بهاء الخزعلي||
عام ١٩١٤/م أغتيل ولي العهد النمساوي فرانس فردناند علي يد طالبا صربيا، بما عد تأريخيا شرارة الحرب العالمية الأولى،فهل يصبح أغتيال الشهيد الجنرال قاسم سليماني شرارة حربا عالمية ثالثة خصوصا و أنه قد مر عام من التصعيد على أغتياله والى الأن لم تحل ملابسات القضية، بل ما زاد الوضع توتر عملية أغتيال العالم النووي الإيراني الشهيد حسن فخري زاده.
v سيناريو الحرب:
يعد ترامب هو الرئيس الوحيد من زمن جيم كارتر لم يخض حربا خارجية، وكذلك أن ترامب على مدى ٤ أعوام من ولايته لم يحقق أي مكاسب إستراتيجية من خلال إقدامه على جريمتين كبيرتين بأغتيال الجنرال الشهيد سليماني وكذلك أغتيال الشهيد حسن فخري زاده بالتعاون مع الموساد،حيث أن أغتيال الشهيد سليماني لم يوقف عمل فيلق القدس ولا أغتيال الشهيد حسن فخري زاده أوقف النشاط النووي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، أما بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية فيكفي تصريح وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف عندما قال (أدارة ترامب بالتعاون مع الكيان الصهيوني يدبرون لمؤامرة لخوض حرب في المنطقة) وذلك يشير الى ضلوع اللوبي الصهيوني بالدفع بإدارة ترامب لإرتكاب حماقة جديدة،ناهيك عن تصريح رئيس البنتاغون الذي عبر عن مخاوفه لصحيفة نيويورك تايمز من أصدار إدارة ترامب لعمليات سرية أو علنية ضد إيران خلال الأيام الأخيرة لإدارته،كما يرى بعض المراقبون أن قطع ترامب إجازته السنوية والعودة من فلوريدا مع إلتزامه الصمت الغير معروف به في مثل هذه المواقف،ومن ناحية أخرى حظر فريق بايدن من حضور إجتماعات البنتاغون والإيفادات الأمنية هو مؤشر بأن هناك شيء يدبر في الخفاء، وقد يقدم ترامب بمقتضى البند الثاني للدستور الإميركي على توجيه ضربة لإيران أو حلفائها في المنطقة وهنا يصبح الرئيس زعيم الأمن القومي وبالتالي هناك من يلوح من حوله لضرورة بقائه في المنصب، وقد يذهب الأمر أبعد من ذلك فقرار توجيه ضربة ضد أيران في مثل هذا التوقيت يعد بمثابة إنتقام لترامب من جو بايدن بعد فوز الأخير بالانتخابات الرئاسية مما يثقل كاهل بايدن بتسلمه أرث ثقيل يمنعه من العودة الى طاولة الأتفاق النووي مع أيران.
v سيناريو اللاحرب:
الإنفصام في شخصية الموقف الأميركي الواضح للعيان،حيث أن المؤسسة السياسية لا تريد إفتعال أزمة سياسية أخرى مع إيران وذلك يحد من حظوظ ترامب لأرتكاب أي حماقة جديدة ضد الجمهورية الإسلامية على الرغم من وجود تيار أخر متمثل في صقور البيت الأبيض الذين يريدون منح ترامب فرصة جديدة،ليس فقط بأتجاه تحريك السياسة الخارجية بل أيضا بمحاولة الانقلاب على إرادة الناخبين ، كذلك الأنشقاق الواضح في داخل البنتاغون المتمثلة بتيار يقوده الجنرال ماكينزي قائد القيادة الوسطى الذي يرى خطر بالتحركات الإيرانية في المنطقة وبين تيار أخر يقوده الجنرال ميلي قائد القوات المسلحة الأميركية الذي يرى أن الادارة الأميركية ينبغي أن تتحسب لكل ما هو متوقع وغير متوقع من الجمهورية الإسلامية الإيرانية لكن لا يجب عليها أن تقرأ التحركات الإيرانية بأنها توشك على شن هجوم على الولايات المتحدة ،كما أن زيارة ميلي الى الكيان الصهيوني قبل بضعة أيام يعتبر رسالة لطمأنت حكومة الكيان الصهيوني القلقة من الأدارة الأمريكية الجديدة،وكذلك قد يعتبر أنه جاء بتكليف من بايدن وليس من إدارة ترامب وذلك لأن ميلي رئيس أركان الجيش الاميركي وليس وزير الخارجية ولا وزير الدفاع لأن الأخيرين كلهم راحلين برحيل إدارة ترامب أما رئيس أركان الجيش سيبقى حتى في حال تغير الإدارة الأميركية الا أن يتم تغييره من قبل رئيس الولايات المتحدة بقرار رسمي، أما بعد قرار القائم بأعمال وزير الدفاع بسحب ناقلة الطائرات نيمتز من الخليج والعودة أدراجها فذلك يشير ألى ان الادارة الأميركية قد تحد من نسبة التوتر في المنطقة،أما من ناحية دستورية فتنحصر سلطة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته (ترامب) بحماية البلاد وليس بشن حرب خارجية، مما يستوجب الحصول على تقارير إستخبارية من ١٣ جهاز إستخباري أميركي يؤكد بها وجود تهديد إيراني للأمن القومي الأميركي،وهو ما لا يستطيع ترامب الحصول عليه خلال أيامه المتبقية في الرئاسة، أضافة الى علاقة ترامب المتوترة مع القادة العسكريين خصوصا بعد إقالته لوزير الدفاع الأميركي مارك أسبر مما يقلل من تأثير عليهم في حال قرر توجيه ضربة عسكرية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية،كما أن أفتعاله ذريعة لشن حرب ضد إيران في الأيام الأخيرة لولايته قد تحد من حظوظه في حال أراد الترشح لولاية جديدة في عام ٢٠٢٤/م ، ناهيك عن الخلافات الواضحة بالمواقف خصوصا بين ترامب وبين نائبه المقرب مايك بنس،فكل تلك العوامل قد تذهب بنا الى نهاية التصعيد والتهدئة الى حين تسلم بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية، وقد يرى بعض المراقبون أن تصريحات الجانب الإيراني المتمثلة بإسماعيل قاآني قائد قوة القدس بتحديد الزمان والمكان لخوض المواجهة هي مناورة سياسية لكسب الوقت لحين تسلم بايدن الرئاسة، كما أن تصريح أحد كبار المسؤولين في إيران بأن أنسحاب القوات الأميركية من المنطقة هو جزء من رد الثأر للشهيد الجنرال سليماني هو نوع من تخفيف التوتر وتلويح للمفاوضات مع بايدن في حال سحب تلك القوات.
v من ذاكرة البيت الأبيض:
في تأريخ الولايات المتحدة أمثلة عديدة عن رغبة إداراة أميركية عن توجيه ضربة اللحظات الأخيرة لإيران، من بينها الأيام الأخيرة لإدارة جورج بوش الأبن عام ٢٠٠٨/م عندما سعت حكومة الكيان الصهيوني القلقة من إدارة باراك أوباما القادمة حينها للحصول على قنابل خارقة للتحصينات وقاذفات قنابل،إضافة لمساعدة إستخباراتية من الولايات المتحدة بهدف تنفيذ هجوم إسرائيلي على أهداف إيرانية في الأيام الأخيرة لولاية بوش الأبن،الا أن العملية أقتصرت حينها على شن هجوم إلكتروني ضد منشأة نتانز الإيرانية.
v جانب من التجاذبات على مدى عام :
على مدى عام من التجاذبات والتصعيد بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية ومنذ أغتيال الشهيد الجنرال سليماني،
*في ٤يناير هدد ترامب بضرب ٥٢ موقع إيراني في حال أقدمت الجمهورية الإسلامية على إستهداف الأميركيين ثأر لأغتيال الشهيد سليماني.
* في ٨ يناير أستهدفت الجمهورية الإسلامية قاعدة عين الأسد الأميركية في العراق وذلك كان أول ردا للثأر لأغتيال الشهيد الجنرال سليماني.
* في ٢٠ أغسطس فرضة إدارة ترامب عقوبات أممية على إيران وقالت ستطبقها في ٢٠ ديسمبر، لكن قرار مجلس الأمن جاء بالرفض على الطلب الأميركي،حينها قالت أيران أن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد طرفا في الأتفاق النووي.
* في ٢٣ أكتوبر فرضت واشنطن عقوبات على السفير الإيراني في العراق وفي نفس اليوم جاء الرد الإيراني بالمثل حيث فرضت الجمهورية الإسلامية عقوبات على السفير الأميركي في العراق.
*في ١٧ نوفمبر ذكرة صحيفة نيويورك تايمز بأن ترامب سأل مستشاريه عن خيارات أستهداف موقع نووي إيراني لكنهم أثنوه عن ذلك.
كل هذه التجاذبات والمواقف توحي بأن الطرفين على دراية بأن لا الزمان ولا المكان مناسب للذهاب إلى مرحلة المواجهة وخوض الحرب على الرغم من غياب العقلانية لدى بعض الشخصيات من الجانب الأميركي.
v ختاما:
على الرغم من الأجماع بعدم قدرة المراقبون بتوقع تصرفات ترامب الا أن المرجح أنه سيرحل بلا حرب وذلك لا ينفي محاولته من أفتعالها، وقد يعتبر كل هذا التصعيد نوع من الحرب النفسية لردع أي عمل يقدم عليه محور المقاومة و أيران كضرب المصالح الأميركية في المنطقة أو أستهداف حلفائها، أما بالنسبة للرد الإيراني فالمتوقع قد يكون في ولاية بايدن وقد يكون الهدف ليس الولايات المتحدة فقط، فتصريحات نائب قائد قوة القدس الجنرال محمد حجازي الى قناة الميادين في يوم ٣/١/٢٠٢١ عند سؤاله عن عمليات عسكرية أسرائيلية ضد مواقع إيرانية في سوريا قال الجنرال (أغلبها كاذبة والكيان الصهيوني على علم ودراية أن أي إيراني يقتل سوف نرد بقوة)وكأنه يشير الى الثأر للشهيد حسن فخري زاده، وعندما سوئل عن وجود صواريخ دقيقة لدى المقاومة الإسلامية في لبنان المتمثلة بحزب ألله رد قائلا (السيد حسن نصر الله رجل صادق الحديث ولا يتكلم لأجل الإعلام فقط وعندما يقول وصلت الصواريخ الدقيقة لأيدينا فأنه يمتلكها فعلا وعلى الاعداء الخوف من تأثيرها وعددها) ومن خلال هذه التصريحات يتبين جليا أن الكيان الصهيوني هو هدف يدخل في جدول الأهداف الإيرانية لرد الثأر.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha