عند حضوره، أو تسلم إلى ورثته عند ثبوت وفاته حقيقة او حكما وتسري عليه المادة (59) من قانون رعاية القاصرين والتي تسري على الصغير عند بلوغه سن الرشد المادة (59) أولا منه".
ومن جانبه يفصل القاضي محسن فاضل أن "المفقود كشخص لا يحق لورثته اخذ الميراث كونه الغائب الذي انقطعت أخباره ولا تعرف حياته من مماته وتنتهي النية بزوال سببها أو موت المفقود"، لافتا إلى أن "المحكمة تستطيع أن تحكم بموت المفقود إذا مرت أربع سنوات على إعلان فقدانه وفقا لقانون رعاية القاصرين النافذ".
ويضيف القاضي انه "إذا كان للمفقود ورثة أبناء وحكم القاضي بموته فينتقل نصيبه إلى أبنائه وإذا لم يكن له أبناء إلى ورثته المستحقين عند عدم وجود الأبناء".
كما بين ان "المدة الزمنية التي يحق للورثة المطالبة بالإرث بعد فقدانه تكون بعد صدور حكم القاضي بموته أي أن أمواله لا تنقل إلا بعد الحكم، فلا يعطى حق ولا يورث حتى يتبين أمره حقيقة أو حكما ويوقف نصيبه في التركة حتى يظهر أمره".
https://telegram.me/buratha